تذوّق قطرة العسل المصفّى

طالب همّاش

[email protected]

ريح ُالجرودِ

وسوطها الشوكيُّ في الإعصارِ

واسترجاعها المذبوح ُبالحمّى على الأشجارِ

إنشادُ الأناشيدِ العظيمةِ عند أطرافِ البحيراتِ

احتراقُ الروح ِبالناياتِ من شجن

 يرقرقُ صوتها قصب ُالنهاياتِ العليلْ  .

*       *       *

وتفلُّجُ الفجرِ  المقطّرِ من دموعِ أنوثةٍ ثكلى

تذوّقُ قطرةِ العسلِ المصفّى

من فمٍ ظمآنَ

والخسرانُ والفقدانُ

يدفعني إلى هذا الرحيلْ  .

*       *       *

للركضِ خلف عقاربِ الساعات ِ

في الفلواتِ

بحثاً عن غزالِ الموتِ ما بين الشعابِ

عن الينابيعِ التي  اغتسلتْ بماء ِدموعها

الجوفيِّ  أوّلُ طفلةٍ

 شهدتْ شروق َالشمسِ  في الأعرابِ

والإنصات ُللصمت ِالسماويِّ المقدّسِ

في تأنّثهِ الجميلْ  .

*       *       *

والاحتضارُ العذبُ

في الأرضِ ا لمقميةِ في طريقِِ البرقِ

كالشعراءِ

حيث الصمتُ منتصبٌ كسيفٍ في البعيدِ

يشقُّ غاباتٍ من الأصداءِ

والإصباحُ إشراقٌ غروبيٌّ لشمس ِالدمعِ

بينَ الأبجديّةِ والخيالْ   .

*       *       *

وتأمُّلُ القمرِ الرضيعِ

بوجههِ المغرورقِ الأنوارِ

في الليل ِالغضاريّ المشعشعِ بالنجومِ

ومتعة ُالتحديقِ في عذريّةِ الغيمِ الحليبيِّ

المسافرِ فوق بيداءِ الشمالْ

*       *       *

ما عادَ يطربُ روحيَ  العزلاءَ في هذا الصقيعِ

سوى الغناءِ على اتساعِ  الصوت ِفي الصحراءِ

والمطرِ الذي ينشقُّ عن أحشائهِ

أفقٌ من الصلبانِ

أو غيبوبةِ الشمسِ التي هبطتْ بهامتها المهيبةِ

خلف أطلالِ الزوالْ

*       *       *

فارفعْ شراعكَ قاصداً

شمس َالأقاصي

كي ترى أنثى الحياةِ

بجسمها العذريِّ تسبحُ في

غديرٍ فائرِ الأمواجِ

فاتحةً ذراعيها لأجراس الفقاقيع

التي تنحلُّ كالآهاتِ في الماءِ الزلالْ  .

*       *       *

واتبعْ قناديلَ الغروبِ

لكي تشاهدَ ومضةَ الضوءِ

النبيذيِّ الذي

ينشقُّ عن ماءِ الأنوثةِ مسكرَ الألوانِ

والطيفَ الهلاليَّ الذي

يتضاعفُ العشاقُ حول شموعهِ السكرى

ليكتشفوا الحقيقةَ في الظلال ْ  .

*       *       *

واقرعْ إذا ما هبَّ ريحانُ الطفولةِ عشرة َالأجراس ِ

فوق سريركَ المحدودبِ الحسراتِ

كي تتسارعَ الساعاتُ في جريانها اللحنيِّ في الذكرى

وتخفقَ في الهواءِ الطلقِ أجنحةُ الخيال ْ .

*       *       *

مترحّلاً في الأرضِ  أعبرُ آخرَ الكثبانِ

كالرجلِ المهاجرِ

نحو فردوسِ الجبال ِالمستحيلةِ

كي أحاربَ ريحها الثكلى

 وأشهدَ من أعالي الأرض ِ

آلامَ العواصف ِوهي تزدردُ الصخورَ

بصوتها الضاري

ويلطمُ قلبها الضوضاءَ في قلقِ الليالْ

*       *       *

فاشقُّ ثوب َاليأسِ عن صدري

لتغرسَ قبضةُ البرقِ المذهّبِ

بين أضلاعي ميابرها

وتغرقَ  ظلمتي الأمطارُ في قاع ِالمراثي الجاريهْ

*       *       *

لا شيء َ يقهرُ في  قلوبِ المرهقينَ من الحياةِ

الموتَ

غير صعودهم قممَ الجبالِ العاليهْ

وسماعِ صيحاتِ الوحوش ِالهوجِ

في قيعان ِعتمتها

 مردّدة صداها  في السكونِ الشاسع ِالأوعارُ

أو قصفُ الرعودِ الضاريهْ

*       *       *

طالَ المقامُ وضجَّ عقل ُالروحِ

واشتدّتْ رياحُ اليأسِ في أعضائيَ الهوجاءِ

أركضُ في ظلالِ العزلةِ العمياءِ

كي أنجو من الحزنِ العدائيِّ

الذي يستعذبُ الغصّاتِ في شجنِ

النفوسِ الباكيهْ

*       *       *

هرباً إلى رحمِ السكينةِ عند بئرِ الموتِ

حيثُ تنيخُ صرختها حروفُ العلّةِ العطشى

وأربعُ نسوة ٍيغرسنَ من ظمأِ الأنوثةِ بالخناجرِ

صدرهنَّ

ويبتدئنَ الرقص َبالإيقاعِ  في قلبِ الدوارِ

على شفيرِ الهاويهْ

*       *       *

فهناكَ تنبح ُفي الصدى العالي

طبولُ الليلِ

قارعةً برجع ِندائها الوحشيِّ

أفئدةَ التوجّعِ

والذئابُ تهيل ُوحشتها

على قبرِ الرياحِ الفانيهْ