حلوة العينين
حلوة العينين
رزاق عزيز مسلم الحسيني - السويد
[email protected]حـلـوةُ الـعـينينِ تُزري بالظّباءِ
وجـههُا كالشمسِ في رأدِ الضحى
طِـفـلـةُ الـقلبِ إذا ما غَضِبَتْ
حـارتِـ الالـفـاظُ في أوصافِها
حـلـوةُ الـعـيـنينِ والروحِ معا
أمْ مـلاكٌ صـيغَ من وهجِ السنى
يـا سَـنـيّـا حـطَّـ مِنْ عليائهِ
إنْ تـلاقـيـنـا تـبـدّى وجهُهُا
دلّـهـتْـنـي وَثَوَتْ في أضلعي
أوقـدتْ فـيَّـ تـبـاريحَ الهوى
ويـحَ قـلـبـي من هوى جانيةٍ
صـدرتْ جـورا بـنـا أحكامُها
تـركـتـنـي بـعدَها في وحشةٍ
طُـعـمـةَ الأشواقِ قلبي والحشا
أيُّـهـا الـسـائـلُ عنّي لا تسلْ
وأنـا الـمـسـحـورُ في أحداقِها
وأنـا الـمـفؤودُ من حرِّ الجوى
كــلُّ داءٍ قـد يُـرجّـى بُـرءَهُ
أيّ ســهـمٍ لـكِ قـدْ سـدّدتـهِ
أنـتِ دائـي ونِـطـاسيَّ الهوى
مـن يـمتْ في الحبِّ مثلي صابرا
كـلـمـا حـاولـتُ أسـلو حبَّها
لـيـتـنـي أسـلـو هواها فلقدْ
كـيـفَ أسـلـوهـا وقلبي مِلكُها
شـغـفـتْـ قـلـبـي فما أتعبَهُ
* * *
مـا عـدا مـمـا بـدا فـاتـنتي
لِـمَـ حـلّـئتِ الهوى عن وِرْدِهِ
والإمـا أشـتـكـيـ حرَّ الظما؟
والـهوى هلْ كانَ طيفا في الكرى
لـسـتُ مـبـعـوثـا نبيّا للهوى
فـيَّـ أخـلاقُ الـنـبيينَ و لكنْ
مـا ذرفـتُ الـدمـعَ ذُلّا أو ونىً
فـتـعـالـي واسعفيني من لظى
إنْ تـجـودي بـلـقـاءٍ بـيـنَنَا
ويـذوبُ الـثـلـجُ من حرِّ اللقا
إنَّ هـذا الـكـونَ يـحـلو حينما
فـجـمـالُ الـكونِ يبدو مُضجرا
تـقـصـرُ الأعـوامُ عندَ المُلتقى
فـرعـى اللهُ سـويـعـاتِ الهنا
كـيـفَـ أنـسـى حينما قابلتُها
تـعـبـقُ الأجـواءُ مـن أردانِها
فـاتـركـيـنـي حالما في زورةٍ
ودعـيـنـي غـارقـا في نشوةٍ
يـومَ لُـقـيـاكِ سـيغدو مولدي
حـيـن ألـقـاهـا أأبقى ساكنا؟
أمْ سـأهـوي نـحوها مُحتضنا؟
أرشـفُ الـخدين أمْ خمرَ اللمى؟
* * *
فـتـعـالـي كـي تـكوني بلسما
فـي الـصباحِ الحلوِّ دفءا وسنىً
فـلـيـالـي الـبعدِ تهمي علقما
ولـقـدْ مـرّتْ بـنـا مُـرهـقةً
لـمَ نـنـأى عـن ثرى أوطانِنا؟
نـنـفـقُ الأعـمـارَ في غُرْبَتِنا
فـلـمـنْ أرفـعُ صوتي صارخا
والـى مـنْ أشـتكي في وحدتي؟
ورأيـتُ الـدّهـرَ يقلي ذا النُّهى
* * *
فـحـنـانـيـكِـ فـؤادي عاشقٌ
لا تـزيـدي فـي جـراحاتي فما
ذابَـ مـن حـرِّ اشتياقٍ وجوىً
فـاصطباري غاضَ منْ لفحِ النّوى
بـتُّ أخـشـى تـتـداعـى إثرَهُ
كـلُّ ذنـبٍ فـي الـهوى مُغْتَفَرٌ
واطـلـبـي مـا شئتِ إلاّ عزّتي
فـعـراقـيٌّ وحـسـبي موطني
نُـحـتـتْ أحـرفُـهُ في خافقي
قـد رضـعـتُ الـعزّ منهُ والإبا
وطـنـيـ الأجـملُ يبقى جنّتي
مـا شـربـتُ الـذلَّ أرجو أربا
قـد مـحـوتُ لـفظَهُ منْ مُعجمي
* * *
فـتـعـالـي انـنـي مـخـتنقٌ
لـتـهـيـمَ الـروحُ فـي آفـاقهِ
كـهـزارِ الـدّوحِ نـشـدو طَرَبَا
نـنـثُـرُ الـشـعـرَ عليهِ دُررا
نـرسـمُ الاشعارَ في لوحِ السما
بـسـمـوِّ الـجـرحِ فينا نرتقي
نـمـسـحُ الاوجاعَ طُرّا والأسىكـنـسـيـمِ الروضِ مرّتْ بإزائي
مُـشـرقُ الـبسمةِ يسخو بالضياءِ
وهـي كـالـمُزنِ صفاءا في نقاءِ
وصـفُـهـا بـالحسنِ أدنى للهجاءِ
حُـسـنُـكِ الأخّاذُ من طينٍ وماءِ؟
قـد تـسـامـى بـجمالٍ وسناءِ؟
كـيـفَ للأرضِ هوى بدرُ السماءِ؟
أحـمـرا كـالوردِ من فرطِ الحياءِ
كـنـتُ عنها في غنىً لولا شقائي
وانْـبَـرَتْ بـاكـيـةً كـالأبرياءِ
قـد تـولّتْ في الهوى حُكمَ القضاءِ
وادّعـتْـ كـنـتُ خليّا بانزوائي
شـاردَ الـذهـنِـ كثيرَ الإنطواءِ
ولـظى البركانِ تجري في دمائي
فـأنـا الـمـفتونُ في حبِّ الظّباء
ولـقـدْ عـزَّ عـلى الراقي شفائي
لـيـس لـي غيرَ التّأسّي من إِساءِ
غـيـرَ داءِ الـحـبّ كالدّاءِ العَياءِ
لـم يـكـنْ يُـخطئني عندَ الرّماءِ
ولـقـد كـنـتِ ومـا زلتِ دوائي
كـانَ حـقّـا فـي مراقي الشهداءِ
حـنّـتْ الـنـفـسُ لأيّامِ الصفاءِ
أَطـفـأَ الـيـأسُ قـناديلَ الرَّجاءِ
مُـحـكـمُ الأصفادِ يرزحُ في عناءِ
مـن مُـعـنّـىً شفّهُ طولُ الجفاءِ
* * *
فـلـقـد كُـنّـا كـماءٍ في طِلاءِ
ظـامـئـا يحلُمُ في عذبِ الرّواءِ؟
قد سئمتُ القولَ ما جدوى اشتكائي؟
أمْ جـهـامـا فـتجلّى عنْ سمائي؟
فـأُقـاسـي مـنـهُ أنواعَ البلاءِ
لـيـسَ لـي صبرٌ كصبرِ الأنبياءِ
فـأذلَّ الـحـبُّ دمـعـي ببكائي
فـي حـنايا الصدرِ شبّتْ لاكتوائي
تـصـبـحِ الدُّنيا ربيعا في شتائي
ويـحـولُ القطبُ بالدفءِ استوائي
تُـشـرقُ الـمرأةُ دوما في سمائي
إنْ خـلـتْ منهُ ابتساماتُ النساءِ
والـسـويـعاتُ دهورا في التنائي
لـيـتـهـا عادتْ بنا نحو الوراءِ
خـيـفـةً بـلْ خُفيةً عن كلِّ راءِ
وهـيَ تـخـتـالُ بـفستانِ البهاءِ
هـيَ والـعـمـرُ عـلى حدٍّ سواءِ
حـالـمـا أنـهـلُ من خمرِ اللقاءِ
مـثـلـمـا يومِ الجفا كانَ انتهائي
وأرى الـدنـيـا جـمـيعا بإزائي
وأعـبُّ الـخـمـرَ عـبّا باشتهاءِ
ولـيَ الـتـعـيـينُ حرٌّ بانتقائي
* * *
فـجـراحـي انتغرتْ بعدَ الجفاءِ
وقُـمَـيـرا بـاسـما عندَ المساءِ
ولـقـدْ جـادتْ عـلـيـنا بسخاءِ
ووئـيـداتِ الـخـطى دونَ حِداءِ
ونـوارَى فـي مـنـافـي الغرباءِ
وأمـانـيـنـا تُـذرّى في الهواءِ
لـيـتَ شـعـري أمجيبٌ لندائي؟
وقـلـوبُ الـناسِ فاضتْ بالرّياءِ
وصـديـقـا طـيّـعـا لـلأغبياءِ
* * *
صـادقُ الـودّ صـدوقٌ في الوفاءِ
أبـقـتِ الـدُّنـيـا لهُ غيرَ الذماءِ
فـعـديـنـيـ بـلـقاءٍ لانطفاءِ
وتـلاشـى مـعـهُ حـتّـى إبائي
عـزّةُ الـنـفـسِ وصرحُ الكبرياءِ
وبـغـيـرِ الـهجرِ قتلي إنْ تشائي
شـيـمـتـي تأبى ويأباها انتمائي
شـامـخَ الأمـجـادِ دومـا والبناءِ
خـالـداتٌ لـيـس تـبلى بانمحاءِ
فـنـشـأتُ مـشـرئـبّـا للعلاءِ
وبـهِ اسْـتـغنيتُ عنْ يومِ الجزاءِ
فـيـهِ أو أسررْتُ حسوا بارتغاءِ
لـم يـكن خوفَ الاذى يوما ردائي
* * *
نـبـسـطُ الجنحينِ في جوّ الفضاءِ
ونـغـنّـيـ لـلهوى حلوَ الغناءِ
فـجـمـيعُ الكونِ يُصغي بانتشاءِ
بـمـعـانٍـ لا تُـضاهى بارتقاء
كـنـجـومٍ تـتـلالا بـازدهـاءِ
ونـغـنّـي بـيـنَ جمعِ الشعراءِ
عـن قـلـوبٍ دامـيـاتٍ وظماءِ