ظلٌ من طينْ

علي الزهيري

" حين أسقط من ذراعي

فوق صفحتي الأخيرة

في دفتر الغيب...

يلمع ضرس السماء ..."

على رقعةِ الفجرِ أمضي غريباً

معي... طيفُ أمس ٍ

وحفنة ُ شمس ٍ

وذنبٌ يراودُ عني الدفاترَ والأمنياتِ

ويقطعُ صمتَ الحكايا...

أمام المرايا...

فتبكي قليلا ً ... ويبكي قليلا...

يعاندُ فيَّ  انتظاري

ويسحَبُ مني الحياة

مع الوقتِ أكثر مما يظنٌّ

فيهوي قتيلا....

يُجرِّدني من سطوري الأخيرةَ

سطراً.... فسطراً...

ويهذي بما لم أقلهُ

ويجهشُ عند احتضاري

بكلِّ الحُروفِ ويبقى سؤولا...

أجادلُ ظليَ...

ذاكَ المخبأ خلفي احتجاجاً

بحجة أني فرضتُ مكاني عليه

بلا وجهِ حق ٍ

وضلَّلتُ عنهُ السبيلا...

لماذا تريدُ مكاني؟؟...

أهذا مكانكَ؟؟... قل لي..

لماذا تصدِّقُ أنَّ السماءَ

ستظلمُ ظلاً نحيلاً

وتنصفُ إنساً

جباناً... خذولا...؟؟

وتلقي عليه بكلِّ التضاريس تلكَ

وتثقلُ فيه انسجامَ الملامِحِ

في حُلْكة الصبحِ

إذ يتنفسُّ كحلاً

ولوناً يتيماً من اللونِ

حتى يزولَ...

سنفرضُ أنـَّكَ كنتَ مكاني

لماذا سنفرضُ؟؟

خذ ما تريدُ

سأعطيكَ عرشي لعامٍ بليغٍ

فماذا ستفعلُ؟؟.....

هل ستغيِّرُ وقع الأماني

وتكسِرُ سيفَ الشَّقاءِ على باب بيتكَ

ثم توزِّعُ وجهكَ بين الصحاري حُقولا؟؟...

وهل ستبدلُ تلكَ الجبالَ سُهولا؟؟..

وهل ستطمئنُ كل اليتامى

وتكفي الأراملَ

والأمهاتِ الثكالى

وتزرع في غربة الحُلْم ورداً

ويثمرُ – في ظلِّ عهدكَ-

شوكُ المنافي... نخيلا...؟؟؟

وهل ستردُّ الحياة لضِحْكَةِ طفلٍ

تحدى الغُزاةَ بوقفِ الرِّضاعهْ...؟؟

وهل سترمِمُ "واو" الجماعهْ...؟؟

وهل ستفسِّرُ عني ملامحَ تلك الحجارةِ

تحت الجثثْ ...؟؟

وتلك القبورِ المُعَدَّةِ الشمسِ

والإنكسارِ القريبْ...؟؟

وهل ستغيبْ..؟؟

وهل سيطولُ المُقامُ على صفحة الأمسِ

بين المضارعِ والمستحيلْ...؟؟

وهل ستراكَ الشُّعوبُ رسولا...؟؟

أراك عجولا...

أراكَ تُحاوِلُ أن تَستبيحَ الخطابَةَ مني

وتلعبَ دوركَ دون نصوصٍ

تثبِّطُ فعل المشاهدِ فيكَ

أمام مُرونَةِ زحفكَ

تحت جراحي...

وعند انسلاخي عن النصِّ

قبل اختفاءِ الستارِ وراء الحضورْ

أكان عليكَ المرورُ بعصفِ مخيلتي

كي تبرهِنَ أنـَّكَ صاحبُ هذا المكانْ...؟؟

كفاك اتِّهاماً لهذا الزمانْ...؟؟؟

عليكَ تخطي الحقيقةِ والمستحيلِ

لتُقنعَ نزفيَ أن يستريحَ قليلاً

ويعطيكَ إرْثَ القبيلةِ

-حَسْبَ ادِّعائكَ- أنـَّكَ

 آخرُ نَسْلِ الظلال ِ

رمتهُ الرياحُ أمامي ...

 وصنِّفَ خلفي

على سلَّم الأرضِِ- ظلماً-  فضاعَ....

كفاكَ احتقاناً

كفاكَ اندلاعا....

كفاك اضطراباً... وشكاً ...وشكوى...

ستقبعُ في خندق الجرح ِ

جرحاً جديداً

- تماماً- كما كنتُ قبلكَ

كي تستحقَّ مكاني

وتجلسَ فوق اختفائي... قناعا...

أكنتَ تظن اختلالَ الطبيعة فينا

كسوفاً غريباً لشمسٍ غريبهْ...؟؟

أتدرِكُ حقاً غيابَ القصيدة

بين ازدحامِ الرفوف وبوح الغبارْ...؟؟

فقدنا النهارْ...

فقدناهُ يعني :

غيابُكَ حتى نهارٍ جديدٍ

فلا لونَ للظلِّ في مقلة الليلِ

أو في خيال الجدارْ

أتذكرُ يوم التقينا

على متن سورٍ مريضٍ بداء السقوطِ

سألتك في غمرة الكَرْبِ :

"هل سنتوج هذا الجدار (بحسن الختام)

قبيل انتحار الحياةِ على وجنتيه...؟؟ "

بماذا أجبتَ؟؟....

أتذكر ما قلتَ؟؟....

قلتَ : " إذا كان هذا الجدار يوازي انكسار

الشعاع على بركة الكبرياءِ

سننجحُ في فعل ذلكْ..."

وكان يوازي... ولكنَّ شيئاً خفياً

تعمّدَ أن يستقيلَ هنالكْ....

و ولَّيتَ لونَكَ للسورِ

دون اختناقٍ

-على غير طبعكَ-

ثمَّ سألت بدوركَ:

" ماذا سيحدثُ لو أنّ من يحفِرونَ

الجدار استطاعوا الولوجَ إلينا ...

وعاثوا فساداً....

ومرَّت طلائعُهُمْ ببحيرة أحلامنا

وانتهتْ...

أكُنـَّا نقولُ لمن يحملونَ الجِرارَ إليها سُعاةً....

 خَبِرنا هنا حُلُما؟؟...

ونجهلُ كيف استحالَ دما؟؟...

بماذا نفسِّر خوف السنابلِ

من قافياتِ الربيعْ....؟؟ "

أجبتُكَ بعد اختلاسِ المرارةِ من مقلتيكَ

ومن راحتيَّ :

"سنبني جداراً بداخل كلِّ القلوبِ

لكي لا تضيعْ.....!!!! "