الغرافي يرصد مظاهر البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث

dsfdsfdf1107.jpg

عن منشورات دار الرحاب الحديثة بلبنان 2024 صدر كتاب جديد بعنوان "البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث" للدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة مولاي اسماعيل مكناس.

يواصل الدكتور الغرافي في هذا الكتاب الجديد تعميق النظر في الدرس البلاغي، فبعد دراسته الرائدة: "البلاغة والإيديولوجيا" التي خصصها لدراسة الأجناس النثرية القديمة من منظور بلاغي، يوجه الغرافي جهده في كتابه الصادر حديثا إلى فحص "البلاغة الجديدة" في الخطاب البلاغي الحديث، حيث تناول كتاب "البلاغة الجديدة" الدراسات البلاغية المعاصرة باعتبار البلاغة أقدم معرفة نمتلكها حول أنماط الخطاب وفنون التعبير. ولذلك، فمن الطبيعي أن يخضع هذا "العلم العتيق" للمساءلة بصورة دائمة ومستمرة، حيث مثّل البحث عن جوهر البلاغة مطلبا ملحّا في كل الأزمنة والعصور، لتدقيق مفهومها، وضبط ماهيتها وخصوصيتها. وقد تطلع الغرافي في هذا الكتاب، إلى رصد مظاهر التجديد في الخطاب البلاغي العربي الحديث، ساعيا من وراء ذلك إلى توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة، كما جسدتها أعمال الدارسين المعاصرين، الذين سعوا إلى تحديث مباحث البلاغة العربية وتطوير مناهجها، عن طريق محاورة منجزات البلاغة العربية القديمة، مع الاستفادة من أدوات ومفهومات البلاغة الغربية الحديثة. وبذلك استطاع هؤلاء الباحثون تجديد حقل الدراسات البلاغية، وتطوير أدواتها ومناهجها؛ إذ لم تعد البلاغة محصورة في دراسة صور الأسلوب وفنون التعبير، ولكنها أصبحت نظرية في تحليل النصوص وتفسير الخطابات، على اختلاف أشكالها وتنوع أصنافها.

يتكوّن كتاب "البلاغة الجديدة" للدكتور مصطفى الغرافي من أربعة فصول:

تناول الفصل الأول المشروع البلاغي التجديدي الذي أرسى معالمه الشيخ أمين الخولي في كتاباته ومؤلفاته، فقد اهتم هذا البلاغي الرائد بتحديث الدرس البلاغي لكي يستجيب لمتطلبات الحياة المعاصرة وما عرفته من تحولات استلزمت ظهور أنواع جديدة لم تكن معروفة في الثقافة العربية، وهو ما استدعى توسيع أعطاف فن البلاغة وتجديد مناهجه لكي يستوعب مختلف أشكال القول وفنون التعبير. وبذلك صارت البلاغة عند الخولي وثيقة الصلة بالحياة المعاصرة.

وتطرق الفصل الثاني للمشروع البلاغي الذي بلورته باحثة رائدة هي ألفت كمال الروبي، التي صدرت عن وعي بلاغي غايته تحديث الدراسات البلاغية، وذلك بتطوير أدواتها وتجديد مناهجها على نحو يتيح وصف وتحليل مختلف أنواع الخطاب التي أفرزتها الحياة المعاصرة. ولأجل ذلك تميز التحليل البلاغي عند ألفت الروبي بأنه يتناول الخطابات في ضوء خصائص النوع الذي صيغت وفق تقاليده، والمقاصد التداولية التي وجهت إنتاجها وصياغتها.

وانشغل الفصل الثالث بتوضيح معالم البلاغة الجديدة في كتابات محمد العمري، التي سعى الكاتب من خلالها إلى توسيع التحليل البلاغي لكي يشمل الخطابات الأدبية التخييلية والخطابات الحجاجية التداولية، انطلاقا من تصور يرى أن البلاغة نموذج تحليلي قادر على استيعاب مختلف أشكال الإبداع الإنساني في بعديها الأدبي الجمالي والحجاجي التداولي. وهو ما جعل البلاغة عند العمري تتحدد بأنها بلاغة نسقية عامة تجمع بين التخييل والتداول.

أما الفصل الرابع فقد اهتم بالاجتهادات البلاغية التي جسدتها تنظيرات وتطبيقات محمد مشبال في مؤلفاته العديدة والمتنوعة، حيث مثلت البلاغة في التصور الجديد الذي بلوره محمد مشبال، ممارسة تحليلية موسعة غايتها وصف وتفسير مختلف أشكال الخطاب، مهما تغايرت من حيث الأنواع والصيغ والأنماط، فهي تتسع للإبداعات الأدبية الجمالية كما تستوعب الخطابات الحجاحية الإقناعية. وبذلك أصبحت البلاغة منهجا لتحليل وتفسير مختلف أشكال وتجليات الإبداع الإنساني.

وقد أوضح الغرافي في كتابه "البلاغة الجديدة" أن الغرض من تأليف الكتاب هو محاورة أعمال مجموعة من الباحثين المعاصرين في حقل الدراسات البلاغية، بغرض الكشف عن معالم البلاغة العربية الجديدة.

وقد نجح الكتاب عبر فصوله في توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة باعتبارها نموذجا تحليليا وإطارا تفسيريا قادرا على وصف وتأويل مختلف أشكال وتجليات الإبداع الإنساني في بعديها التخييلي الأدبي والحجاجي الإقناعي. نقرأ على ظهر غلاف الكتاب: "تعد البلاغة أقدم معرفة نملكها حول أنماط الخطاب وفنون التعبير، ولذلك، فمن الطبيعي أن يتعرض هذا "العلم العتيق" للمساءلة بصورة دائمة ومستمرة من أجل تدقيق مفهومه، وضبط ماهيته وخصوصيته، حيث مثل البحث عن جوهر البلاغة مطلبا ملحا في كل الأزمنة والعصور. ونتطلع في هذا الكتاب إلى رصد مظاهر التجديد في الخطاب البلاغي العربي الحديث، ساعين من وراء ذلك إلى توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة، كما جسدتها أعمال الدارسين المعاصرين، الذين سعوا إلى تحديث مباحث البلاغة العربية وتطوير مناهجها، عن طريق محاورة إنجازات البلاغة العربية القديمة، مع الاستفادة من أدوات ومفهومات البلاغة الغربية الحديثة".        

والدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس. ولد في 20 فبراير 1978م بمدينة القصر الكبير المغربية، وحصل على دبلوم مدرسة المعلمين عام 2000م، وعلى الإجازة في الأدب الحديث عام 2003م، وعلى دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المناهج النقدية الحديثة عام 2005م، وعلى دبلوم المدرسة العليا للأساتذة عام 2007م، وعلى الدكتوراه في البلاغة وتحليل الخطاب عام 2012م، وعلى شهادة التأهيل الجامعي عام 2019م. وهو عضو في هيئة تحرير مجلة البلاغة والنقد الأدبي المحكمة في المغرب، وفي هيئة تحرير مجلة جيل الدراسات الفكرية والأدبية المحكمة بلبنان، وفي الهيئة العلمية لمجلة وجهات المحكمة التي تصدر عن مؤسسة مليطان للبحوث والدراسات والإنماء الثقافي في ليبيا، وعضو بلجنة التحكيم في مجلة رؤى الليبية، وفي لجنة التحكيم بمجلة المعيار المحكمة في المركز الجامعي تيسمسيلت بالجزائر، وعضو الهيئة الاستشارية لمجلة أوراق ثقافية بالمغرب. من أبرز مؤلفات الدكتور الغرافي كتاب "البلاغة والإيديولوجيا".

وسوم: العدد 1107