تلك اللؤلؤة !

تلك اللؤلؤة !

مرزوق الحلبي

 تعبت من الكثبان قافيةُ القصيدةِ وتجاوزت كلّ القصائدِ نصّها

تبغي انعتاقا من قيودِ الوزن.

لم يبق معنى في عِبارة.

لا سهم يترك قوسَه، لا صيحة للنصر تعلو، لا أعنّة، لا غنائم، لا سبايا

تاريخنا زور وبهتان مُذ غاب حرف الضاد وشما

عن تقاسيم الحضارة.

 سلمان  عاد إلى الخفاء.

وجه أضاء رمالنا دهرا وأهدانا الإشارة.

عقل يُكوثِر عقلنا، يتلو علينا ما تيسّر من تراتيل البشارة،

حفَرَ الخنادقَ حولنا، شادَ للأنصار أكثر من عمارة

أوحى لنا درب الخلاص، وما خلصنا

تُهنا على الرملِ، تسكّعنا سكارى.

كلّ غيّ فينا يبغي أن نبايَعه نبيًّا أو إماما، أو نولّيه إمارة.

سلمانُ عاد إلى الخفاءِ وما شعرنا بالخسارة.

أنشعر؟

والعمرُ غايته النبيلةِ فضّ أغشيةِ البكارة؟

 ألفية أخرى على الباب سؤال، وللسؤال الحرّ هيئة البركان يوشك أن يثور.

والقول فصل لا استعارة.

يومنا خمر. والغد خمر ورقص وقيان أدمنت فعل الإثارة.

لا جدوى من نحر القعود أو السموأل إن وفى.

فالمسرحية علّقت ديكورها وأطفأت الإنارة

وأغلقت للمخرج بابَه وأسدلتِ الستارة.

 تعبت من الكثبان قافية القصيدة وتجاوزت كل القصائد نصّها

تبغي انعتاقا من قيود الوزن،

لم يبق معنى في عبارة.

فقد النخيلُ سموّه ودنا من الأرض يخبئ تاجه.

لا الثريّات تدلّت من سعفْ

ولا ظلّ تحمله القوافل، لا حداء ولا حرير ولا توابل ولا تجارة.

ما كان في ذات العماد، ذات يوم،

طار في الريح غبارا أو حجارة

صار أبو النوّاس شكلا للحياة

وللممات،

وللصلاة.

وصلاتنا عدمٌ على عدم، لا نسغ فيها ولا طهارة.

غُيّب الوهج البهيُّ، ففاتنا وجه النبيّ.

فخذ ما شئت من سُوِر الرثاثة والرصاصة

صُوّبت بعنايةٍ للعقل.

والعقل جوهرة الحياة

ولؤلؤة المحارة.