آثرتَ من بعد الرحيلِ رحيلا = يا قلبُ مَهلَكَ أنْ تكونَ عجولا
أخشى عليكَ وأنتَ تخشى سُلطتي ؟ = إنّي لَأرفَقُ في الحنانِ عذولا
فأنا صديقُكَ مُذ خُلقتَ لِغُربةٍ = ما عادَ نبضُكَ للغريبِ دليلا
أستوحِشُ الدربَ الطويلَ وأتّقي =زحفَ الضَلالِ إلى اليَقينِ وصولا
لم ينجُ من قلقي سوى قلقي الّذي = ينتابُني ويزيدُ فيَّ ذُهولا
أفكلَّما هَرَمَتْ حُروفي في فمي = عاتَـبْتَني وتركتني مقتولا ؟
لكأنّني فارقتُ صحبةَ صاحبي = حتى اتخذتُ رحى الزمانِ مقيلا
فأصابَ قلبَكَ من جفاكَ صبابةٌ = و بدوتَ أنتَ ومِن جفاهُ عليلا
وكتمتَ ما فضحَ النحولُ مودّةً = و يظلُّ صدرُكَ سائلا مسؤولا
و أسأتُ فهمكَ حينَ كنتَ معاتبي = والصدقُ ما قد قلتَ أو ما قيلا
أهواكَ يا قدرا يقاسمني مُنىً = فيهِ التقيتكَ حينَ كنتُ قتيلا
وتوارثت دَمْعاتُ عينِكَ مقلتي = حين ارتضيتَ بأن أكونَ ذليلا
إنّ النفوسَ عوالمٌ مجهولةٌ = ولقد سئمتُ طريقكَ المجهولا
وسلكتُ دربي في الحياةِ بحَيرةٍ = من بعدِما عانيتُ فيهِ طويلا
إنّي لأُنكِرُ فيكَ ضعفَ سجيّةٍ = كم كان ظنّي تافهاً و ضئيلا
سرنا معا سُبُلَ الحياةِ بقسوةٍ = فلكم تمالأَ أنّـةً وعويلا
وتسارعت أيّامُنا بعُجالةٍ = لتزورنا ومضا أضاءَ قليلا
عنوانُ روحِيَ نسمةٌ وخواطري = زَرَعَتْ على صمتِ الضفافِ نخيلا
لغتي تصارعُ لفظَها بضراوةٍ = فبكلِّ سطرٍ قد زرعتُ حقولا
كانت بنا الدنيا تفوحُ محبّةً =وتضوعُ عطراً من رؤاكَ جميلا
فإذا الّلياليْ فارقتكَ نجومَها = وبقيتَ وحدكَ هائما و خجولا
وتعطّلتْ حلوُ المشاعرِ خيفةً = خوفَ القوافي المنشداتِ هديلا
فاهجرْ همومكَ وانتفضْ كعواصفٍ = إنّي عهدتُكَ كالغيومِ هَطولا