قيامة قبل أوانها
عن دار فضاءات للنشر – عمان
قيامة قبل أوانها
للكاتب الفلسطيني عماد فؤاد مسعود
صدر أول أمس الديوان الشعري " قيامة قبل أوانها"، للكاتب الفلسطيني عماد فؤاد مسعود عن دار فضاءات للنشر والتوزيع –عمّان، وهو العمل الأدبي الثالث الّذي مازال عليلاً بمرض الأرض، والّتي كانت الجغرافيا شريكة في بناء فكره ومعجمه اللغوي الخاص، حيث بدأ كتاباته في عمّان ورام الله وعواصم عربية أخرى، وانتهى في أرض التاريخ والجمال موسكو البيضاء، حيث أقام فيها الشاعر وتعلّم لغتها واقترب من حضارتها وثقافتها التاريخية، وكان لها دور كبير في إعادة إنتاج مفاهيم حياتية كثيرة لديه، وكانت إغناء لتجربته حيث دفعه المَهجر والتعلّم من الأدب الروسي المشهود بأصالته، إلى أن يقول: في المدن الكبيرة تضيع التفاصيل البريئة، لكن تزدحم المعاني/ أمشي بخمسةٍ سيقان والقلبُ أعرج ومازالت ذكرياتي عكّازي الوحيد !
وكان قد كتب قبل ثلاثة أعوام روايته التراجيدية صندوق كَرْمل، الحاصلة على المركز الأول لجائزة الإبداع الثقافي من وزارة الثقافة الأردنية، والّتي تختزل مرحلة هامة جداً من المعاناة الفلسطينية، وقبلها ديوانه البكر " أميرة الأرض"، أما بالنسبة لقصائد قيامة قبل أوانها، فقد تراوحت بين قصيدة النثر الموسيقية، والقصيدة متعددة الأوزان والقوافي، والتي تطرح ما هو معروف عن مسعود انشغاله بالأسئلة الوجودية وجدليات الكون، الغياب والحضور، البلاد والعباد، الضحية والجلاد، الثواب والعقاب، والحياة ونقيضها، النوم الطويل وليس الموت، كما يرى الشاعر الّذي قام بإهداء هذا العمل إلى رغدة الّتي "اشتراها الموت بثمنٍ لا أحد يعلمهُ.. ورَحَلَت دون أن تتركَ عنواناً لها". وقد استهلّ الشاعر بقصيدة هكذا ينتهي الغُموض إذ يقول :
تمتَحنُ المدينةُ شاعراً
حدّثَ الناسَ عن سِرّهم
فكذّبوه...
كَتبَ عن شارعٍ كامل الشّحوب
وجسدِ امرأة ظامئ للأنوثة
وعن رجالِ دينٍ بالكُفرِ اتّهموه
تلعثمَ الشعراءُ بلفظ اسمهِ
وقرأوا ديوانه الشعريّ
ومَزّقوه
وسخروا من شاعرٍ فرنسيِّ قبلهُ
هو ذاتُه من غَرسُوا مَعاولَ في صدره
وصَلَبوه
تسابقوا في رثائهِ ثم
وبعد أن تأكّدوا من موتهِ
تقمّصوه !
أمّا في غربته فقد كتب إلى أمّه الحنين الأول، قصيدته المليئة بالشجن والحب في قوله :
أحنُّ إلى اسمي يزهو
فوقَ زفيرها الدافئ الرَّطب
أحنُّ إلى سؤالها عن
عشيقاتي القديماتِ
وعن غيابٍ يُنمّيهِ
الخيالُ على طريقتهِ
فتكبر الذكريات.. وتُصبحُ أجمل
أحنُّ إلى أمٍّ أطفأت
جحيمَ الأرض بدمعة
أحنُّ إلى امٍّ لو مَشتْ
فوقَ أي أرضٍ
يَتيممُّ الصَخرُ من تُرابِها
ليُصلّي لها
أحنُّ إلى امرأةٍ
تقتدي الطبيعةُ بكمالِها
أحِنُّ إلى كلّ أسبابِ الحنين
سوى الموت
أحنُّ أحنُّ إليكِ أمّي
و إلى موتي القصيرِ
على ركبتيكِ مساءً
أحِنُّ
وإنْ عُدْتُ إليكِ مُحمّلاً
بأحلامي وأوجاعي
أنجبيني مرّة أخرى
فإنّي الآنَ أحِنُّ إليَّ !