ألا يا صَبا الشَهباءِ ، حُيّيتِ يا صَبا= أما كنتِ ، قبلَ اليوم ، أبهَى.. وأطْـيَبا!؟
أما كنتِ قبلَ اليومَ أندَى مِن الندَى= وأحسنَ مِن ماءِ الـفـراتِ وأعـذَبا!؟
أما كنتِ رُوحاً مِن أبـينا وأمّـنا= تَهبّينَ رَوحاً يَـنـفَـحُ الشَيبَ بالصِبا!؟
أما كنتِ ، لمّا كان يَكبو طموحُنا= تُـقـيلينَه ، حتّى كأنْ لمْ يكـنْ كَـبا!؟
أما كنتِ ـ لمّا لمْ يكنْ ثَـمّ طائرٌ= سِواكِ ، يَـهيجُ الوجدَ ـ للوجْدِ مَـلعَبا!؟
* * *=* * *
قِفيْ ياصَبا، بالله ، عنديْ هنَيهَةً= لأ لـثـمَ فـي أنـسامِـكِ الأمّ والأبـا
أضمّهما حتّى تَذوبَ جَـوانحي= وحتّى ضِرامُ الشوقِ يَـخـبو..إذا خَـبا!
وهيهاتَ يَخبو..كيفَ يَخبو، وكلّما= شَمِمْـتُ ثَرى الـقَبرينِ فيكِ تَـلَـهّـبا!؟
ولوْ صَـبّحتْنيْ ذَرّة مِن ثَراهما= لـقـلتْ لَها: أهـلاً وسَـهلاً ومَرحَـبا!
ولوْ شامَ مِنْ تِلقاءِ قَبرَيْهما دُجىً= سَنا بَسـمَةٍ ، قـلبيْ ، لَغَـنّى.. فأطـرَبا!
* * *=* * *
يَحومُ فؤاديْ ياصَبا حيثُ وُسّدا= وحيثُ الفراتُ الشَـيخُ يَحتَـضنُ الـرُبا
إلى حِكمةٍ أمْ فِـطنةٍ أمْ سَماحَةٍ= أحِـنّ.. وكان الحُـبّ أحلـَى وأقـربا!
لقد كان من كفّيهما المالُ يُجتَدَى= كما كان مِن نَفسَيهما اللطفُ يُـجْـتَـبَى
لقد جاورتْه في الثَرى دونَ مَوعدٍ= فكانا ، سُحَـيْـراً ، كَـوكباً زارَ كَـوكَبا
كَذاكَ هما في ناظِريّ ومُـهجتيْ= ولوْ قـلتُ : في الكون الفسيح.. لَما أبَـى
أيأبَى!؟ وهلْ يَحظَى بمثْـلَيهما نَدىً= وبِـرّاً وإحساناً ، وطَـبْـعاً مهَـذّبـا!؟
لقد شرّبـانيْ العِزّ طِـفْلاً ويافـعاً= ومَن شابَ يَـسقيْ فَـرْعَـه ماتَـشَـرّبا
* * *=* * *
صَبا، ياصبا، ماكان يَصبو، وقد صَبا= فـؤاديْ .. وما زالَ الشَريدَ المُـغَـرّبا
صَبا ، بعدما عافَ الصبابةَ يافِـعاً= فعادتْ إلـيهِ.. واهِـنَ العَـزم ، أشـيَبا
وأيُّ صَباباتِ الدهـور تَـهيج في= حَـناياه جَمراً ، لَـفّه الثـلـجُ ، فاخـتَبا!؟
بَـلى حمَمٌ في الصدر، هاجت فلـفّها= جَـليد عَجـيبٌ ، ضَـمَّ ما كانَ أعجَـبا !
براكينَ هـُوجاً، لو نَـثَرنَ نُـثـارةً= بوجهِ نَـهـارٍ مُـشْمِسٍ ، صارَ غَـيْـهَبا
درَيتِ ، إذن ، سِرّ البَياضِ بلـمّـتي= وسِـرُّ اغتِرابي ، يا صَبا، يوجِـع الظِـبا
تغَرّبتُ ، يا هذي ، لِما كان مـُعْجَماً= فـتَرجمَه عَـصفُ الخُـطوب ، وأعْـرَبا
وما كنتُ ممّنْ يَعشَق البِيضَ والـقَنا= وذو اللـبِّ يَـدري حاجةَ الحـُرّ للـظـُبا
تَخضّبَ وجْه الشمسِ والبحرِ والثَرى= بأحمرَ يـُنسينيْ الـبَـنانَ الـمخَـضّـبا
فكان الذي ما كان ، لو لمْ تكنْ يَديْ= مكـبّـلةً بالـرفْـقِ .. والعـُنـفُ كالـرِبا
وكان.. دعيني .. كلّ ما كانَ كائنٌ= وكَـونُ غَـدٍ مـازالَ فـيـهِ مـغَـيّـبـا
دعيني أعِـشْ في ظِلِّ هابيلَ .. ربّما= أرى حـُكـمَه ، فيما جَرى ، كان أصْـوَبا
لعلّ دمَ الحـُبّ الـبَديعِ ، إذا هَـمَى= على الرمْـل ، هَـزّتـْه الحَـياةُ فأخْـصَـبا
وأعلم أنْ لا زِجَّ في الزُطِّ مـُفـلِـح= ومـا رَهِـبـوا إلاّ السّـنـانَ الـمُـذَرَّبـا
وعـُذرُ درَيـدٍ ضَوءُ مَن أمَّ بَـعْـدَه= مَـنـاراً يـرى فيه الهَـلاكَ الـمـجَـرَّبا !؟
(وما أنا إلا من غزية ، إن غوت= غويت ..) غوى ، إذ أصبح الشعر أشهبا !
وهيهاتَ ! ما عذرُ امرئٍ ، قَومُه بَـنَـوا= لـهـمْ نـُصـُباً.. بينَ الضلوعِ مـنَـصّـبا !؟