الاغتسال بالنور
الاغتسال بالنور
سعيد عبيد 1
للذنب همٌّ يغرِس الأحزانَ والأوجاع في أصلِ القلوبْ
يا صاحبِي
إني كئيبْ
وبصدريَ المفؤود ليلٌ
كالنعيبْ
أصواتُ أشباحٍ تولولُ
بالثبور وبالنحيبْ
لا شكَّ أنكَ قد سمعتَ وساوسي
ورأيتَها
تجري، تهرولُ حافياتٍ باكياتٍ
في الشوارع والدروبْ
عَجلَى تحدّقُ في الفراغ... وتارةً
تُدني الخُطى
دَهْشَى تحملق في السماءْ
يا صاحبي
قل لي بربكَ أيُّ سِرٍّ في السماءْ؟
العينُ تدمع إذْ ترى
نجماً تلحَّفَ بالحياءْ
وجِلاً
يُسبّح ربهُ
في زُرقةٍ لا تنتهي
ورفاقُه العُشّاقُ حولَه يَسْبَحونْ
ويُرتّلونَ – كما الملائكِ – ناعمينْ
ترنيمةَ العهد القديمْ[2]
وأظلُّ مشدودا إلى هذا الصفاءْ
اللهُ يا ألله لا هَمٌّ هناكَ ولا ذُنوبْ
ليتِي هناكْ
الله يا ألله ما هذا النقاءْ!؟
وأظل مشدوهاً
ومن عينيَّ تنفجر الشؤونْ.
**** **** ****
دمعي يسيلْ
ويسوقُني مَلكانِ
نحو بُحيرة من سلسبيلْ:
"اخلع ذنوبَكَ
واغتسل بالنورِ
واجأرْ بالدعاءْ"
وقفا بجنبِي يَبْسِمانِ
وهيَّآ لي فوق عشب رائعٍ
سِجادةً
وعباءةً
وفَتيتَ مِسكٍ من عطور الأنبياءْ
لما اغتسلتْ
وجهتُ وجهي للَّذي سكب الضياءَ على الضياءْ
في ركعتينِ
بكيتُ ثم بكيت ثم مضيتُ أنظر في السماءْ
ولقد شفى نفسي وأبرأ سُقمها
ذاك البكاءْ
فإذا وساوسي كلُّها
صارت هباءْ
فكأنما كُتبت بماءْ
وإذا بِصدري جنةٌ فيحاءُ فيها أنجمٌ
في زُرقةٍ... دون انتهاءْ...
من ديوان "مكابدات في الطريق إلى النور" – فاس – المغرب – 2010.
[1] - شاعر من المغرب.
[2] - لبيكَ ما أبهاك ما أسناك يا ملك الوجود !
لبيك وحدك يا مليكا لا تحيط به الحدود !
إنا شهدنا في الأزلْ
واليوم نشهد ما شهدنا من جديد.
لا يكشف الكرب إلا الواحد الأحد