زهرة الإباء

نبيل شبيب

*

نبيل شبيب

[email protected] 

دعت الشاعرة "نهى" في منتدى "واحة الفكر والأدب" الحواري الشبكي، أن يختار مَن يشارك فيه زهرة من الزهور فيسقيَها ببعض أبيات الشعر.. فكانت لي المشاركة التالية معتذرا، فقد حملني السؤال إلى ذكريات عزيزة في غوطة الشام، الأرض التي شهدت أولى خطوات الطفل الناشئ وخواطر الفتى المشرّد عن الأرض المغتصبة، وقد كانت الشام.. كلّ الشام، على الدّوام موطنه، أو كانت عنده -وما تزال- جزءا من موطنه الكبير.

لَـسْـتُ  شَكّاءً مِنْ بَراحِ iiعَنائي
يَـحْبِسُ الدّمْعَ في الجُفونِ iiإِبائي
أَوْ تَـباريحِ الشّوْقِ بَيْنَ iiضُلوعي
تـوقِـدُ الفَجْرَ مِنْ لَهيبِ iiمَسائي
أَوْ  مِـنَ التّرْحالِ الطّويلِ شَريداً
عَـبْـرَ  أَعْوامِ غُرْبَتي iiالحَمْراءِ
غَـيْـرَ أَنّـي لِـلذِّكْرَياتِ iiأَسيرٌ
وَالأمـانـي  تُطيلُ حَبْلَ iiرَجائي
هَـل يَـراني في نَبْعِهِ بَرَدى iiأَمْ
يَـنْـقَضي العُمْرُ قَبْلَ رَشْفَةِ iiماءِ
ذَكَّـرتْـني " نُهى" وَلَسْتُ iiبِناسٍ
بِـحَـنـيني  لِلأَهْلِ في iiالفَيْحاءِ
لأَريـجٍ عَـبْـرَ الحَدائِقِ iiيَسْري
وَبَـسـاتـيـنِ الـغوطَةِ iiالغَنّاءِ
لاحْـمِـرارٍ  عَـلى شِفاهِ iiوُرودٍ
كَـاحْـمِـرارٍ  في وَجْنَةٍ حَسْناءِ
لِـلْهَوى  في الفُلّ اسْتَفاقَ يُواسي
دَمْـعَ حُـلْـمٍ فـي مُقْلَةٍ iiحَوْراءِ
لِـعُـيـونِ الرّيْحانِ تَرْقُبُ نَحْلاً
قَـبَّـلَ  الـيـاسَمينَ دونَ iiحَياءِ
لِـحُـداءِ  الأطْـيارِ فَوْقَ iiخَميلٍ
وَحَـفـيـفِ الأَوْراقِ وَالأَصْداءِ
لِـشَـذىً مِـنْ بَـنَفْسَجٍ iiيَتَهادى
نَـسْـمَـةً  تُشْفي مُزْمِنَ الأَدْواءِ
لِـنَـدى  الأُقْـحُوانِ كَلّ iiصَباحٍ
يَمْسَحُ  الخَوْفَ عَنْ عُيونِ iiالظّباءِ
يا " نُهى" عُذْراً عَنْ جَوابِ سُؤالٍ
وَدَّعَـتْـني الأَزْهارُ بَعْدَ iiالتّنائي
خّـلَـفَـتْني في كِبْرِيائي عَزيزاً
رَغْمَ أَشْواكي في لَظى iiالصّحْراءِ
لَـمْ  يَـزَلْ لـلشآمِ يَهْفو iiفُؤادي
لَـمْ  أَزَلْ أَرْجو في الشَّآمِ iiشِفائي
كَيْفَ  أَخْتارُ في اغْتِرابي iiزُهوراً
غَـيْـرَ ما يُسْقى مِنْ مِياهِ iiالإباءِ
هاتِ لي زَهْرَةً مِنَ الشَّامِ iiتَرضى
بِـحَـيـاتي  في عِزّتي iiالشّمّاءِ

        

* من ديوان دموع متمردة الماثل للطبع.