في غّزة

في غّزة

سمهر صافي

[email protected]

أرض الوفاء والدما والعزة

أطفالنا

كتبوا بحبر دمائهم معروضهم للقمة العربية العصماءْ

و جاء فيـه :

بسم الله الرحمن و الرحيمْ 

من نبضتي الحبلى بموتٍ قادمٍ داني

إلى

جلالة الملوك أصحاب التياجينِ

و فخامة الرؤساء أصحاب النياشينِ

باسمي و باسم أبي الذي قد مات في حطينْ

باسم الحقول و روحها

باسم الجداول و الدماء و دفئها

باسم الحياة و ما تبقى من زهور الياسمينْ

أهيب ... أطلب من حكومات العربْ

أن تعلن استنكارها

حتى نظل في أمانٍ مقتضبْ

فإنني أبكي

و لكن ليس من أجل الفضيحة و الهوانْ

و ليس من عبث الفجيعة و الزمانْ

و لست أبكي إذ أفقت الفجر دون عبوة الحليبْ

فلم أمصّ رشفة من عـّزنا المهيبْ ..

و لم يسغْ لي مطلقاً مضغٌ لعنقود العنبْ

بل إنني أبكي

لأني ما ارتويتُ مثلما أشعتمُ

من موئلات بطولة الكبارْ

و من دروس أمة ذاقت بيومٍ طعم الانتصارْ  ..

و حلاوة الصف الوحيد ..

و لذة النهارْ ..

مهلاً عليّْ

لا تسجنوني  في غياهيب الخُطبْ

قسماً بربـّي ما شعرتُ تجاهكم

بالحنق يعصف في دمي أو بالغضبْ

و إنني أبكي دواماً

منذ آلاف الليالي الجائعات

عندما لم تلتقط شفاهنا

إلا هواءً فاسداً

من كثرة التكرارْ

يا قمـّة الأشراف

و الأسياد

و الأخيارْ

لست الذي يستاء يوماً واحداً

إن منكمُ من نـدّدا

أو آخر من قد شجبْ ..

ماتت دموعي تحت أنقاض الصمودْ

و نبضتي

و نبضها المعهودْ

قد مات خلف شائك الأسوارْ

و رمى عليها الماء

أطفأ جذوها

قمم العربْ

في غـّزه

أرض الوفاء و الدما و العـّزه ...

الناس لا يروقهم

سماع صوت القصف و الدمارْ ..

و هدير طائراتهم

و وقعة الأجراس للإنذارْ ..

الناس لا يروقهم إلا سماع  قوة التنديدْ ..

و عزف الاستنكارْ ...

و صلابة المواقف الرسمية

و صورة الرفض الأكيدْ ...

لبشاعة الحصارْ ...

فاستنكروا و نددوا و استهجنوا ..

فالشعب - كل الشعب -

يصدح خلفكم و يعلن استنكارْ

و يشجب الممارسات السافره

و يلعن الحمارْ ...

استنكروا و نددوا و استهجنوا ..

فالقدس ما يزال في مخزونه

بقية الشبانْ ..

و فائض الآلام و الأحزانْ ...

ما زال في مقدور كل مئذنةْ

أن تنعي الأطلال و الآمال و الإنسانْ ...

و ما يزال ممكناً

أن تقرع الكنائس الأجراسْ ..

و تعلن الحداد في الأعراسْ ..

و ينتهي القداسْ ..

استنكروا و نددوا و استهجنوا ..

فالمسجد الأقصى يروق له سماع رنـّة استهجانْ

فواصلوا التنديدْ

لعل في صراخكم

يعود من سمائه المسيحْ

لعلّ قبل موته ... حيـّاكم الجريحْ

و أطفئ البركانْ

استنكروا و نددوا و استهجنوا ..

فالمصحف الشريف

ما زال في صفحاته

يعج بالأحكامْ ...

و قوله سبحانه :

إنا له لحافظونْ ...

فامضوا و لا تخشوا المنونْ ...

و استنكروا تطاول الأصنامْ

و رفعة الأشرار فوق عظامنا

و خسة الأقزامْ ...

استنكروا و نددوا و استهجنوا ..

فحائط البراق يخفي خلفه

نبيـّنا العدنانْ

فأسمعوه صوت الاستنكارْ

ليعلم الرسولْ

بأننا و القدس لن نزولْ

من قال أن محمداً قد ماتْ

فإنه مقتولْ ..

يا أيها الفاروق عذراً

مات في صدورنا الرسول ...

قد مات من صدورنا الرسولْ