عابدة النقود

د. ماجد عرسان الكيلاني

د. ماجد عرسان الكيلاني

سيدتي، فهذه رسالتي

أكتبها في غاية الصراحة

عن قصة الحب الذي

روائح النقود من حروفه فواحة

*  *  *

سيدتي، روائح النقود قد شممتها

من حبك المزعوم لي حباً بلا حدود

شممتها من المشاريع التي

اقترحتها في عالم التجارة

أنت بها تاجرة الشطارة

أنت أمين السر في أموالي

صاحبة الفعل مع الأقوال

ما شئت تنفقين!

ما شئت تنهبين!

فصاحب المال عجوزٌ خرفٌ

مُغيّبٌ في خدرك المصون

مخدر في الغرفة الحمراءْ

ويحتسي من خمرة الإغواء

وبعد نهب ماله

يلقى به في الزبل في العراءْ

*  *  *

سيدتي! عفواً أيا سيدتي

فهذه النقود

لم ألقها مطروحةً في جانب الطريقْ

لم أتجرْ تجارة السلاح والرقيق

لم أجلب النساء من سواحل البلطيق

لم أحترف زراعة الحشيش والتسويق

لم أرث الأموال عن بيت ثري في الغنى عريق

لست أمير النفط في الصحراء

شبابي الغض لقد أبليته

معلماً في ديرة الصحراء

أعمل في الصباح والمساء

وعدت شيخاً هامداً

تنهشه الأدواء

*  *  *

سيدتي! لكنها امرأتي البلهاءْ

قد أخبرتك أنني زير النساء

لأنني أرفقتها بزوجة

وصلت فيها رحمي الموصول بالسماء

يا ويلها امرأتي البلهاء

لم تبصر الإنسان في شخصيتي

وإن في جوانحي قلباً من الأحياء

يحس بالأيتام والضعفاء

بالنسوة اللاتي فقدن الزوج والكساء

بالنسوة اللاتي فقدن البيت والغذاء

قد صورتني عابداً للجنس والنساء

وحركت فيك غرام المال والثراء

*  *  *

سيدتي! وهكذا شرعت في الحكايةْ

محبوكة التلفيق والرواية

من هاتفي النقال قد تسللت شباكك السوداء

لتدعي محبتي حباً بلا انتهاء

لتنقذيني من حبال الوهم والإغواء

لتدعي بأنها امرأتي وسائر الأبناء

كبيرهم، صغيرهم الكل ينتظرون

لتنزل المنون

في ساحتي وثم يفرحون

والمال يقتسمون

*  *  *

سيدتي! وهكذا مضيتِ في الروايةْ

بالكلم الفاحش تمطريني:

دعنا حبيبي الآن يا عيوني

ننعم في الباقي من السنين

لننفق المال الذي جمعته

لترشف الهناء من عيوني

من جسمي الرشيق والمزيون

لتفتح الناعم من حصوني

فإنني مثلك في شجوني

في وحدتي، وزوجي الملعون

وإنني مثلك في أفكاري

في غربتي، يا جنتي، يا ناري

أبحث عن حضن عطوف، دافئ

أغمض فيه هانئاً جفوني

أكاد أن أطير يا عيوني

من لهفتي إليك من حنيني

من فرحتي، من شبقي المجنون

*  *  *

سيدتي! مهلاً أيا سيدتي

لست أنا بصيدك الثمين

كفي الغواية، أوقفي الكلامْ

فهذه جريمة في غاية الإجرام

يذبح فيها الدين والذمام

يعظم فيها الفحش والآثام

ويستباح الطهر والحياء

وتستباح شرعة السماء

وعشقك المأسور للنقود

لا يعرف الحلال والحرام

*  *  *

سيدتي! آسف يا سيدتي

إن كنت في رسالتي

وصفتك في غاية الصراحةْ

فأنت قد أردتني

مشروع وحش كاسر

إن شاهد الأجساد والنساء

استباحها، وأيما استباحةْ

*  *  *

سيدتي! هذا زمان كله قباحةْ

الحب فيه دجل مفضوح

روائح النقود من حروفه تفوح

والشرف الرفيع في ساحاته

مضرج في دمه المسفوح

والخلق الجميل في أوكاره

مقطع أوصاله مذبوح

من يملك النقود

من أجله في كل قطر تفتح الحدود

من غير ما تأشيرة

من غير ما كفالة

من غير ما قيود

تصطف في استقباله الجنود

ويعزف النشيد

ينطلق الغناء والقصيد

وترقص الأرداف والقدود

يفترس الشفاه والخدود

حتى ولو كان من القرود

وتصبح الأجساد والنهود

أرضاً له يفلحها فلاحة

تصبح كل امرأة بالمال مستباحة

وكل هذا كله يدعونه سياحة

*  *  *

سيدتي! انتظروا لتكمل الرواية

انتظروا نتائج الغواية

فالله إن أمهلكم

حاشاه أن يهملكم

لابد أن يجعلكم

لمن عصاه آية