كتب هذا الشعر بعد أن تناهى إلى الذهن أنَّ مُؤتمراً ما سيعقد مع مطلع هذا القرن أو بعده ، للبحث عن الأسباب أو السبل التي أدّت أو ستؤدي إلى خلاص أمّة العرب.
فإلى أولئك الذين سيلتقون عند مشارف القرن، أو إلى أولئك الذين سيلتقون عند نهايته إلماحة من رؤية ، أو بقيّة من ذماء. فإن تعذر الاجتماع، فهي إفادة أمام محكمة التاريخ.
لسائلي اليومَ عَنْ أحوالِ أُمَّتِنا= عمّا عرانا،وما هُو بَعْدُ يُرْتَكَبُ
ومن يقولُ إذا باهى الكرامَ ومَنْ=يُزْهى بِعِطْفَيْهِمُ التاريخ والنَّسَبُ
للفارسِ الفذِّ فَذِّ القومِ مأثَرَةً= ومَنْ غدا بينَ عَيَّارَيْنِ يُسْتَلَبُ
لِمَعْشَرٍ نَشْرُهُمْ نَشْرُ الحياة وما= يزالُ في نشرِهِمْ عَوْدٌ و مُرْتَقَبُ
نقولُ والقولُ آهاتٌ مُبَعْثَرَةٌ= قد بَعْثَرَتْها الليالي السودُ والحُقَبُ
جميعُنا صابَهُ في دَرْبِهِ اللَّغَبُ= وكُلُّنا حظُّهُ من سَعْيِهِ النّصَبُ
وما أرانا حَصَدْنا غَيْرَ شائكةٍ= مِنَ الزمانِ ولم يَنْجَحْ لنل طَلَبُ
تبدو السنون تراءى خَلْفَ مِحْنَتِنا= كما تراءتْ دَياجٍ صُبْحُها اللهَبُ
نُنَقِّلُ الطرفَ مُلْتاعينَ مِنْ رَهَبٍ= مُؤمَلِيْنَ،وَلَمْ يسْتهْوِنا حَلَبُ
إذا يَجُنُّ ظلامٌ والحياة دُجَى= يَثُورُ مِنَّا مُرامٌ والهوى عَرَبُ
وإنْ نَفِقْ بَعْدُ والدُنيا مُكابَدَةٌ= نُجَنُّ مِنْ هَوْلِ ما فيها ونَكْتَئِبُ
قد لفَّنا الحُزْنُ لا هَمٌّ يُبَارِحُنا= ولا الْتِياعٌ ولا ضَيْقٌ ولا كِرَبُ
وَلَمْ نَفُزْ في مباراةٍ لواحدةٍ= مِنَ القضايا وَلَمْ يُفْلِحْ لنا دَأَبُ
مُشَتَّتِينَ على حبلِ النوى ولنا= في كلِ جائِحَةٍ مَهوى وَمُنقَلَبُ
مُرَوّعِينَ مِنَ التنينِ كَمْ ذَرَفَتْ=مِنَّا العيونُ، وكم حاطَتْ بنا رِيَبُ
وكم مَضْينا معَ السَّجَانِ يَدْفَعُنا= إلى الزنازِينِ لا رجوى ولا رَجَبُ
إذا شكونا فذا مِنَّا...مُغَالَطَةً= أو إنْ سَأَلْنا فذا الإلحاحُ والشَّغَبُ
وغايةُ الأمْرِ أنَّ اللهَ أَوْدَعَنا= بَصِيرَةً تَستَشِفُ وعِزّةٌ تَجِبُ
فَصِرنا مِنْها على سَفُّودِها أُمَماً= في كُلِّ أَرْضٍ لنا مَنْأَى ومُغْتَرَبُ
بَعْضٌ يُعاني مِنْ عُسرٍ وقَدْ صَفرَتْ= يداهُ واحتواهُ الهَمُّ والسَّغبُ
وبعْضُنا الآخَرُ المشؤومُ طالِعُهُ= يَحُوطُهُ الزيفُ والتلفيق والكَذِبُ
مُرَوّعٌ من بَنِيهِ لا يُرَوّعُهُ= إلا الأَذَلَّينَ مَنْ خيراتِهِ نَهَبُوا
حتّى كأنَّا وقد صِرنا بِها..عِبَراً= فَرْخُ القَطَاةِ خَلَا مِن عُشِهِ الحَدَبُ
أعياهُ ألَّا جَنَاحٌ يُسْتَطارُ بِهِ= وَلَيْسَ يَرْعاهُ في هذي الحياةِ أَبُ
هُمْ شَرّدوهُ بلا ذنبٍ علانِيَةً= وبالأباطيلِ هُمْ أوطانَهُ ...خَرَبُوا
وأَوْدَعُوا الجَسَدَ القَوْميّ مِشْرَحَةً= وبالصَّغارِ على تَشْرِيحِهِ...انْتَحَبُوا
سفّاحُهمْ فارِسٌ في زِيِّهِ بَطَلٌ= ابْنٌ لِغوَّارَ لم يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُ
في مُقْلَتَيْهِ خياناتٌ يبوحُ بها=وبين أضْلاعِهِ الأحقادُ تَصْطَخِبُ
ومن جِناياتِهِ ما كانَ مِنْ نَكَبٍ= وقد تأذّى مِنْ أفْعالِهِ العربُ
مِقْطَاعُ،مِمْناعُ مَشْؤُومُ مُطَالَعُهُ= بالذلِّ قد وَصَمُوا لِلْعَيْبِ قد نَسَبوا
لن يَسْتقِيمَ ولن تجدي مقاصِدُهُ= ولَنْ يكُونَ مِنْ أخلاقِهِ الادَبُ
قد أنْجَبتْهُ الليالي وَهْيَ حالِكَةٌ= فكان مِنْها سوادُ الوجهِ والخَيَبُ
للهِ مِنْ وَطَنٍ باتَتْ تَنَاهَشُهُ= سُودُ الأَفاعي في أنيابِها العَطَبُ
ومِنْ حُطامِ بني الفُصْحى وقد صُرِدَتْ= أشلاؤهُمْ واجْتُثَ الرأسُ والذنبُ
ومن بني الدينِ دين اللهِ جاحَهُمُ= إعصارُها وبنو العَلَّاتِ تَحْتَرِبُ
هذي لِمنْ كان ذا لُبٍّ وذا بَصَرٍ= ومَنْ هُوَ اليومَ للآباءِ يَنْتَسِبُ
كيلا يُقالَ: عُمِينا أَوْ دَهَى صَمَمٌ= أو أننا البكُمُ أو قَدْ طَالنا الغَلَبُ
فالحَقُّ أبْلَجُ وضّاحٌ لذي بَصَرٍ= ما حادَ عَنْهُ إلَّا مَنْ بِهِ نَكَبُ
والحَقُّ للحَقِّ جَلَّ اللهُ خالِقُهُ= عَنْ ذَاكَ حَدَّثَتِ الأقلامُ والكُتُبُ
ميقاتُهُ وِقْفَةٌ تأتي على عَجَلٍ= مَهْما تناءَتْ بها الأيَّامُ والحِقَبُ
ما طالَ لَيْلٌ وما اسطالَتْ به ظُلَمٌ= وما تمرَّسَ في عُدْوانِهِ الكَذِبُ