صوت الإسلام الصارخ أحمد محرم
عرض: فرج مجاهد عبد الوهاب
تأليف: د. محمد رجب البيومي
في مجلد فاخر يقع في 336 صفحة من القطع الكبير أصدرت دار الأدب الإسلامي للنشر والتوزيع بمصر كتاب الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي "صوت الإسلام الصارخ أحمد محرم" الذي يستهله بشهادات في كلمات للرواد عن الشاعر الكبير، فتقرأ آراء خليل مطران، وحافظ إبراهيم، وأحمد حسن الزيات، وعمر الدسوقي، وعبد الرحمن الرافعي.. وغيرهم.
تناول المؤلف حياة الشاعر الكبير الذي ولد في يوم السبت الخامس من محرم سنة 1294هـ الموافق 20 يناير 1877م، كما تحدث عن نفسه في رسالة إلى الأديب الدمشقي أحمد عبيد صاحب كتاب "مشاهير شعراء العصر في الأقطار العربية"، وكان أبوه شديد الشغف بالعربية رغم أصله التركي، وبعد أن انقطع عن الدراسة لأسباب خاصة أحاله الوالد إلى مكتبته التي كانت حافلة بشتى أنواع الكتب الأدبية والعلمية، فتأثر بسيرة الشاعر الكبير محمود سامي البارودي باعث نهضة الشعر العربي في عصره.
وتتوالى فصول الكتاب فنقرأ منها.. الخلافة الإسلامية، ذكريات إسلامية، الإلياذة الإسلامية، حيث يذكر الكاتب أن أحمد محرم ظل طوال حياته يلوذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا أخذت قصائده في مناسبات الهجرة، والمولد، والإسراء، وبدر تتوالى مغردة صادحة، ثم شاء الله أن يكون محرم الشاعر المختار بين أبناء عصره لكتابة الإلياذة الإسلامية مسجلاً أمجاد البعثة المحمدية الشريفة، وما قام به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم من جهاد حافل، وفي هذا الفصل يرد المؤلف على الدكتور شوقي ضيف الذي قال: "ديوان محرم (مجد الإسلام) الإلياذة الإسلامية، خلا من الحياة والخيال، وإنما هو ضرب من الشعر التاريخي تسجل فيه حوادث التاريخ، أو ضرب من الشعر التعليمي..".
أما عن الاحتلال الإنجليزي لمصر فقد سجل تاريخه في فصول مطردة كاملة الحلقات لأن شعراء الوطنية سواه مثل شوقي وحافظ والكاشف ومطران وغيرهم لم يبلغوا مبلغه فيما قالوه، وقد تبلغ حماسة محرم أن يقول في الموضوع الواحد عدة قصائد، لا قصيدة واحدة، وكان قد اتجه إلى الشعر السياسي منذ نشأته الأولى وهو في سن العشرين من عمره فأنشد قصيدة شارفت على المئة من الأبيات صورت مشاعره أمام الاحتلال الغاشم.
ويرصد الكتاب تأثر أحمد محرم بوعد بلفور المشؤوم وربما يكون الشاعر الأوحد في مصر الذي صرخ محذراً من وقوع كارثة فلسطين قبل أن تقع بأكثر من عشرين عاماً، يقول:
يا فلسطين اصطليها نكبة=هاجها للقوم عهر مضطرم
واشربي كأسك مما عصروا=من زعاف جائل في كل فم
في فؤادي جرحك الدامي وفي=كبدي ما فيك من حزن وهم
وفي مجال المرأة شن محرم حرباً على التبرج السافر، وكان أكثر ما يؤلمه أن يشاهد فتيات المدارس بعد تخرجهن يبالغن في أساليب الزينة، وكأنهن لم يتعلمن في حجرات الدرس غير ما يدعو إلى التبرج والابتذال.
والدعوة إلى التجديد في الشعر دعوة فهمها أحمد محرم حق الفهم، فقد كان له مفهومه الخاص حيث حصر الدعوة في الأغراض والمعاني لا في الأزياء والأشكال، إذ انبثق في تيار جديد في شعره في الثلاثينيات فأتى بالطريف المبتكر وبخاصة في غرضي الطبيعة والغزل.