موسيقى الشمس أغاني الجنة

أحدث نشاطات دار فضاءات للنشر والتوزيع

ديوان شعر

"إبراهيم سعيد"

هل هناك مكان للحياة ؟ .

إن الشعر العربي المعاصر مازال يختزن شعراً باح به ذات شاعر بما يحيط به ، فكان بوحه تصويراً صادقاً عن علاقته بالمجتمع، والكون،والحياة شأن أيّ شاعر عربي مبدع. وفي هذا السياق صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع/عمان، المجموعة الشعرية "موسيقى الشمس أغاني الجنة" للشاعر العُماني إبراهيم سعد.

 إنّ قراءة علمية لتراثنا الشعري العربي تؤكد أنّ الشعر العربي، في خلال مسيرته المنكشفة أمامنا، من " الجاهلية" حتى اليوم، هو مضادات فكرية تولدت من تصادم الذات العربية مع معوقات الواقع ومعطياته من جهة، ومع الآخر المتخلف عن جهة أخرى، فعكست الومضات قلق الإنسان العربيّ وطموحاته وتطلعاته،ورغباته. وجاء إبراهيم سعيد ليؤكد هذه النظرة قائلاً:

] تعلمتُ على يد العطار وسليمان منطق الطير والأشجار والنمل،

 صرت أعرف لغة الشمس،

 أسمعُ غنج البستان ودلال الأمواج،

 أنصت لفتوة النهر.. ص11 [ .

 إذا كان العمل الإبداعي وفق ما يراه بعض النقّاد؛ يتمايز بالفرادة والخصوصية، فهو إذاً المولد الأول على غير مثال، وهو الممهور بخصوصية ابتكارية لا ترتبط مطلقاً بجنس مبدعها أو لونه، بل بقدرته على توظيف طاقاته مجتمعة على الخلق والتوليد والتجديد .

ومما أورده إبراهيم سعيد بهذا الشأن.. الرؤية؛ وذلك عندما قال:

] على أرض ِ السحرِ حلّ اعتدال الربيع، سحرُ الظلام ارتعَد

 وهرب حين أضاء سحر النور .

 تسلقت القمم أستقبل َ النور، متلهفاً لرؤية الزمن المقدس،

على قمة الجبل انتظرتُ فجرَ النور وإشراق الشمس، ركضتُ مع النور على السهل، لكنه سبقني عند المنعطف وذهب لإغاظة الجبل الوقور، ص54 ،ص55 [ .

 إن موقفنا من القدرة الشعرية لا يلغي موقف المجتمع الذكوري من المرأة التي ما زالت حتى اليوم، سجينة التصنيف الاجتماعي، على الرغم من تقدمها في مجالات فكرية وعلمية وحضارية وثقافية ، لأن المرأة نفسها استسلمت للتصنيف ووجدت فيه لذة تغريها بخلق معارك وهمية، نعتقد أنها تحقق وجودها بالرفض والممانعة، وتضمن لها استقلالية مصطنعة. ولكن الشاعر إبراهيم سعيد،قدّم رؤية تتجاوز هذا التصنيف،وأطلق صرخة تراثية تحاكي المرأة الإنسان قائلاً:

] الفتاةُ اسمها شهر الأسد، آذار الربيع أبوها، ملك الأزمنة ورب

 الاعتدال،

بين يديه تنطق الزهور والأشجار باسم الحياة،

أذار يملأ الأفواه بالعطور.ص52 [ .

 فرض الشاعر نفسه إنساناً يعي ذاته ويدرك موقعه، ويعمل على تكريس وجوده، فكان ندّاً للحياة من دون أن يدخل في معارك جانبية، أو يعمل على تصنيف شعره في لون فكري محدّد.

 بهذه الرؤية رصد الشاعر إبراهيم سعيد زحام الحياة، وافتعال الأزمنة وتداخلها، وأصبحت الفواصل بينهما معاناة يكابد الشاعر في تصويرها :

] هم وُرّاث مزارع ِ الأغاني والحقول الصوتية للموسيقى.

 خرجوا من رماد آلامهم الشخصية، عرفوا أن الأقدار تتقصدهم

 حتى وإن ادعت أنها لا تبالي.

كانت المصائب تمطر بشدة على غصنِ حياتهم الأخضر لتكسره،

وكانوا يُغنون.ص84 [ .

 إبراهيم سعيد في ديوانه الشعري موسيقى الشمس أغاني الجنة، حقل مطاطي قادر على استيعاب تراكيب لا نهائية ذات مضامين لانهائية أيضاً. من دون هذه"الأداة" لايمكن ترجمة الأفكار إلى حضارة ذات أبعاد حقيقية ملموسة،و كذلك لا يمكن لأي تطور نفسي إنساني أن يأخذ مكانه وهذا ما سعى إليه إبراهيم في تجربته الشعرية.