أَبُو بَكْر الصِّدِّيق.. الجَبَلُ الشَّامِخ

د. عبد المعطي الدالاتي

د. عبد المعطي الدالاتي

حبس التاريخ أنفاسَه أمام أبي بكر ثلاثاً .. يومَ الغار إذ وقف بين فكّيْ المنية فقال له الرسولُ : "لا تحزنْ إن الله معنا"، فثبت قلب الصدّيق لينقل رسالة الثبات إلى الأمة..

ويوم توفي الحبيب، فزُلزلتْ القلوب، أذهلها الخبَر، إلا أبا بكر الذي ربَط الله على قبله فنعى إليهم الرسولَ ، وبشّرهم بخلود الرسالة ..

ويوم الرِّدة إذ منع الزكاةَ بعضُ الأعراب، فَلان رأي الأصحاب،فقام الصدّيق فيهم خطيباً: "والذي نفسي بيده لأقاتلنّهم حتى تنفردَ سالفتي"، فكبّر عمر تحت المنبر، وأدرك الأصحاب أن الطريق في خُطى الصدّيق:

ومع القصيدة الرائعة التي تجسد هذه الأيام الثلاثة في تاريخ الإسلام:

"أوَ قُلْتَ: قَدْ مَاتَ الرَّسُولُ ..حَقاً؟!! أتدري ما تَقُولُ؟!
مَنْ قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ ، فَغَدا بِفِرْيَتِهِ قَتِيلُ "
قَدْ قَالَها عُمَرٌ، وَمَا عُمَرٌ ظَلُومٌ أو جَهُولُ
لَكِنَّهُ الْحُبُّ الْكَبِيرُ تَحَيَّرَتْ مِنْهُ الْعُقُولُ
مَاتَ الرَّسُولُ فَأظْلَمَتْ سِكَكُ الْمَدِينَةِ وَالنَّخِيلُ
وَبَدا الصِّحَابُ يَعُمُّهُمْ خَوفٌ وَظَنٌّ مُسْتَحِيلُ
إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ سَرَتْ فِيهِ السَّكِينَةُ إِذْ يَقُولُ:
" مَنْ كَانَ يَعْبُدُ أَحْمَداً فَإِنَّهُ مَاتَ الرَّسُولُ
أوْ كَانَ يَعبُدُ رَبّهُ فَاللهُ حَيٌّ لا يَزُولُ "
لِلنَّهْجِ رَاحَ يَردُّهمْ وَيَدُلُّهمْ .. نِعْمَ الدَّلِيلُ
وَإذا السُّكُونُ يَعمُّهُمْ طُرًّا وَيَغْشَاهُمْ ذُهُولُ
إلاَّ أبا بَكْرٍ صَحَتْ فِيهِ الْعَزِيمَةُ لا تَحُولُ
أوَ لَيْسَ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ بِغَارِهِ ، وَلَهُ يَقُولُ
" صَبْراً أبا بَكْرٍ وَلا تَحْزَنْ فَثَالِثُنَا الجَّلِيلُ "
وَيَومَ إذْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ فَلانَ بِالرَّأي الرَّعِيلُ
إلاَّ أبا بَكْرٍ بَدا فِيهِ الثَّبَاتُ فَلا يَمِيلُ
" وَاللهِ لَوْ مَنَعُوا عِقَالاً كَانَ يَأْخُذُهُ الرَّسُولُ
لَغَزَوتُهُمْ وَحْدِي"، فَهَبَّتْ بَعْدَ غَضْبَتِهِ الْخُيُولُ
"اللهُ أَكْبَرُ" قَدْ دَوَتْ عُمَرِيَّةً، وَدَوَى الصَّهِيلُ
فَأَعَادَهَا نَبَوِيَّةً .. يَحْيَا بِهَا جِيلٌ فَجِيلُ
هَذا أبو بَكْرٍ .. وَهَذا عَهْدُهُ العَهْدُ الجَمِيلُ
هَذا رَفِيقُ الْمُصْطَفَى وَصَفِيُّهُ .. أَلَهُ مَثِيلُ ؟!!!
رَضِيَ الإِلَهُ عَنِ الصِّحَابِ وَعَنْهُمُ رَضِيَ الرَّسُولُ

اللهم احشرنا مع المصطفى حبيب الصدِّيق وارض عن الصدِّيق وعن الصحابة أجمعين

آمين