أ أعود ... يا أبي؟

أ أعود ... يا أبي؟

فيصل بن محمد الحجي

[email protected]

مضى الآن على فراق الأهل و الوطن سبعة و عشرون عاماً .. فقط ......! ولم تظهر للفراق نهاية .. و كأننا نسير على طريق أهل الكهف الذين صاروا غرباء حين عادوا إلى وطنهم ... كنتُ أحرصُ على الاتصال هاتفياً بوالدي - رحمه الله - و في كلِّ اتصال كان يقولُ لي : أخشى - يا فيصل - أن أذهب و لا أراك .... ! وكانت هذه العبارة تحزّ في نفسي و تغوصُ في أعماق قلبي كالسكّين ، ومع ذلك كنتُ أمَني النفس وأدعو الله تعالى أن يُطيلَ عمره وعمر الوالدة ، و أن يُفرِّج كربَتنا و أن يجمع شملنا في الدنيا قبل الآخرة ..

 حتى جاءت المفاجأة الصاعقة حين اختاره الله إلى جواره ..! ثمّ تبعته الوالدة رحمها الله ... فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله ...! أجلْ ..! لا حول و لا قوّة إلاّ بالله ..! فقلتُ مخاطباً والدي:

أ أعـودُ لا ألـقـاكَ فـي الـميعاد ii؟
أ  أعـودُ تُـنكِرني الديارُ .. أما دَرَتْ
عـبـثَ  الـزمـانُ بـوجنتينا iiمثلما
أ أعـودُ تـصـفـعني الفجاءةُ iiعندما
و الـدمـعُ يـنتظرُ الغريبَ .. أما iiله
الـدارُ  تُـشـرقُ لـلـغريبِ إذا iiدنا
و  الـنـاظـرونَ يـرونَ كهلاً iiتائهاً
و يصيحُ : أين أبي و أمّي ..؟ أين مَن
أنـا مـا سـمعتُ وَ لا رأيتُ iiسواهما
و  لـذاكَ أظـلـمـت الأماني iiعندما
غـابـا  .. و كنتُ عن المنازل iiغائباً
فـجَـرَعـتُ حزني مرتين : iiلغربتي
*                 *                *
كـم  غـصتُ في بحر الأماني iiحالماً
أرنـو إلـى الآفـاق أرقـبُ iiعـودة
و  أتـوقُ لـلـيـوم السعيدِ .. iiلعلني
و أعُـبُّ مِـن بـحـر المسرّةِ iiظامئاً
هـيـهـاتَ  ! ما كلُّ المُنى تسخو لنا
*                 *                *
أ  أعـودُ ؟ أرّقـني السؤالُ و لا أرى
أ  أعـودُ والأطـيـارُ ما عادتْ iiمعي
و  بـقـيـتُ فـي تِيهِِ الأمانيْ iiحائراً
أ أعـودُ أم لا ؟ صـارمـان iiتصاولا
مـا  بـيـن شـوقٍ عـارم ٍ iiمتلهفٍ
يـا غُـربـة ً طـالتْ فصارتْ iiدَيْدَناً
عُـمـري  مـضـى مـترقباً متفائلاً
مـا  الـنـفعُ ؟ والأيامُ تطوي iiعمرَنا
يـا  حـسـرتـا ! لا يعرفون بلادَهم
فـي  كـهـفِ غـربتِنا نمتْ iiأجيالُنا
أسـلـمـتُ  وجهي للذي خلق iiالمُنى
أرضـى بـما يرضى .. لأني iiموقنٌ:
الـحـمدُ  دأبي ما حييتُ .. و iiمُتعتي































و  أرى الـبـلاد هناك غيرَ بلادي ii؟
أنّـي أراهـا كـالـغـريب البادي ii؟
عـبـثَ الـظـلامُ بـفـجرنا iiالوقّادِ
ألـقـى بـبـابِ الـدار لونَ حِدادِ ii؟
حـقٌّ بـبـسـمـةِ فـرحةٍ وَ ودادِ ii؟
مـا بـالُ فـرحـتِنا اكتستْ بسوادِ ii؟
مـثـلَ الـيـتـيـم جرى بلا iiإرشادِ
بـذلا نـفـيـس العُمر في إسعادي ii؟
قـمـراً وشـمـسـاً أشـرقا iiبفؤادي
وردا غـروبَ الـعُـمـر iiكـالأجدادِ
و أكــابــدُ الآلامَ فـي iiالإبـعـادِ
ولـغـيـبـتـي عـن مأتم ٍ و iiحِدادِ
*                 *                *
بـلـقـاء  أحـبـابـي على iiالميعادِ
و أعـيـشُ لِـلآمـال iiبـالـمرصادِ
ألـقـاهـمـا  لـيـجـدِّدا iiمـيلادي
و  كـأنَّ عـيـدي مـجـمعُ iiالأعيادِ
إلاّ  إذا شـاءَ الـكـريـمُ الـهادي ii!
*                 *                *
سِـمَـةَ  الجوابِ عن السؤال الصادي
كـي أُبـتـلـى بـعناكبٍ و جَرادِ ii؟
مـتـردِّداً  فـي زحـمـةِ الأضـدادِ
و  تـجـالـدا .. و أنا رهينُ iiسُهادي
و حـواجـز الأطـمـاع و iiالأحـقادِ
لأدورَ  بـيـن حـواضـر ٍ و iiبـوادٍ
مـتـحـمِّـسـاً مـتـشـبِّثاً iiببلادي
و  تـفـيـضُ بـالأولادِ و الأحفاد iiِ؟
و جــدودَهـم و بـقـيـة iiالأنـدادِ
و  غـدتْ قـوافـلـنـا بـغير iiجيادِ
و مــحـقـق الآمـال iiوالإسـعـادِ
فـي  ذاك كـلُّ سـعـادتي و iiمُرادي
صـبـرٌ  ... و تـسبيحي له iiإنشادي