حُلمُ العوْدة

رأفت رجب عبيد

[email protected]

(هو الآن قد بلغ الستين من عمره ، حقق كل أحلامه ، وبقي له حلم واحد ، إنه حلم العودة إلى وطنه فلسطين بعد تهجيره منها سنة 1967 م)

 في القدس كان المولدُ

والعيشُ فيها الراغدُ

وتلوحُ أحلامُ الصِّبا

لمَّا مشيتُ على الرُبَى

والزهرُ فاح أريجُه

يسْري بناحية  الصَّبا

أمشي الهوينا  بلا اضطرابْ

والقلبُ ذابْ

والقدسُ أعشقُ سِحْرها حتى الترابْ

مذ كنت طفلا يانعا ً

مذ كنتُ في ألق الشبابْ

أنماعُ في حُبِّ المزارع والشوارع والمآذن والقبابْ

هي موطني

هي موطن الآباء في هذا الوجودْ

وهي الدليلُ إلى خشوع القلب في قرْبِ السجودْ

ماءٌ  نميرٌ في جوانبِ مزرعه ْ

وحدائقُ الزيتون كانتْ رائعهْ

و عيون ماءْ

فيها الشفاءْ

أرأيتَ ليلَ القدس يختزلْ البهاءْ !

تختالُ فيه الأنجمُ

في سِحْرها تتبسمُ

مِن حُسْنها تتكلمُ

هذا الجمالُ العبقريّ يجوب آفاقَ السماءْ

كنا هنالكَ  نلعبُ

صيحاتنا فيها المرَحْ

ضحكاتنا فيها الفرَحْ

والآن غابت في غيابات العقودْ

لمّا أتى اليومُ الشهيرْ

في حزيرانَ المريرْ

وعصابة الشرِّ الكئيبة هجَّرتنا للمماتْ

بعثرتنا في الشتاتْ

أنا لستُ أنسى الليلة الأولى هنالك في العراءْ

قد كنت ألتحفُ السماءْ

بيتي تحوَّل خيمة ً

قلبي تسوَّلَ رحمة ً

غابَ الضياءْ

بلْ مات في قلبي الرجاءْ

بلْ جفَّ في حلقي الدعاءْ

في ليلة ٍ ودعتُ أميَّ للمقابرْ

وأبي يحاصره الكمَدْ

حتى توارى في التراب إلى الأبدْ

ورأيتُ قد آن الرحيلْ

ورحلتُ عن أرض الوطنْ

بل عشتُ في الوطن البديلْ

وحفرتُ في صخر الحياهْ

وغدوتُ أحلمُ بالثراءْ

وبزوجةٍ في حُسْنها البادي حياءْ

وبمنزل ٍلي فيه أطفالٌ صغارْ

مرَّتَ سنونْ

قد قدَّرَ اللهُ الثراءْ

والزوجة َالحسناءَ في ثوب البهاءْ

والله أعطاني الولدْ

والله أعطاني الحفيدْ

لكنْ تبقى ذلك الحُلمُ الفريدْ

إن شئتَ قلْ حُلمي السعيدْ

أو شئتَ قلْ حُلمي الوحيدْ

هو أن أعودَ    إلى الحياهْ

هو أن أعودَ إلى الوطنْ

وطني الجميلْ

فالقدسُ شريانُ الحياهْ

والقدسُ تاريخ ُ الوجودْ

ووصيتي لو لمْ أعدْ

وأتى المماتُ على قدَرْ

أن تكتبوا فوق الكفنْ

قد مات لكنْ

ما زالَ حُبّ القدس في الوجدان ساكنْ

رغمَ المماتْ

سأظلَّ أهتفُ والترابُ هو السَّكنْ

عاش الوطنْ

عاش الوطنْ

عاش الوطنْ