رسالة من أرض الأندلس إلى لسان الدين بن الخطيب

رسالة من أرض الأندلس

إلى لسان الدين بن الخطيب

حسن محمد نجيب صهيوني

[email protected]

يا  ابن الخطيب سماؤنا قد iiأمْحلت
وغـمـامـنـا صِفرٌ، فلا ماءٌ iiبه
والـنـاسُ  تأكل بعضها ممّا iiبقي
أيـن  الـمروءة قد توراتْ iiبعدكم
والـسـالـفون زمانُهم ما iiلامستْ
حُـقُـبـاً  تعود على الدنا iiبجهالةٍ
وخـطـوبنا عادت لسالف iiعهدها
مِـن  بـعـد أندلسِ العروبة ذلكم
أَطـربـتَ  أنـدلساً بشعرك iiإنما
أمّـا أنـا، فـلـقد رُوُيتُ مصائباً
إنـي  أنا الأرض الفسيحُ فضاؤها
قـد كـنـتُ أندلساً تحاكي مجدها
بـالأمـس  كـنتُ المستقرَّ iiلأهله
وحَـبَـا  الـكريمُ حدائقي بجنانها
كـنتُ  الرَحوب مجالساً أكرمْ iiبها
نـزلـت  عـليهم رحمة iiوسكينة
والـفـاتحون جحافلاً ضجّت iiبهم
هـو  طـارق بن زياد مفخرنا به
والـيـوم أبكي الأمس في iiأطلاله
والـيـوم أنـدلسي، فما بقيت iiبها
فـي كـل شـبرٍ من ترابي iiقصة
مـا  هـزَّ عِطْفي إن أتاني iiباغيٌ
لـكـنَّ  باعتيْ من ضفائر iiيَعرُبٍ
ضاقوا برحب مساحتي حتى iiغدوا
كـم سـاءنـي طغيانُ أمةِ iiيعربٍ
ولـكمْ  طغا (صهيون) في iiكُرُباته
أنّـى  يـجـود الغيث في iiبركاته
إنــي هُـويـةُ أمـة iiآلامـهـا
وأنـا فـلـسـطـين الأبية iiنابها
وأنـا بـغـزّةَ حوصرت أوجاعنا
وأنـا الـعـراق دماؤه أروي iiبها
وأنـا  هـي الصومال أنعاني iiبها
وأنـا تـراب العُرب في iiأوطانهم
لا تـبكِ لي يا ابن الخطيب iiفإنني
فـمـتـى  تجود سماؤنا iiبعطائها
ومـتى  تجود الأرض في iiنعمائها
ومـتـى  أعود إلى الأنام iiعزيزة




































والجدْب عَمّ على الكثيب iiالأوْعس
لـتـجود  بالغيث السما ما iiتَحْبِسِ
مـن حَـوْصَـلٍ بغِلالها iiالمتكدِّس
ذَهـبـتْ شواهدُها بطيبِ iiالأنفس
فـيـه النفوسُ زمانَنا في iiالملمس
بـين  المنى أو هاجس iiالمتوجِّس
لـلـجـاهليةِ  رَهْنَ حالٍ iiأشرسِ
هـو  حـالنا في زِيِّ ذُلٍ قد iiكُسيْ
أدمـيـتَ  آلامـاً بـهاكِ iiالأنفس
بـحـكايةٍ  أَسمِعْ بها مَن قد iiنسي
يـحـنـو إلـيها خافقُ المستأنس
سـيـرُ الـبطولة دون أي iiتَدَلُّس
والأمـنُ  كلُّ الأمن كان iiبِمَدرسي
سـحـراً تجلّى كالجواري iiالكُنَّس
مـن  خـيرة العلماء ذلك iiمجلسي
مـن  واهـب الرّحْماء iiوالمتقدَّس
تـلـك الـدنا من وقع حر iiأكْيَس
وحـمـاسةِ ابنِ نُصيرَ أيَّ iiتحمُّس
ذهـبـتْ بـذل القاعس iiالمتنكِّس
غـيـرُ الدموع إذا بقينَ iiبمَحْبَسي
يـحـكـي بها تَعِسٌ بفيه iiالأتعس
أو كـنـتُ مـنه رهينةً iiللعَسْعَس
يـشرونني  بالبخس بل iiبالأبخس
يـشـكون ضيق مساحة iiالمتنفّس
بتخاذلٍ...  وتقاعسٍ... iiوتخنُّس!!
دهـراً، ولـم أبْصُر بأي iiمنفِّس!!
يا ابن الخطيب وما بنا من كيِّس؟!
مُـلـئت بها ساحاتُها في iiالأطلس
رجـس اليهود بطهر بيت المقدس
بـجدارِ  (فولاذٍ) ... وبغيِ iiمدنِّس
مـا  قد حُبستُ من الغمام الأبخس
فـيـهـا دياجير الهجيع iiالحِندِس
دُنِّـسـتُ من جرم البغي iiالأنجس
فـي  حـالـة تشكو بها للأخرس
مـن  غيثها بالسَّحِّ طاب iiلمَأنسي؟
بـالخير  عَمَّ على نَتَاج iiالمَغْرَس؟
أُكـسَى براعمَ عوسجٍ أو iiنرجس؟