لـيـوث الـجـهـــاد

نَـفَـتِ الـكَـرى مـن مُـقلـةِ الـوسْــنانِ

ذِكـرى تُـنـاجي صَـبْـوةَ الـوجْـــدانِ

بِـالـشَّـــوقِ تُـلْـهِـبُ مُـهـجــةً تَـوّاقـةً

تهـمي لهـا في سُـــهْـدِهـا الـعَـيـنـانِ

ويضـيقُ عنهُ القلبُ حتى كـادَ في

ســـكراتِـهِ يَـشــــكـو إلـى الجُـــدرانِ

سـكنتْ طـويلاً ثمَّ هـاجتْ عِندَمـا

طـرقَتْ حــــــلاوةُ صـوتِـهــمْ آذانـي

أنـغـــامُ طـيـرٍ أمْ خـريـرُ جَــــداولٍ

يـا صَـوتَ أحْـبـابي الّـذي أشْـجـاني

بَـردى وعـاصٍ والـفراتُ سَــرتْ لــهُ

بِدمي فـهـاجتْ عِنـدَهـا أشْــجـاني

لـيْ فـي الـشَّـــآمِ أحِـبّـةٌ لـو أنّـهــمْ

طَـلَـبـوا الـفــؤادَ بَـذَلْـتُـهُ بِـتَـفـــانِ

فـارقـتُـهُـمْ مُسْـتَـنْـزلاً نـارَ الجَــوى

فـي روضِــهِ لِـتَـزيــدَ فـي نـيـرانـي

أقـمـارُ لَـيــلٍ لا يُرى مَـعَـهُـمْ أســىً

وَغـنــاؤُهُـــــمْ آيٌ مِــن الـقُــــــــــرآنِ

لا يُـقْبِلـونَ على مَـجـالـسِ غِيبـةٍ

يـومــــاً ولا لـهْـــــوٍ مــع الأقْـــــــرانِ

فَمِنَ الصّـلاةِ إلى الصّـلاةِ قلوبُـهُـمْ

مَـشـــغـولـةٌ بِـمـراتبِ الإيـمـــــــــانِ

يَتـسـابقـونَ لِيَـرْتُـقــوا دَرَجـاتِـهـــا

يَدْعـونَ بِالـحُـسـنى إلى الرّحـمـنِ

بيـنَ المسـاجـدِ والكـتـابِ وعـالِــمٍ

ومَـجــالِــسٍ لِـلــذِّكْــرِ والإحْـســــانِ

لم يَدْخُلـوا يومـاً خصامـاً أوْ لَـهُـمُ

في الـشَّـرِّ نـابٌ عَـضَّ بِالخُـســـرانِ

فـهُــمُ أرقُّ مِـنَ الـزُّهــــــورِ نَـديَّـــةً

وأجَـــلُّ مــن دِيَــــمٍ عـنِ الــوِديــانِ

الصّـابريـنَ على الأذى حِلـمـاً ومـا

عَـجِـزوا ولـكنْ رفـعـةٌ في الـشّـــانِ

والمعرضينَ عن السّــفـيهِ ترفُّـعـاً

عَـمّـا يـشـــيـنُ كـرامـةَ الإنـســـانِ

عَفُّـوا فظنَّ الجـاهـلونَ عَـفـافَـهـمْ

والصمتَ يَكـتَـنِـفـانِ وَهْـنَ جَـبــانِ

حَـتى إذا مــا الـظُّــلْـمُ أبرزَ نـابَــهُ

واجـتازَ حَـدَّ الصَّبْرِ في الطُّـغيانِ

وأحَـلَّ طـاغـيةُ الـبـلادِ حَـرامَـهــا

لِـلـمُـفْـســدينَ حُـثـالـةِ الـذُّؤبــانِ

هَـبّــوا لـيــوثـاً زلْـزلَـتْ أركــانَـــــهُ

فَـغـدتْ مَـهـابَـتُـهُ مـعَ الـحِـمــــلانِ

زأَروا بِـتـكـبـيـرٍ يُـجَـلْـجِــلُ عِـــــزّةً

مِـنـهُ اقْـشَـعَـرَّ صـوامِـــدُ الأبْــدانِ

لـَـمْ يَـرْهَـبــوا نِـيـرانَــهُ وأمـامَـهـــا

وقَـفـوا ثَباتَ الـسَّـــدِّ لـلـطُّــوفــانِ

إنّ الشَّـجـاعـةَ لا تُقاسُ بِمنطــقٍ

شَـرسٍ ولا سَـــفَـهٍ وطــولِ لـســـانِ

لـكــنْ بِـمَــوقـفِ عِــــــزَّةٍ مُـتَـفَــرِّدٍ

مــع قِـلّـةِ الأنْـصــــارِ والـخِــــذلانِ

أوْ صَــولـــةٍ لِأبِـيّ نـفــسٍ تـلـتـقي

مَـنْ كـانَ أرْجى مِـنْهُ في الميـدانِ

فَـلَـرُبَّ مَــذْلـــولٍ يُـعَــوِّضُ نَقْـصَـهُ

بِالقَولِ مــا لَـمْ يَسْـتَطِـعْ بِســنـانِ

وَلَـرُبَّ مِـقْــــــدامٍ إذا أبْـصَــــرْتَــــهُ

مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ عُـدَّ في الخُرْسـانِ

أفْـعـالُـــــهُ يـــومَ الـنِّـزالِ قَــؤُولـةٌ

مـا لا يُـطـيـقُ لـســانُ ذي تَـبْـيـانِ

مــا هَــمُّــهُ دُنـيــــا ولا طُــلاّبُـهــــا

فَـجَـنــانُـــــه مُـتَـعَـلّــق بِـجِـنـــــــانِ

خَذلتْهُِمُ الدُّنيا فلم يَسْـتسْـلِمـوا

ورمَـــوا ذوي الإرجـافِ لِـلـنِّسـيـانِ

رَفَـعــوا لِـرايـاتِ الجِـهـادِ سَــوارِيـاً

بِـالـنَّـجْـمِ تلْـقى نَظــرَةَ الـغـيرانِ

مـا زالَ سـيفُ الحـقِّ في أيْديهِـمُ

يَنفي الخَـنا عنْ طـاهـرِ البُلدانِ

نَـذروا لـــــهُ ألّا يَبيتَ بِـغِــمْـــدِهِ

وَثـرى دِمَـشْـقَ يَـدوسُـــهُ إيـرانـي

وصَـبـا دِمَـشْـقَ يَشَــمُّـهــا إيـرانـي

ويَبيتُ تَحْـتَ سَــمـائِـها إيـرانـي

مِـنْ رأسِــهِ الـقُـمِّـي حَـتى دُبْــرِهِ

الـسّـــاحِـلِـيِّ وذيْـلِـــهِ الـلُّـبـنـانـي

وَذِراعِــهِ الـسّـاعي لِيَبْنيَ دَولـةً

لِـخَــــوارجٍ تَـمْـتَـدُّ بِـالـبُـطـــــلانِ

يا ربُّ هُمْ لكَ ناصرونَ فَهَلْ لَهُمْ

من وعْــدِ نَصْـرِكَ غـارةُ الـدَّيّـانِ

وسوم: العدد 667