أرّقتني ، في العشيّات ، الفِكَرْ = واكتوتْ روحيْ ، بنيرانٍ أُخَرْ
ساءلتني ، عن أمورٍ جَمّةٍ = ذاتَ يوم ، ذاتُ دلٍّ وبَطرْ
فاستجاشت ، فيّ ، ذكرى مُرّة = حين لجّتْ ، وادّكارُ المُرّ مُرّْ:
ياشريداً ، طوّحَ الهمّ ، به = مَن تنادي؟ مَن تناجي ؟ ماتسِرّْ؟
أنت للهمّ صِديقٌ صادقٌ = واصطحابُ الهمّ ، ياصاحِ ، مُضِرّْ
* * *=* * *
هكذا راحت تُسَرّي عن فتىً = يَتلوّى ، من سَقام مُستسِرّْ
يَنفثُ الآلامَ ، في ألفاظهِ = نفثَ ريح زمجرتْ ، تحْملُ صِرّْ
تَرعدُ الأشواقُ ، في أعماقهِ = مثلَ بَحر زاخِر ، لا يَستقرّْ
* * *=* * *
نشوتي .. يا بعضَ أشلاءِ المُنى = ياغزالاً أحورَ العينين غِرّْ
إنّ شوقاً ملءَ عينيكِ ، انزَوى = خفَراً ، لايَنزعُ الداءَ الخَفِرْ
فاغرُبي ، ياحُرّةَ الوجهِ ، فبيْ = لهفة تهفو إلى نجدة حُرّْ
* * *=* * *
هاجَ بيْ ، ياسعدُ ، وجدٌ لاهبٌ = يَتلظّى ، كالضِرام المستعِرْ
هزّني ، ياسعدُ ، حتى أسبَلتْ = مقلتيْ سحّاً ، كغيثٍ منهمرْ
* * *=* * *
هلْ رأيتَ الغيمَ ، ياسعدُ ، هنا = في الروابيْ الحُمْر، مَبهوراً يَهِرّْ
ورأيتَ البرقَ فيه ، مارداً = نازفَ الشِريان ، وَرديَّ الأزُرْ
وغيابَ الشام ، عن عينىْ ، وما = خلّفته ، في فؤاديْ ، مِن إبَرْ
وحنينَ الرُوح ، في الشام ، إلى = دُرّة الشام - وكلُّ الشام دُرّْ
* * *=* * *
ونَجاوى فِتيةٍ ، عن فِتيةٍ = عاقَروا الموتَ ، فُرادى وزُمَرْ
ذاكَ في كهفٍ ، وذا في حُفرةٍ = فالهُدى بين كُهوف وحُفَرْ
* * *=* * *
والصَبايا كالسَبايا ، في الضُحَى = خاشعاتٌ ، في الزوايا ، كالصُوَرْ
في مآقيهنّ أشباحُ المُدى = كالعفاريتِ تراءتْ في السَحَرْ
تَسكبُ الرُعبَ أزيزاً ، أودَماً = أو عَزيفاً ، أو شهيقاً ، أو شرَر
* * *=* * *ْ
والمَرايا كبُحيرات الرَدى = طالعَتهنّ عيونُ المحتضَرْ
في زواياهنّ ذعرٌ جافلٌ = يَنفضُ الذيلَ ، وذعرٌ مستقرّْ
* * *=* * *
والأيامى سُربَة مَبهوتة = من ظباءٍ ، في ضبابٍ مكفهرّْ
واليتامى حفنة منبوذةٌ = من جُذاذاتِ شقاءٍ منتثِرْ
والبيوتُ الغُبْرُ:صمتٌ أو صَدىً = أوبَقايا عَنكبوتٍ منتحرْ
* * *=* * *
لوترى ، ياسعدُ ، أنيابَ الرَدى = خلتَها أنيابَ ليثٍ ، أو نَمِرْ
حين يَلقى الفردُ منّا،جحفلاٌ = من عُلوج الشِركِ عُبّاد البَشرْ
فتخالُ القومَ ، إن حُمّ الوَغى = في الوغى ، أعجازَ نخلٍ منقعِرْ
* * *=* * *
وكلاباً ، في الزوايا ، جُثّماً = تشحذ الصوتَ ، لنصر المنتصرْ
إن رأتْ رمّانة ، فاضتْ تُقى = ثمّ تَعتلّ بأمْرِ المؤتمِرْ
والشِباكُ السودُ ، في أكمامِها = تتحرّى الصيدَ ، في الماء العَكِرْ
* * *=* * *
وقطيعاً هائماً ، في قوتِهِ = سارحاً ، في كلّ وادٍ ، كالبقرْ
غارقاً في الذلّ ، والسكّينُ في = نَحره الداميْ ، فإن غاصتْ نَخَرّ
والبَعاثيثُ تولّوا أمرَه = كلّ بُعثوثٍ له ، فيه ، وَطرْ
والإباحيُّ له ، من كَدّهِ = ماجَنى الجانيْ ، وحازَ المدّخِرْ
* * *=* * *
كلّ مافي الشام جرحٌ نازفٌ = يَحتسي ، منه ، إباحيٌّ قذِرْ
فانتصِرْ، ياسعدُ ، للشام ، فما = عادَ يُجدي الشامَ عُذرُ المعتذِرْ