*
* *
هي أُمَّتي بين الورى وفخاري = ونشيدُ عمري الثَّائرِ الخطَّارِ
هي أُمَّتي الثكلى بعصرِ تآمُرٍ = للظالمين النَّاسَ والكفَّارِ
آذى تَفَجُعُها فؤادي فالأسى = وخزاتُه مشبوبةٌ من نارِ
وتكادُ ترديني مصائبُ أهلِها = وتردُني كالميْتِ في أطماري
لكنَّه الإيمانُ باللهِ الذي = برأَ الوجودَ ، فليس فيه نُماري
قد قَدَّرَ الأقدارَ جلَّ جلالُه = فالخيرُ كلُّ الخيرِ في الأقدارِ
يرعاكِ ربُّكِ أمَّتي لاتحزني = سيردُّ عنكِ ضراوةَ الفُجَّارِ
بوركتِ بالإسلامُ لن يفنى الهدى = ولأنتِ طولَ الدهرِ خيرُ منارِ
بوركتِ في غدِنا ، وبورك موئلٌ = قامت دعائمُه على الإيثارِ
بربوعِكِ الخضرِ الجميلةِ بسمةٌ = رغمَ المصائبِ بسمةُ استبشارِ
وهي القراءةُ للرجاءِ ولم نزل = نحن الأُباة نمجُّ طعمَ العارِ
فاهنأ به ياجيلَ جندِ مُحَمَّدٍ = لم يُبقِ من همٍّ ولا أكدارِ
أهلوكَ ياجيلا صحا أهلُ العلى = فاعلمْ فما للمجدِ من إنكارِ
بين البرايا ذكرُهم لم ينصرم = عمَّا لهم من رِفعةٍ وجِوارِ
منهم إليك رسالةٌ فيَّاضةٌ = غنَّتْ بهنَّ سواجعُ الأسحارِ
أمَّا أنا فلديَّ من شعري لكم = مافي السَّحابِ المغدقِ المدرارِ
فيضانُ صدرٍ قد كوتْهُ فواجعٌ = ورمتْهُ ظلمًا مُديةُ الجزَّارِ
لكنَّه إيمان قلبي بالكريمِ ... = ... يعينُني ، ويفكُّ قيدَ إساري
لاالمخبأُ الممدودُ في جوف الدجى = داري ، ولا الصَّمتُ المريبُ بدارِ
الليلُ في الوادي سجى فاستَيْقِظَنْ = وانهضْ حَبَتْكَ مطالعُ استبشارِ
لم يطمس العبثُ البغيضُ بعصفِه = زهراتِ مرتَبَعٍ بإذن الباري
وجلالُ قافلةِ الوفا لم ترتحلْ = عنه الوضاءةُ رغمَ لفحِ النَّارِ
باللهِ رُدُّوها عليَّ فإنَّها = أبهى ليالي العمرٍ ياسُّمَّارِي
فلقد ذكرْتُ بها أماسيَّ التي = أحيتْ مباسمَ بهجةِ الأقمارِ
وتولَّعتْ روحي بمغنى بوحِها = بيدِ الهناءةِ في رحيبِ دياري
ألقتْ رؤايَ على سحابِ فتونِها = وتقاطرتْ بينَ الضياءِ الجاري
لم تغفُ عيناي اللتان استوحتا = سرَّ المنى في موئلِ استغفاري
وجمعْتُ أمري وافترارَ بصيرتي = في هدأةِ الأحناءِ في الأسحارِ
فعلمتُ أنَّ العمرَ ليس بمنقضٍ = إلا بحقلِ ربيعِها المعطارِ
فسجدتُ للرحمنِ في محرابِها = وكفرْتُ بالطاغوتِ والأوزارِ
ونبذْتُ مافي زيفِهم من بعدِ ما = أوحتْ إليَّ بأصدقِ الأشعارِ
ووقفتُ أصدحُ في منازلها ضحىً = حين اجتماعِ بقيَّةِ الأطيارِ
فتبعثرتْ كلُّ الأناشيدِ التي = نسجتْ معانيها يدُ الأشرارِ
لم يبقَ رغمَ تزاحمِ الأضدادِ في = عرصاتِها إلا نشيدي الضَّاري
يدعو إلى الإسلامِ مَن لم يؤمنوا = ويُنيلُهم من أكرمِ الأسفارِ
ماست بنورِ عقيدتي روحي فلم = تحفلْ بما في الدربِ من أخطارِ
وتألقتْ زهوًا يجولُ بأضلعي = فأنا المحبُّ لشرعتي والشَّاري
عفتُ الحياةَ زخارفًا ولذائذًا = فلها أعيشُ وما بها من عارِ
أوقدْتُ مصباحي على آياتِها = وسعيتُ جوَّابًا مع الأنوارِ
اللهُ ربي ، والكتابُ ذخيرتي = وهُدَى النبيِّ محجتي وفخاري
والكعبةُ الغرَّاءُ قبلةُ وِجهتي = ومطافُ توحيدي ، وحجرُ مناري
تعسَ الطغاةُ ، ومَن رأوا غيرَ الهدى = والعابثون بأقدسِ الآثارِ
التائهون بتيهِ فلسفةِ الهوى = والمكتوون بنارِها والواري
آمنتُ بالإسلامِ يُحيي مجدَنا = بسحابِه المتدفقِ المدرارِ
يمحو أسى الثَّاوين في حسراتِهم = ويزيلُ عنهم وطأةَ الأكدارِ
أفياؤُه آنستُ فيها عزَّتي = والأُنسَ في ليلٍ سجى ونهاري
أمضيْتُ في جنَّاتِه عهدَ الصِّبا = يابؤسَ مَن عاشوا بغيرِ ثمارِ
مازلتُ أنهلُ من معينِ فراتِه = وتهيمُ حولَ ضفافِه قيثاري
لم يكترثْ قلبي بأحقادِ العدا = وبكيدِ ماحاكوه في الأوكارِ
ياموطنَ الأشواقِ أقصانا النَّوى = وطوتْ مطامحَنا يدُ الإعسارِ
لكنَّني أرخصتُ روحي ، لم تزل = تفدي الحنيفَ الروحُ في المضمارِ
ماضرَّني عسفٌ توهَّجَ بالإذى = أو نالَ من عزمي لظاهُ النَّاري
أو ردَّني فقرٌ فكان غِنايَ إذ = ما اخترتُ إلا من سناه إزاري
فأنا الغنيُّ بمصحفي وقناعتي = وحمايةِ الرحمنِ للأبرارِ
وأنا الذي لم تثْنِه المأساةُ عن = أملي الكبيرِ بقادرٍ قهَّارِ
عصفتْ بصدري هاهنا أكدارُها = فطوتْ مُنى ليلي ، وحُلوَ نهاري
وكوتْ أضالعي التي قد مسَّها = جمرُ المصابِ ووقدةُ الإعصارِ
منها أُعاني ما ألمَّ من الأسى = ومن الأذاةِ وسيفِها البتَّارِ
أثقالُ دنيايَ استوت آثارُها = همًّأ ، فيا للهمِّ في الآثارِ
دنيا تفورُ بها النَّوازلُ بكرةً = وعشيَّةً ياصاحِ ذات أُوارِ
وأظلُّ أنتظرُ الصباحَ لعله = يأتي بما في الفتحِ من أوطارِ
وأرى الحياةَ جميلةً مالاكها = حزنٌ يفيضُ مع الأسى الدوَّارِ
وأرى شكاوايَ الثقيلةَ تنجلي = كالغيثِ يجلو وحشةَ الإعسارِ
وأعانقُ الأفراحَ حيثُ رياضُها = جيَّاشةٌ ببديعِ صنعِ الباري
وأردُّ ماوارتْهُ من زمنِ الصِّبا = هذي الليالي إنهنَّ ضواري
تلك العهودُ الباسماتُ بما لنا = من طيبِ آدابٍ ومن إيثارِ
أبكي عليها كيف مرَّت مثلما = مرَّ تْ طيوفُ الأُنسِ بالأبصارِ
فيها التفاؤلُ والهناءةُ والرضا = والأمنُ ، يحلو الأمنُ للأعمارِ
هي جنَّةُ الدنيا التي ماسامها = عسفُ الأذى ، وتسلُّطُ الفجَّارِ
هي شيَّعتْ أمسي الجميلَ وأدبرتْ = لم تحتفل بتضرُّعي وجواري
ورمتْ به لم تستمعْ لشكايتي = أو تلتفتْ للمدمعِ المدرارِ
فأنا هنا مُرمَىً بقاحلِ بسبسٍ = مافيه من ظلٍّ ولا أشجارِ
أحيا أناجزُ حسرةً ، وكأنَّها = صيغتْ من الأنيابِ والأظفارِ
لكنَّني مازلتُ لم أحجم ، فقد = شدَّ اليقينُ بخالقي إصراري
أهفو إلى الرحماتِ في أكنافِها = ألفيتُ راحةَ قلبيَ الفوَّارِ
تُطوى مكابدتي ، وترحلُ حسرتي = وتروقُ بعد شجونِها أخباري
وبأحرفي الحرَّى سكبتُ توجعي = وختمتُ بينَ سعيرِها أسفاري
فالشعرُ يحمل دعوتي وبيانَها = من غيرِ طلسمةٍ ولا إنكارِ
والشعر مخضلًّ بما في نفحِه = من صدقِ بثِّ إبائه المعطارِ
أنقى من الأرجِ الطهورِ وما به = ريبٌ يُميتُ الحقَّ في مزمارِ
عربيَّةٌ ألفاظُه ما دُنِّستْ = بسفاهةٍ غربيةِ الأفكارِ
العنفُوانُ يضجُّ في أوزانِه = عذب الأداءِ على لسانِ القاري
أعتى على مَن أدلجوا خلفَ الهوى = في الغيِّ والإنكارِ والأوزارِ
والشعرُ يحملُ ما بقلبي من أسىً = لمآلِ قومي في يدِ الأشرارِ
ويثيرُني فرحٌ لآمالٍ أرى = ومضاتِها من غيرِ ما إنكارِ
وأعيشُ وعدَ اللهِ في قرآنِه = رغمَ الكروبِ ومؤلمِ الأخبارِ
نسعى بدعوتنا ، نعيدُ فخارَها = أنعم بها من عودةٍ و فخارِ
لتعيشَ في الخيرِ الشعوبُ وإنَّما = في غيرِها نُذُرٌ عوتْ بتبارِ
وَلْتَرْحل المللُ التي خابت فلم = تنقذْ بنيها من أذىً وعثارِ
في شرعنا التكريمُ أغنى مَن أتوا = لتآلفٍ وتواصلٍ وجِوارِ
وحديثُ إلهامٍ إلى قلبي هفا = يسقي الجوى من فيضِ بِرِّ الباري
ما اعتلَّ قلبي من لظى همٍّ عدا = إلا وجدتُ من الرجاءِ الجاري
لمَّا تعقبني الأذى دافعْتُه = بيقينِ قلبي المصلتِِ البتَّارِ
لم تنهزم نفسي الأبيَّةُ عندما = عصفتْ رياحُ الظلمِ حول دياري
خابَ الزنيمُ ومَن رمى دينَ الهدى = باللؤمِ والأنيابِ والأظفارِ
يطوي الفنا تلك الوجوهَ تجرأتْ = لم تخشَ قدرةَ خالقٍ جبَّارِ
اللهُ أنزل شرعةً تبقى وإن = جارَ الطغاةُ بليلهم ونهارِ
هي دعوةٌ جاءَ النَّبِيُّ بخيرِها = للنَّاسِ كلِّ النَّاسِ في الأمصارِ
أمَّا الجناةُ فزادُهم إثم غوى = جاءت إليه عصابةُ الأشرارِ
عاشوا بغطرسةٍ ، فمرَّغَ وجهَهم = مافي التَّكبرِ من خبالٍ سارِ
واللهُ لايُؤتي هُداهُ لغافلٍ = أو مجحفٍ متلكئٍ غدَّارِ
أزرى بأُمَّتنا خضوعُ رجالِها = للظالمين أولي هوىً وشنارِ
ماهبَّ منهم مَن يقولُ لمجرمٍ = يكفيك إجرامًا بلا إنكارِ
حكموا بغيرِ الحقِّ فاستشرى الهوى = و وَنَتْ لخستهم يدُ الأخيارِ
والحكمُ إذ ألقى عصاه لمفترٍ = سادتْ ... فبئس عصابةُ الأغرارِ
حزني على قومي وسمعةِ أُمَّتي = وعلى مصابِ مكانِها بِصَغَارِ
كانت لها الدنيا تدينُ وصوتُها = أعلى ، وذاتُ مكانةٍ و نِجارِ
حتى أتى السُّفهاءُ في طغيانِهم = فاسودَّ وجهُ بهائِها بِشَنارِ
فتضاءلتْ دفقاتُ مجدٍ ، وانطوتْ = صفحاتُ فخرٍ كُفِّنَتْ بخُوارِ
واستأسدتْ جرذانُهم واقتيدَ مَن = هم أهلُ أكرمِ تلكُمُ الأوطارِ
الصَّالحون الصِّيدُ ربَّتْهُم على = قيمِ الوفا : قدسيَّةُ الأسفارِ
فاقرأ مزاياهم على صُحفِ النَّدى = مستمتعًا بالوصفِ في الأسطارِ
أيُغَلُّ أهلُ الحقِّ في سوقِ الأذى = ويصولُ أهلُ البغيِ في إيسار !!!
هذا زمانُ الريبِ ، فاصبرْ مؤمنًا = للخطبِ ياذا المُبتَلَى بإسارِ
لابدَّ أن يرثَ الخلاصُ ، ويومها = لابدَّ للإصباحِ من إسفارِ
ويزولَ ليلُ الكربِ عن آفاقِنا = فتروقَ للمزوارِ والسُّمَّارِ
ويطيبَ عيشُ العزِّ في رَبَوَاتِنا = ويعودَ أهلُ البِرِّ للتَّسيارِ
تعسَ الطغاةُ ، ومَن تولَّى أمرَهم = أو شدَّ قدرةَ لؤمِهم بقرارِ
هانوا وعندَ اللهِ موئلُ أَوبةٍ = للظالمين ، وموعدٌ في النَّارِ
الوصفُ يعجزُ أن يلمَّ بما لهم = من كربةٍ وَتَفَجُّعٍ و مرارِ
وهو العذابُ ولستَ تقرأُ هولَه = في قولِ أهلِ بلاغةٍ و حوارِ
فلقد نسوا الديَّانَ في دنياهُمُ = كِبرًا فبئسَ ضلالةُ استكبارِ
فاللهُ ينساهم بقعرِ جَهَنَّمٍ = فالويلُ كلُّ الويلِ للفجَّارِ
لاتَحْزَنَنْ ياصاحِ إنَّك مسلمٌ = وسِواكَ موعدُه مع الكفَّارِ