خَوَاْطِرُ مُحْكَمَةٌ لِدِيْرِيْ مُغْتَرِب
17نيسان2010
شريف قاسم
خَوَاْطِرُ مُحْكَمَةٌ لِدِيْرِيْ مُغْتَرِب
شريف قاسم
هـي الـدَّيـرُ مغنانا ، وإن أبعدَ فـلـو خـيَّـرونـا بـيـن ألفِ مدينةٍ ولـيـسَ لـقـلـبٍ تعشقُ الدَّيرَ نفسُه يـقـولـون : هـذي بـلدةٌ لك قد دنتْ فـقُـلْـتُ : اختبرتُم ميلَ نفسٍ مراحُها تـجـلَّـى عـلـيها الَّلهُ إذْ سجدتْ له وأخـبـتَ وجـهُ الـدَّيـرِ لـلهِ مؤثرًا وأمـرعَ بـالإيـمـانِ فـيـها امتدادُها سـقـى ربـعَـها الغالي سحابُ عِنايةٍ مـداهـا ، مـحـيَّـاها ، خريرُ فراتِها وأحـيـاؤُهـا الـثَّـمـلى بفطرةِ ربِّها مـزارعُـهـا فـاضـت بـنعمةِ ربِّها ومـن ( جَـبَـسٍ ) تلقاهُ كالشَّهدِ طعمُه ودونـك ( بـامـيـاءٌ ) يطيبُ ثرودُها تـبـاركْـتَ يـاربِّـي فـفضلُكَ سابقٌ ولـيـس افـتـتاني بالحضارةِ غيَّرَتْ أُقـلِّـبُ طـرفًـا مـاقـلاهـا ، وإنَّما ومـا اسـتوقفتْني روعةُ الصُّنعِ عندها ولـيـسـتْ مُـنَـى نفسِ الأبيِّ بمَعْلَمٍ ولا بـانـغـماسِ النَّفسِ في لججِ الهوى إذا لـم تُـجـدِّدْ هـذه الـنَّـفسُ شأنَها أُهـنِّـئُ قـومـي فـي الفراتِ تسابقوا فـألـفـوا بمثوى الفضلِ ديوانَ مجدِهم مـداراتُـهـم أرقـى وأسـمـى مكانةً تـوالـت ولـلأيـامِ إقـبـالُ فـتـنةٍ ولـكـنَّـهـا فـيـهـم أصـالةُ محتدٍ أمـاجـدُ مـا أجلاهُمُ الضُّرُّ عن هوى ولا خـلـعـوا سـيماهُمُ عن وجوهِهم فـسـبِّـحْ بـحـمـدِ اللهِ أرسى يقينَهم فـلـو أُقـحِـمُـوا في مهمهٍ ماتراجعوا كـرامٌ أبـاةٌ مـاارتـضـوا غيرَ ربِّهم ومـنْ لاذَ بـالـدَّيَّـانِ دانَ لـصـبرِه فـأبـشـرْ فـراتَ الـدَّيرِ كفُّكَ لم يزلْ بـوادٍ جـرى والـوَدقُ هـلَّ : كلاهُما وأُفـقٌ تـغـشَّـاهُ الـعـجـاجُ لحكمةٍ بـأشـعـثَ مـغـبـرِّ الملامحِ مخبتٍ يـنـادي وضـيقُ الصَّدرِ ما كانَ مانعًا دعـاءُ قـلـوبٍ لـن يـغـيِّرَها النَّوى وعـنـدَ إلـهِ الـعـرشِ مأوى لأهلِها ومـا مـن أذى كـسـرٍ لـديـه يُعيقُه يـفـرِّجُ ربُّ الـخـلـقِ هـمًّا وكربةً وقـال رفـاقُ الـدَّربِ والـغربة التي أتـنـسـى أخـانـا مـابـليلى وأهلِها وتُـغـضي عن الآهاتِ صعَّدَها الجوى لـهـنَّ الـتـفـاتـاتٌـ تقطِّعُ أكبُدًا فـقـلـتُ مـعـاذَ اللهِ والَّـلهِ مانأى بـنـو أُمَّـتـي والعصرُ نغَّصَ عيشَهم وأحـوالُـهُـم مـابـيـنَ وهْنٍ وحيرةٍ ولـكـنَّـهـا الرُحمى التي ماتصحَّرت عـلـى الأهلِ والأرحامِ والنَّاسِ لوعتي عـلـى الأمِّ واراهـا الـثَّـرى وأحبَّةٍ وأحـبـابُ روحٍ غـيَّـبَ الموتُ بسمةً وأحـلـى لـيـالٍ مـقـمراتٍ تحوَّلتْ وأغـلـى نـشـيدٍ مارعتْهُ يدُ الصَّدى فـكـيـف تراني أغمضُ العينَ والجفا خـواطـرُ صـاغـتْـهـا أناملُ غربةٍ ولـيـس بـهـذا لا وربِّـي تـفـجُّعٌ وقـد جـاءَ رقـراقًـا كـنـهرِ فراتِنا تـخـيَّـرْتُـه سـلـسًـا كخيلٍ كريمةٍ وعـرَّسَ فـي نـجـواهُ حولَ وضاءةٍ وأغـنـاهُ ربُّ الـنـاسِ بالأُنسِ والهنا إذا مـا اطـمـأنَّ الـقلبُ لم يشكُ أمرَه أُخـيَّ أبـا هـذا الـمـعـاذِ هـديَّتي روي_ـدَكَ إنَّ اللهَ ب_ـال_ـغُ أم_ـرِه ونـبـقـى أبـا عـبُّـود نعشقُ تربَها كـتـبْـنـا ونـبـقى كاتبين ، لأهلِها وأُلـفـةُ أهـلِ الـدَّيـرِ بالوُّدِّ لم تزلْ حـضـارتُـهـم تفنى ، ويفنى فسادُها قـلـوبُ بـنـيـهـا يا أخي بيدِ الذي وصـوتُـك قـد يـصـغي إليه عبادُه | الدَّهرُقـلـوبًـا أبتْ ، والَّلهِ ، أن تُهجَرَ تـمـيـسُ بـزيـناتٍ لَمَا عافَها الحُرُّ سـيـصغي إذا أغراهُ في غيرِها عمْرُو فـأقـبـلْ عـليها ، قد أضرَّ بك الهجرُ مـبـاهـجُ ديـر الـزورِ ماضرَّها شرُّ فـمـا لاكـهـا كفرٌ ، ولا عابها وِزرُ حـديـثَ الـهدى والروحِ مانابه الخُسرُ عـلـى النَّهرِ ما أخوى بمبسمِها الزَّهرُ فـمـا أقـفـرتْ يومًا ولا أجفلَ القطرُ ورائـعُ ومضِ ( السِّحلِ ) والفجرُ مُفترُّ وأهـلِ بـيـوتِ الـخـيرِ مافاتهم بِرُّ ولـذَّ بها ( العجُّورُ ، والخسُّ ، والتًَّمرُ ) ( وبـطِّـيـخُـها ) الرَّيَّانُ أنهلَه النَّهرُ إذا فـاحَ ( لـحمُ الضَّأنِ ) أنضجهُ القِدرُ وجـودُك فـيَّـاضُ لـكَ الحمدُ والشُّكرُ مـآثـرَ فـي أحـنـائِها الحُسنُ والوَفْرُ لـغـربـتِـه الـعجفاءِ من عمرِه عُذرُ ولـم يَسْبِ قلبي اليومَ صَرحٌ ولا جِسرُ وإن زوَّقَـتْـهُ الأنـملُ الخمسُ والسِّحرُ ولـلـنَّـفـسِ آمـالٌ مـطـامعُها كُثْرُ فـمـا قـيـمـةُ الَّلذَّاتِ نغَّصَها الإصْرُ عـلـى مـدرجِ الـعـلياءِ حثَّهُمُ الأجرُ حـفـيًّا بما قد سطَّرتْ ذكرَه السُّمرُ (1) ومـطـمـحُ صـيدِ القومِ أنجُمُها الزُّهرُ وإدبـارُ مـعـروفٍ يناجزُه الغِمرُ (2) تـقـيـمُ وفـي جـوزائِـها لهُمُ القَدْرُ تـسـامـى بهم ، فالقومُ درعُهُمُ الصَّبرُ ومـن غـمـرةِ الأرزاءِ حظُّهُمُ النَّصرُ وقـد ثـبـتتْ أقدامُهم ، وانجلى اليُسرُ وإنْ عـصـفتْ فيه الرياحُ لها زجرُ !! فـمـنه الرِّضا والحفظُ والفتحُ والأزرُ خـمـيـسُ الـرزايـا السُّودِ دافقُه دَثرُ سـخـيًّـا نـقـيًّـا لايـجـانبُه القطرُ مـن اللهِ فَـلْـيـذهـبْ بحسرتِه العُسرُ سـتـجـلوهُ توباتٌ ، ويعقبُها البِشرُ !! لـربِّ الـورى بـاكٍ بـجعبتِه سِرُّ !!ّ لـصـوتٍ مـضـى لـلهِ يرفعُه الطُّهرُ ولا كـفَّ فحواها الأسى والدُّجى الوعرُ ولـن يُـطـردَ الـمضطرُّ أثقلَه الإصرُ فـإنَّ لـدى الـرحـمـنِ ربِّي له جبرُ فـكيف وهذا القلبُ إذْ جاءَ مضطرُّ !! رأتْ شـجـوَنـا الموَّارَ حالفَه الصَّبرُ : وشـكـوى سُليمى مالصرختِها ظهرُ !! بـصـدرِ بُـنَـيَّات صِباهُنَّ مزْوَرُّ !! يـفـورُ بـهنَّ الجَورُ والظُّلمُ والقهرُ !! فـؤادي عـن الثَّكلى أو انكتمَ الأمرُ !! فـصـبـحُـهُـمُ غـمٌّ وليلُهُمُ وعرُ !! تـقـلِّـبُـهـا الأرزاءُ ، والألمُ المُرُّ !! فـمُـدَّخـرُ الإيـمـانِ في قلبِنا ثرُّ !! ولا يردعُ المشتاقَ نصحٌ ولا زجرُ !! ووالـديَ الـملهوفِ لو يرجعُ العمرُ !! لـهـم في ثنايا الوُدِّ لم يطوِها الثَّغرُ !! فـبـئـسَ ليالي الهمِّ مازارها البدرُ !! فـضـاعَ بـلا زُلفى ولم يسْقِه فجرُ !! أنـابَ الكرى ، فاليومَ في عينِنا شَزْرُ !! وصـبـرٌ جـمـيلٌ ليس يُنكرُه الصَّدرُ ولـكـنْ حـديثُ النَّفسِ ترجمه الشِّعرُ ومـا عـابـه طولُ القوافي ولا النَّزْرُ تـجـوزُ على الأسدادِ حفَّزها الكرُّ (3) بـمـنـزلِ عُـتـبَى لايليقُ به الذُّعرُ وبـالـقـلـبِ يحيي جذلَ دوحتِه الذِّكرُ ولا ذا الوجى والدَّربُ أشواكُه كُثْرُ !!(4) عـلـى متنِ ريحِ الشوقِ تحملُها الطَّيرُ ومـا زالَ فـي الـنَّاموسِ للمجتنَى قَدْرُ ونـهـوى هـواهـا لـن يغيِّرَنا الشَّرُّ ولـو قُـطِّـعتْ ظلمًا أصابعُنا العشرُ وخـضـرةُ واديـها الجميلِ هما المهرُ وتـبـقى خوابي الدَّيرِ ، لم ينفد الذُّخرُ يـغـيِّـرُ ، والـتَّـغـييرُ : بيدرُه وفرُ ومـنـهـم على آذانهم يا أخي وَقرُ !! | الدًَّيرُ
هوامش :
(1) كناية عن المواقف البطولية على مدى تاريخ المحافظة .
(2) الغِمرُ : بكسر الغين : الحقد
(3) الأسداد : الحواجز والموانع
(4) الوجى :كون المشي حافيا