غَزْوُ العالم
10تشرين22016
إليكم يا كلَّ من تعيشون على هذه الأرض المنكوبة بماديّة علمائها، سواء آمنتم معي أم لم تؤمنوا.. فأنا من معاناتكم ملأت ريشتي، ولخلاصكم أجريتها.. فهل تقبلون!
الحقدُ بالتّدمير يغزو العالَما=فإلامَ يبقى الحبُّ فينا نائما؟!
وعلامَ يحكُمنا العِداءُ، وأهلُه=وعلامَ لا نلقى التّسامحَ حاكما؟!
ما زال فينا الشَّرُّ ينشرُ جندَه=متسلِّطاً.. والخيرُ يرقدُ حالِما
أنَّى تَسِرْ تَلْقَ الحروبَ تسعَّرتْ=والخوفُ منها لم يزلْ متعاظِما
لم تكفِنا هذي البسيطةُ مسرحاً=لقتالنا حتّى غَزوْنا الأنجما
وإذا التَّحالفُ قام ما بين القُوى=فعلى الخديعةِ كان فيهم قائما
الغربُ مثلُ الشرقِ ضيَّعَ رشدَهُ=فكلاهما يهوى الدَّمارَ.. كِلاهما
كُلاًّّ تراه بغيرهِ متربِّصاً=قلِقاً.. ويرجو أن يكون الحاطِما
والكلُّ يعلمُ أنَّما هو هالكٌ=كسواهُ إن يضرِبْ.. فقُبِّحَ عالِما
* * *=* * *
الحقدُ بالتّدميرِ هدَّد عالَماً=ما زال يلهثُ شاكياً.. متشائما
ليكادُ يقضي حاكموه تُخْمةً=والشَّعبُ عاشَ على الفُتاتِ مزاحِما
والعالِمونَ تشاغلوا عن بؤْسِه=يا ليتهم حسِبوه من بعضِ الدُّمى
العُرْيُ أمسى للشُّعوبِ كساءَها=والجوعُ صبَّ على الظُّهورِ قواصِما
إن أنقذوا نفساً فقد قتلوا بها=كوناً.. وشرُّ القتْلِ ما حبسَ الدَّما
أو خفَّفوا ألماً، وداوَوْا عِلَّةً=فالشَّرُّ من كلِّ الجهاتِ تفاقما
ماذا سيحكي الجيلُ عنكمْ في غدٍ=يا من ملأْتمْ بالعداءِ العالَما؟!
أَقْلَقْتُمو روحَ الجدودِ بحقدكمْ=وفرشتمو دربَ الصِّغارِ جَـمـاجِـمـا
مَن يَنْجُ منكم من دمارٍ ساقهُ=للـنَّـاسِ يَحْيَ العُمْرَ منه نادِما
ولو ان َّ سعيَ السَّابقين كسعيِكم=لَمحَا، وما أبقى وُجوداً قائما
إلاَّ فناءَ الكونِ لن نلقى غداً=إن ْ نحن لم نحيَ الحياةَ تفاهما
* * *=* * *
يا أيُّها الإنسان ُ إنَّكَ ميِّتٌ=مهما تعشْ ستموتُ يوماً راغِما
لا.. لن يُؤخِّرَ ساعةً عنك الرَّدى=مالٌ.. ولا مجدٌ.. ولو بلغ السَّما
ولأنتَ أجهلُ ما علِمتَ بموعدٍ=تلقى به ما كان حَتْماً لازِما
الدُّودُ يأكلُ منك كلَّ خليّةٍ=متمهِّلاً.. فلقد غدوتَ له حِمى
لا شيءَ من دنياك يمنع دودةً=عن مقلتيكَ وإن ملكتَ عوالما
فعلامَ لا تحيا الحياةَ محبَّةً=وتَزيدُ فيها للأنام تراحـُمـا؟!
وعلامَ لم تأْخذْ لنفسِك عِبرةً=مِـمَّـنْ مضَوْا، وحسبتَ مجدَك دائما!
وعلامَ خلَّفتَ العِداءَ لوارثٍ=أمَّلتَ ما أمَّلْتَ منه واهِما!
من ذا الذي بالسُّوءِ يذكُر راحـمـاً=ومن الذي يهوى الحقودَ النَّاقما!
فرعون ُ رغم المُلْكِ لم يُحمَدْ له=ذِكْرٌ.. وقارون ٌ تولَّى نادِما
* * *=* * *
يا قومَ موسى ما أتاكم بالأسى=موسى.. ولا موسى أحبَّ الآثما
يا قومَ موسى دينُ موسى دعوةٌ=تقضي عليكم أن تزيلوا الظَّالما
أوَلم يُعِن ْ بِنْتيْنِ يجهلُ مَنْ هُما!=أوَما أعزَّهما.. وكان الهائما!!
أوَلم يُخلِّصْ شعبَكم من ظُلْمه=وهو الذي ما اسْتلَّ يوماً صارِما!!
ما دام هذا شَأْنه.. فعلامَ لا=نلقى لدعوته لديكم فاهِما؟!
* * *=* * *
يا قومَ عيسى لم يكن عيسى أخا=حقدٍ.. ولا حربٍ.. ولا شرِبَ الدِّما
يا قومَ عيسى إن َّ عيسى مرسَلٌ=بالحبِّ كيْ يبقى التَّسامُحُ حاكِما
أوَلم يُدِرْ للضَّرْبِ خدَّاً ثانياً=ليقيمَ للصّفحِ الجميلِ معالِما؟!
فعلامَ يا أتباعَ عيسى لم نجدْ=فيكم كعيسى غافراً، أوْ راحـمـا؟!
* * *=* * *
يا قومَ أحـمـدَ إن َّ أحـمـدَ رحـمـةٌ=ما زال فيها الدّهرُ يحيا ناعما
وسِعَتْ بني الدُّنيا على عُمُرِ المدى=وكما تصونُهمو تصون ُ السَّائِما
لم يرتفعْ سيفٌ لأحـمـدَ ساعةً=إلاّ لتلقى من أساءَ مسالِما
لم تُبْقِ ظُلماً في الزَّمانِ سيوفهُ=كلاَّ.. ولا أبقتْ ظَلُوماً سالما
أوَلَـمْ يَخُطَّ إلى الجهادِ عقيدةً=تَدَعُ الضَّعيفَ لكلِّ ظُلْمٍ هادما؟!
أوَلَـمْ يُوَحِّدْ صفَّ من قد آمنوا=ليظلَّ للطَّاغوتِ دوْماً هازما؟!
وبه أتـمَّ اللّـهُ ديناً شاءَهُ=للنَّاس يومَ بَرَى، وعلَّم آدما
ما حاد عنه المرسلون َ.. وواحدٌ=ما علَّموا. وأرى المعدِّدَ واهما
والمخلصونَ على المدى مِن ْ بعدِهمْ=ساروا على نهْجِ النُّبوَّةِ دائما
أوَلـمْ تُقرقِرْ بطنُ أعدلِ حاكمٍ=جوعاً، وقد ملأ البلادَ غنائما!!
فتحَ الفتوحَ ولم ينلْ ثوباً بها=وكسا بزهْوِ العدلِ منه عوالِما
عُمَرُ الذي وسِعَ الرَّعيَّةَ قلبُه=وبأمرها ظَلَّ الرَّحيمَ الحازما
ما ضرَّهُ الثَّوبُ القصيرُ، ولا الطَّوى=ما دام فيها بالعدالةِ قائما!!
وعلى الثَرى أغفى، وقرَّتْ عينُه=ورأى خشونَته حريراً ناعما
هيهاتَ أن ينسى عدالتَه الورى=أو أن ترى يوماً عليها لائما!!
كلُّ الشّرائعِ للمحبَّةِ قد دَعَتْ=كلُّ العقولِ ترى المحبَّةَ عاصِما
فعلامَ يا مَنْ تدَّعون َ تدَيُّناً=تتقاتلون، وتنصرون الظَّالما؟!
وعلامَ بالتَّدميرِ يمضي جهدُكم=وإلامَ يبقى العقلُ منكم غاشِما؟!
فَهَلِ التَّديُّنُ أن تكون مُدمِّراً=وهل التَّعقُّلُ أن تكون الهادما؟!
أيُّ الشَّرائعِ قد أقرَّت مجرماً=أيكون شرعاً إن أقرَّ جرائما!؟
أين العقولُ إذا القلوبُ تحجَّرتْ=أوَما عليها أن تكون الحاسما!!
وإذا العقولُ طغتْ.. فأين قلوبُكم=فالقلبُ أجدرُ أن يكون َ الرَّاحـِمـا!!
لا القلبُ حانٍ، لا ولا العقلُ اهتدى=والسَّمعُ عن نَوْحِ الضَّعيفِ تصامَما
الأرضُ تُخرِجُ كلَّ آنٍ مَوْسِماً=عجباً... وتُطْلِعُ للحياةِ توائما
والطَّيرُ تصدَحُ باللّحونِ شجيَّةً=لتعلِّمَ الإنسان َ لحناً ناغِما
والزَّهْرُ يزهو بالجمالِ، وبالشَّذى=فتشمُّ أنَّى سرْتَ عطراً فاغِما
والذِّئبُ يسلَمُ جنسُه من غدرِهِ=واللَّيثُ يأبى أن يصيدَ ضراغِما
والأرقمُ المرهوبُ فينا سُـمُّهُ=لم يُؤْذِ يوماً بالسُّموم أراقِما
فعلامَ يا إنسان ُ يا مَلِكَ النُّهى=تهدي الدَّمارَ مواسماً، ومواسما؟!
وعلامَ نلقى كلَّ حِزْبٍ حاقداً=متعصِّباً.. ويكاد يقتلُه العمى؟!
وعلامَ لا نحيا على الحبِّ الذي=فينا يفجِّرُ للجميلِ عزائما؟!
أمِنَ التَّعقُّل أن يُدمِّرَ بعضُنا=بعضاً.. وأن نحيا الحياةَ تخاصُما!
أيكون ُ يا عقلاءُ من ساقَ الرَّدى=لذَوِيهِ يوماً عاقلاً، أو عالِما؟!
وَلَوَ ان َّ هذا العلمَ واكبَ سَيْرَه=خُلُقُ الرِّجالِ لما رأينا عادما؟!
الدّهرُ بالإجلالِ يذكُر مُحْسناً=ولكَمْ يصبُّ على المسيءِ شتائما!!
لا كان من رضِي الشَّقاءَ لغيرهِ=لا كان يوماً من أعان َ الظَّالما!
* * *=* * *
الحقدُ للتَّدميرِ يمضي ركبُه=فتراه كالموجِ العتيِّ تلاطُما
ما زال يَفني نفسَه بمسيره=وأودُّ لو أنِّي رأيتُ اللاَّجِما!
وَأدَ الحياءَ العالِمون.. فكلُّهم=سعْيٌ حثيثٌ يستذِلُّ العالَما
حُمَّى استباقِ الغزوِ لم تتركْ لهم=عقلاً... فزِدْنا شِقوةً، وهزائما
وَلَوَ ان َّ شرعَ اللَّـه قادَ خُطاهمو=لرأيتَ وجهَ الكونِ يُشرِقُ باسِما
في الأرضِ خيراتٌ لكلِّ مُنقِّبٍ=يحيا الأنامُ بها سعيداً غانما
أيَغُضُّ عنها العِلْمُ عَمْداً طرفَه=وعلى احتمالاتٍ يرود الأنجما؟!
لو لم تكن آلامُنا مرْقىً له=لَعذَرْتُه.. لكنَّه قد آلما!!
نسِيَ الوفاءَ لعالَمٍ يحيا به=وارْتادَ يرجو في النّجومِ عوالما
ما زال يجهل غايةَ الأمرِ الذي=أفنى به الأموالَ في غزوِ السَّما
مالي وللأفلاكِ إن ْ أختي هَوَتْ=جوعاً، وأمِّي كاد يقتلها الظَّما؟!
يا أيُّها الإنسان ُ إنَّكَ جاهلٌ=ما قد يكون ُ.. فكيف تُدعى العالِمـا؟!
ولأَنتَ فيما قد عَلِمْتَ مُترجِمٌ=ما زال يأملُ أن يُعِدَّ تراجِما
العلمُ علَّمه الإلهُ لسعدِنا=وهَدى العقولَ لكي نصون َ محارما
والكون ُ سخَّرهُ لنخْلُفَهُ به=ويكون َ في بحرِ العدالةِ عائما
وجـميـعُ ما في الكون ذلَّلهُ لنا=ولنا بفضل اللّـه أمسى خادما
كلٌّ يناسِبُ غيرَهُ، ويُتمُّهُ=فترى الوجودَ على التَّكاملِ قائِما
والكلُّ يشهدُ أن َّ ربَّاً خالقاً=فطَرَ الأنامَ وكان فيه العالِما
قاد العقولَ إلى اكتشافِ عوالِم=فيها يخـبّـيءُ للعلوم عوالما
فعلامَ لا نحيا التّسامحَ والرِّضا=ونعيش إحساساً عن الدّنيا سما؟!
ما دام هذا العُمْر يمضي مسرعاً=فعلامَ نحياهُ أسىً، وتصادما؟!
وعلامَ في وجه المجاعةِ لم نقفْ=صفَّاً.. فتغدُو كلُّ نفسٍ حاتَما؟!
فلَنحنُ أقوى اليومَ ممَّن قد مَضَوْا=في أن ْ نُساهِمَ فوق من قد ساهما
ولنحنُ أجدرُ أن نَزيدَ بعلمِنا=عن سابقينا إلفةً، وتراحـمـا
ولَنحن أحوجُ للمزيدِ... وكلُّنا=ما زال مفطوماً يُرجِّي الفاطما
* * *=* * *
في كلِّ آنٍ للمهيمنِ حكمةٌ=يجلو بها للـنَّـاس أُفْقاً غائِما
ما زال يسعى العلمُ فيها جاهداً=ويظلُّ رَغْمَ جهودِهِ متعالِما
فعلامَ نَعصي اللَّـهَ في آلائِهِ=وبما تكرَّم لا نزيدُ مكارما؟!
وعلامَ هذا العلمُ يُنكرُ ربَّه=وهو الذي لولاه يوماً ما نما؟!
لو أنصفَ العلماءُ يوماً لاهْتَدَوْا=وغَدَتْ علومُهمو إليه سلالِما!
وَلَوَ ان َّ أمرَ الـنَّـاسِ أمسى مُلْكَهم=لرأيتهمْ في الدَّهرِ عاشوا دائما!
الحقدُ للتَّدميرِ يدعو أهلَهُ=وأنا لمـحْـوِ الحقدِ أدعو العالَما
وإلى التَّراحمِ سوف أحيا داعياً=عَلِّي أرى كلَّ الورى متراحِما!!
سادَ القنوطُ، وعَمَّت البلوى، فهل=ألقى لِما أدعو أَرِيباً حازما؟!
* * *=* * *
يا ربِّ جودُك لا يزال مُؤمَّلاً=فأنِرْ لنا كوناً تبدَّى قاتِما
الـنَّـاسُ بالأهواءِ ضلُّوا، والرَّدى=أمسى على صدر الخلائقِ جاثِما
عَزَّ الرّجاءُ، وحاق بالـنَّـاس الرَّدى=واليأسُ عمَّ، وفي القلوب تراكما
لـمّـا سَلَتْك النَّفسُ ضاع صفاؤها=والعقلُ بعد هُداكَ أمسى غاشِما
فأزِلْ من القلبِ العداءَ لعلَّهُ=يحيا بحبِّك يا إلهي سـالمـا!!
ما غَيرُ شرعكَ يا إلهي منقذٌ=مِن شرِّ مَن أمسى لغيبٍ راجـمـا
إنِّي بسطتُ إليك يا ربِّي يدي=ومددتُ ثانيةً أُعِين ُ القادما
للعالمين رجوتُ ربِّي رحـمـةً=وهداية فامْنُن ْ علينا راحِما!
حاشا لجودك أن تردَّ توسُّلي=أو أن يظلَّ الكون ُ يشكو الظَّالما!
ولها لها أدعوك يا ربَّ الهدى=علِّي أرى أَنْفَ المُكابر راغِما
الحقدُ يغزو بالدّمارِ العالَما=وأنا بحبِّي سوف أغزو العالَـمـا
=1985
وسوم: العدد 693