البعث..؟ أطلقوا النار عليه 3
البعث..؟ أطلقوا النار عليه
ملحمة شعرية من ستة أجزاء - الجزء الثالث
أبو الشمقمق
سقط الكلب الذي كان اسمه البعث سقوط الغانيةْ
سقط الكلب فلم يبقَ لديه غير لحظاتٍ
لكي يأخذه الشيطان نحو الهاوية ْ
لا تمدوا يدكمْ كي تنقذوهُ بل دعوهُ غارقاً في العار حتى أذنيهِ
سقط الكلب سقوطاً غير مأسوف عليه ِ
منذ أن راح يعضّ الناس في حقدٍ ويدمي أقرب الناس إليه ِ
أيها السائل عنا !
لا تسلنا كيف كنتم سادةً بين شعوب الأرض ؟
حتى جاء من يربطكم مثل حمار ٍ بعمود الساقية ْ
نبطيٌّ ناتئ القرنين ضخم الرأس لا يحفظ عهداً
ضيّق العينين مسعور على شدقيه آثارُ دماء قانية ْ
أيها السائل عنا !
لا تصدق أن في أرض الكرابيج اختيارا
رغم ما يعلكه الأحبار ليلاً ونهارا
بل حصاراً وحصارًا وحصارا
قتلوا الإنسان فينا قبل أن يقتلنا ناحوم في حيفا وفي يافا وفي القدس ِ
على أرض السلام الباكية ْ
قتلوه غيلة ً في تدمرٍ ثم على أرضِ حماة َالداميةْ
قتلوا وجدانهُ عنوانهُ تاريخهُ
ومحوا اليرموك َ والجسرَ وحطينَ وعين جالوت َ من ذاكرة الأمة ِ
ثم استبدلوها ببطولات الطواشيْ وأخيهِ
وعضاريطهما من سقطِ الروثِ وبعرِ الماشية ْ
وأحاطوه بهالات من التعظيم فازداد عتوّاً
وهو لصٌ مارقٌ كان سيكفيه رغيفٌ يابسٌ أو بيضةٌ مسلوقةٌ
أو ركلة فوق قفاه العارية ْ
فزعاً يرفع حصناً فوق حصن ٍ
خائفاً من وثبة الشعب وأمواج السيوف العاتية ْ
أيها السائل عنا !
نجح الطاغوت في جرّ رجال الحي ّ جرّ الزانية ْ
فاسألوا الأقيال عما فعلوه !
جعلوا من كل صرصورٍ على الإنسان أذْنأ صاغية ْ
رصدوه وهو طفل فإذا شبّ أحالوه إلى أجهزة الإفساد والإلحادِ
كي ينتزعوا منه بذور الخير والحق بأيد قاسية ْ
حاصروا أحلامه كي يمنعوها من عناق الشمسِ
أو لمس تباشير الربيع الآتية ْ
علمّوه كيف يغدو واشياً
وإذا ما لامسوا منه صدوداً راقبوه دون أن تخفى عليهمْ خافية ْ
وأتوه في هزيع الليل وانقضوا عليه كالوحوش الضارية ْ
رفسوا زوجته وانتهروا أطفاله ُ
قيّدوه ثم قالوا أنت يا فأر ُ إذا كنت بريئاً سوف نحييك حياة ثانية ْ
وإذا كنت مريباً سوف ننسيك حليباً أرضعته لك أم ٌ حانية ْ
عندما تنطقُ نرتاح ُ ولكن عندما تصمتُ لا نعرف ما تبطنه ُ
قذفوه تحت سطح الأرض لا يعرف ليلاً من نهارٍ
وأروه في الدهاليز نجوم الظهر من تحت السياط الهاويةْ
حرموه وأجاعوه فأدلى باعتراف كاذبٍ
ثم ألقوه كما لو كان كيساً فارغاً في الزاوية ْ
نام حتى أيقظته صعقة من كهرباءٍ طهّروها بالحموض الكاوية ْ!
ثم غلّوه وصلّوه وألقوه عظاماً بالية ْ
عطلوا أجهزة التفكير والإحساس فيه ِ
جعلوا منه أداة ًتتغنى بحياة الطاغية ْ
وأصاب القومَ ذعرٌ حينما أعلن جرذ ٌ من رجال الحاشية ْ
كل مملوك بهذا الوطن الحرّ مدانٌ
كل صعلوك على أرض الثعابين مذلٌ ومهانٌ
كل من لم يعوِ منكمْ معنا فهو علينا
اصلبوه واجعلوه عبرةً ينقلها الناس لأجيال العبيد الآتيةْ