صوتٌ من الغيب

يوسف عُبَيْد (أبو ضياء)

ذكرى هبطتْ إليَّ من الغيب ومن مكانٍ بعيدٍ عن الأسوار والقُضْبان التي أعيشُ خلفها.

أَرِحْ فُـؤادكَ مـن هـمٍ يـلـوِّعهُ
وعانق  الطَّيف يطوي اللَّيل iiمنبعثاً
يـدنـو  اشتياقاً وفي جنبيه لاعجة
صـوتٌ من الغيب في رنَّاته iiعتبٌ
وَمُـدْنَـفٌ  وَلـهُ الأحشاءِ ذو iiمِقَةٍ
مُسَهَّدُ الجفنِ يقضي اللَّيل في ضجرٍ
تـخـادع  النَّفس عن ذكراه iiتسليةً
ألـسـتَ تـذكر حين الْبَيْنُ iiروَّعهُ
بـلـى وربِّـكَ طيفٌ لا iiيبارحني
وعاشَ  في النَّفس حلماً باسماً iiجذلاً
أسـتـغـفـرُ الشِّعر لم أنظمْ لآلئَهُ
لا غـرَّدت مـنـه بـالأنغام iiقافيةً
ما بالُ طرفي شرود النَّوم ما iiأَنِسَتْ
وكـلَّـمـا  داعـبتْ جفني iiأناملهُ
إِنْ  أَنْسَ لا أنسَ رَقراقَ الغدير iiولا
وقـد تـهادى نسيمُ اللَّيل في iiسَحَرٍ
والـلَّـيلُ ينزع جِلبابَ الظَّلام iiوقد
وهـمـسةٌ  من شفاه الزَّهر iiناعمةٌ
وعُـشُّـنـا  الهانئُ الجذلانُ iiنُدْفئهُ
هـشَّـتْ له بسماتُ الدَّهر iiراضيةً
وظـلَّـلـتـهُ  من الأحلام iiأجنحةٌ
مـلاعبٌ  أَقفرتْ بعد الرحيل iiأسىً
وأُطـفـأتْ  بـعد إشراقٍ iiمشاعلهُ
مـا كنتُ أحسبُ أنَّ الدَّهر iiمعتسفٌ
نجوى بروحي وذكرى في الفؤاد له
عـسى  اللَّيالي وإن شَطَّ المزَارُ iiبه
وتـرشفُ  الكأسَ شَهْدَاً من iiمودَّتنا
سقى  الحمى من كريمِ المُزْنِ غاديةٌ
وألـفُ  خـاطـرةٍ تُهدى iiمضمَّخةً





























وأرفـقْ  بـقلبكَ من سيفٍ iiيقطِّعهُ
فـي  كـلِّ يوم إلى مثواكَ iiمَفزعهُ
مـن  الـتَّـباريح والأسوارُ iiتَمنعهُ
مـا  زلتَ رغم نُزوحِ الدَّار iiتَسمعهُ
قـد جَفَّ من كثرة التَّسْكاب iiمَدمعهُ
بـكـى عليه لطول السُّهد مَضجعهُ
ولـلـفـؤاد نـداءٌ لـيس iiيَخدعهُ
وأنـتَ  فـي رِزْئِهِ الدَّامي iiتُودِّعهُ
قد باتَ تحتَ شِغافِ القلب iiمَوضِعهُ
مـغـرِّداً في رياض الرُّوح iiمَرتعهُ
عقداً على صدرِ مَنْ أهوى iiأُرَصِّعُهُ
إنْ  لم تكن لحن حبٍ طابَ iiمَسمعهُ
إلـيـه سـانـحـةٌ بالدِّفءِ iiتمتعهُ
أطـيـافُ ذكـرى وأحلامٌ iiتُروِّعهُ
همسَ السَّواقي شجيَّ اللَّحن iiمَسمعهُ
والـبـدرُ يبسم طلقُ الوجهِ iiمَطلعهُ
أُزيـحَ  عن وجنةِ الإِصباح iiبُرْقعهُ
ولـلـعـصـافـير تغريدٌ iiتُرجِّعهُ
بـالـحبِّ حيناً وبالبُشْرَى iiنَضَوِّعُهُ
بـسـلـسلِ الأملِ النَّشوان iiنُترعهُ
وضـمَّـنا  مثل صدر الأمِّ iiمَخدعُهُ
وعـطَّـل  اليوم بعد الأُنْسِ مَربعهُ
وَضَـنَّ بـالقطر غيثٌ كان يُمرعهُ
مـن بعد عهدٍ رضيِّ العيش يُفزعهُ
وعـهـدُ  حـبٍّ عزيزٍ لا iiأُضيُّعهُ
إلـى الـدِّيار مُعنىَّ الرُّوح iiتُرجعهُ
رِيَّ  الـمُـنَى بعد غِسلينٍ iiنُجَرَّعُهُ
وفـاض بـالـسلسل الثَّجَّاج مَنبعهُ
مـن نـازحٍ دائماتُ الخفقِ iiأَضْلعهُ