رسالة من غزة
د.أحمد البراء الأميري
ضمدت بالصبر الجميل جراحي
وأضأت في ليل الأسى مصباحي
وتخِذت من حُمْر الشجون مشاعلاً
تكسو ظلام الحزن بالأفراحِ
أنا غزةُ الفتح المبينِ تفاؤلي
يسمو على الأنات والأتراحِ
ويظل وعد الله يحدوني إلى
يومٍ عزيز مشرقٍ بفلاحِ
ماهالني بطش العدو وبأسه
والقصف في الإمساء والإصباحِ
لكنّ غدر الأقربين وظلمَهم
وخيانةَ الجيران والنّصاحِ
أدمت فؤادي ثم غلّت ساعدي
نسَلت بجنح الليل ريش جناحي
***
عشرٌ عجافٌ في الحصار قضيتها
وحدي أغص بجوعيَ الملحاحِ
من تحت خط الفقر دوّت صرختي
فأصمّ قومي أذنَهُم لصياحي
الخوف، والداء المُلِحُّ وشهقةٌ
تحكي العيونُ بدمعها السحاحِ
وعجائزٌ غرثى[1] تئن جسومهم
طلبَ الدواء ومبضع الجراحِ
لما رأى الأحرار نزف جراحهم
هبوا لنجدتهم على الألواحِ[2]
وتقاطرت سفن الإغاثةِ نخوةً
تفدي الضحايا العُزْلَ بالأرواحِ
لكنّ إسرائيل جُن جنونُها
ويهودَ قومي ساندوا سَفّاحي
صدوا السفائن أغرقوا أحمالها
أودَوا بطاقمها وبالملاّحِ
أنا غزة الأحرار ملوا قيدهم
ومضَوا على درب الجهاد الضاحي[3]
آمنتُ أن النصر يؤتاه الذي
باع الحياة لربه الفتاحِ
لن تفتح الباب المغلَّقَ قوتي
عونُ الإله على العِدا مِفتاحي
كم باسلٍ خضب الثرى بدمائه
هذا الشذا من عطره الفوَّاحِ
قسّامُها، ياسينُها، رنتيسُها
صِدْقُ العزيمةِ قبل كل سلاحِ
في سورة الأنفال دستوري[4] الذي
أقفو هُداهُ على دروبِ كفاحي
وبسورة الإسراء وعدي[5] المرتجى
يُزجي بشائرَه أذانُ صباحي
لا يُسلِمُ المجد الأثيل[6] زمامه
إلا لعاشقِ وهجه اللفاحِ
تاجُ الجهاد جراحةٌ وشهادة
فاغنم نصيبك من أذى وجراحِ[7]
[1] غرثى: جائعون
[2] الألواح: المقصود: السفينة (وحملناه على ذات ألواح ودُسُر) سورة القمر: 13.
[3] الضاحي: ضحا الطريق: بدا وظهر.
[4] الدستور: الأية 7.
[5] الوعد: الآيات 4 و 5 و6.
[6] الأثيل: الأصيل
[7] بعض هذا البيت مستفاد من الشاعر بدوي الجبل