الله أكبر إنها حلب
د. عبد السميع الأحمد
لا تغمضي عينيك يا حلبُ
صبراً فداك الأهل والنشبُ
أبكيك والأهوال نازلة
فوق الجبين كأنها الشهب
عيناك ساهمتان في أفق
تتأملين وفي الحشا غضب
تستبطئين اليوم نجدتنا
أوَ تحسبين بأننا عرب؟
تتألمين وأنت صابرة
والجرح ينزف والشهيد أب
في كل يوم تفقدين أخاً
أو طفلة في المهد تنتحب
من لم يمت بالسيف باغته
برميل حقد ملؤه الغضب
تتناثر الأطفال في دمها
فوق الركام كأنهم لُعب
أشلاؤهم في كل زاوية
وعيونهم برموشها تثب
يا ويحهم لم يبلغوا حلما
كلا ولم تحفظهم الكتب
كالياسمين تلقفته يد
جزته لا ذنْبٌ ولا سبب
ماذا جنى المسكين يبقره
عِلْج له في قتلنا قُرَب
والأمهات يمتن من كمد
وعيونهن السيل ينسكب
يبكين لا سند يلذن به
والقلب في أحزانه يجب
آمالهن تبعثرت مِزقا
وأمامهن الخوف ينتصب
الموت يسكن كل زاوية
مترصد كالسهم مرتقب
إن فاتها القناص في يده ال
موت الزؤام كأنه الحبَب
فأمامها برد ومخمصة
وأمامها الآلام والسغب
أحلامها دفنت بمقبرة
فيها الصبا والحب والأرب
وتحطمت آمال نخلتها
والذكريات البِيض والقُشُب
تبكي وفي أهدابها وطن
مغرورق بالدمع مضطرب
لم يبق من أحلامه طلل
إلا بفيض دماه يختضب
والمسجد الأموي منكسر
والدمع من عينيه ينسكب
آهٍ على أحجاره انهدمت
والمنبر الصدّاح والخطب
والقلعة الشماء مطرقة
والسوق والأبواب والتّرَب
وشقائق النعمان ذابلة
والفستق المكنون والرّطَب
وحناجر الشعراء واجمة
وعقيرة المدّاح ترتقب
أين القدود تهز ناديَنا
والرقصة الميساء والطرب
ومآثر التاريخ ماثلة
في كل ناصية لها نصب
ماذا دهاك اليوم يا بلدي
والموت في الأرجاء منتصب
لا تحزني بعد الشتاء غداً
يأتي الربيع ويزهر اليبَب
ويغرد المحزون مزدهيا:
الله أكبر..... إنها حلب