( من وحي ذكرى رحيل أبي القاسم الشابي في 9 أكتوبر 1934 )
تذكرت صوتك ، يا شاعري = وحكمتك الحرة السائره
بأن الشعوب إذا ما أرادت = تجاب إراداتها الآمره
فينحسر الليل عن روحها = وتُكسر أصفادها الجائره
وتصبح سيدة حرة = ترفرف راياتها ظافره
ويزدهر العدل في أرضها = وتأمن كثرتها الكاثره
فلا السوط يحرق منها الظهور = ولا السجن ظلمته قابره
وثار أعاريب هذا الزمان = براكين غاضبة هادره
يريدون خبزاً ، يريدون بيتاً = يريدون صحتهم ناضره
يريدون عدلاً ، يريدون أمناً = يريدون حرية وافره
ولكنْ ، ويا هول ما بعد " لكنْ " = توالوا على سبل عاثره
فشقوا الصفوف ، وراموا الحتوف = وسلوا سيوفهمُ باتره
وأحيوا خلافات ماضٍ بعيد = قبائل منحورة ناحره
أسالوا الدماء قساة القلوب = وشبوا حروبهم الغادره
أباحوا مرابعهم للخراب = شياطين إنس غدت فاجره
وما أمِلوه ربيعاً ونوراً = تمخض عن نكبة فاقره
محالٌ تُجاب إرادة شعب = من الله ذي الحكمة الباهره
إذا فرقته مساوي النوايا = وحاد عن الشرعة الطاهره
وسار على شرعة الغاب وحشاً = ضرياً مخالبه الكاسره
أساؤوا لك الفهم ، يا شاعري = فأودوا بثوراتهم خاسره