عُدْ في الشهْر القادمْ
د. مصطفى المسعودي
أثقلنِي..أثقلنِي.. حَمْلي فِي حِضنِي
حُزمَة أوْراق كبْرى..
صِرتُ عَلى مَرّ الأسْبوع أنقـّلهَا
مِنْ مصْلحة فإلى مَصلحةٍ أخرَى..
أبْحث عَنْ حَضرةِ
مَندُوب ليُوقـّعَها ..
وأخِيراً صِرتُ سعيداً..
حِين وجَدتُ فخامَتهُ فِي مَكتبهِ الفاخِرْ
مِنْ خلفِ النظارّاتِ السّودَاءْ
يَسألنِي عَن أوْراقِي ..مَاقِصّتهَا..؟
قلتُ: سَأرمّمُ دَاري ..سَأوسّعُها..
ابْنِي صَار كبيرَا..
والأسْرة أرْكان الدّار مُضيّقة..مَا عادَتْ تكفِيهَا ..
أخذ الأوْرَاق وَقالْ :
عُدْ فِي الشهْر القادِمْ..
مَرتْ أيّامِي كسُلحْفاةٍ ..أرْقبُ مَشيَ ليَالِيهَا
لكِنْ حِينَ رَجَـعْتُ ..فـُجعْتُ ..
لأني بالكادِ فهمْتُ بأنّ الأوَراقَ المَلعُونَة..
ظلتْ وَكمَا كانتْ..
فالمَندُوبُ الغالِي.. مَنقوعٌ فِي الأشغال ِ
وَلمْ يَلق بَصِيصاً مِن وَقتٍ حَتى كيْ يَنظرَ فِيهَا ..
فلذلِكَ قتـّلنِي بدَم باردْ.. ثانيَة ..لمّا قالْ:
عُدْ فِي الشهْر القادِمْ..
لكِنْ ياللخيْبةِ طالتْ صَبري الدّائمْ..
حِين رَدّ عَليّ نفسُ المَسؤولِ خِلالَ الشهْر الثالثْ :
عُدْ فِي الشهْر القادِمْ.. .
اجْتاحَتنِي نوبَة حُزن عَارمْ
مَمْزوج بسَأمْ ..
حَتى كِدْت أبْصُق فِي وجْه المَندُوب الأشرَمْ..
لكِن المَندُوبَ هَذِي المَرّةَ هَدّأنِي
لمّا ناوَلنِي ظرْفاً
وَأضافَ بصَوْتٍ مُبْهَمْ :
عُدْ...عُ...دْ.. فِي اليَوْم القادِمْ..
حِينَ عَبرْتُ البَابْ ..
كلمَنِي الشاوُوش البَوّابْ..قالْ:
طِيلة هَذا الوَقتِ.. وبَعْدُ فلمْ تفهَمْ ..
يَاأحْمقْ ..
هَذا الظرفَ امْلأهُ بأوْراقٍ
مِنْ مِائةٍ ..أوْمِائتيْ دِرهَمْ.