الحصاد رواية التشبثّ بالأرض

عز الدّين السّعد

رواية الكاتب جميل السلحوت للأطفال الصادرة عن منشورات الزيزفونة في بيتونيا - رام الله 2014

رواية الحصاد المكتوبة لكنان الحفيد وجيله تخطّ البسمة، وتمنح مساحات شاسعة من المعرفة الزراعية الفلسطينية التي تحاكي المكان، وتعانق المحراث والحارث والرجل والطفل والفتى والفتاة وعمود الدّار الأمّ.

في هذه الرّواية يشتغل كلّ من الشّخوص بمجاله واضحا ساردا ارادته للعمل، واضعا نصب عينيه استمرارية حياة وادعة، في أفقها بعض ما يجري في حوض المدينة المقدّسة ومسجدها الأقصى ويؤجل الرّاوي والأب بنفسه الخوض في تفسير عقدة الاحتلال؛ ليبقي على الفتى واخته الكبرى على وعي ما بما يحدث حولهما، لكن الحصار الزّمني لا يحول دون استمرار دوران الزّمن لمواسم الفلاح من حراثة وعزق وبذار، وانتقال مع تصاعد المواسم نحو الشّتاء، فالرّبيع فالصّيف بالتعامل مع الكنّار وزرع البصل وشتل البندورة والبامية، والانتقال للفريكة والسّعادة بشيّها على النّار، والتهامها والتّلذّذ بطعمها رغم وجود الّلحم المنزليّ من قطيع الغنم البيتيّ ... رواية معلومات تدريسيّة عن الزّراعة والمزروعات ونقل أسماء أماكن في أراضي عرب السّواحرة جنوب القدس، وتفاعل رصين متأنّ للشّخوص تنقلك الى الحقل البعيد - ولماذا هو بعيد؟

لأنّ الزّراعة تكون في الحقول البعيدة عن مكان السّكن، وتخصيص الشّجر للأماكن القريبة ... وسرد أنواع البقول والمزروعات والخيرات المتوفّرة لدى الفلّاح، من حليب وأجبان وألبان وأنواع أخرى، والاستفادة من كلّ مساحة من الحقول والتّراب للفقّوس والبصل والحبوب على اختلاف أنواعها.

تفاعل الأطفال ومعلّماتهم وكأنّ باقي الأطفال بلا أراض ! هل رباب وأخوتها تذهب لحقلهم في رحلة؟ ... ثم هل هو حلم الكاتب بأن يكون وضع الفلّاح الفلسطينيّ حقا في رغد من العيش؟ أم هو مجرّد تصوير لمنح المعومات الفلاحيّة برونق روائيّ بعيد عن الواقع؟ قد يصدّق الجيل الحديث ما جاء في الرّواية من واقع الرّغد وسعة العيش، وهو عكس للواقع المرّ الذي عاشه ويعيشه الفلّاح الفلسطينيّ من ضنك وملاحقات وضرائب على الأرض والمزروعات، وصعوبة في تسويق أهمّ المنتوجات الفلسطينيّة من زيت وزيتون وحمضيّات وورود ناهيك عن مصادرة الأراضي من قبل الاحتلال.

أصحّ الأقوال " لقطف الثمار من الأرض مباشرة متعة لا يعرفها إلّا من مارسها، وطعم الثمار في الحقول يختلف عنه في السّوق"

من لا يعمل لا يأكل"

وفقك الله شيخنا جميل السلحوت دوماً بمنح القراء زبدة الفكر والمعلومة، وزادك الله ثراء لغويا تعبويا يمنح الأجيال المعرفة وسعة المدارك.