الإسلامية والمذاهب الأدبية
تأليف الدكتور: نجيب الكيلاني
عرض د. السيد مرسي أبو ذكرى
يتألف الكتاب من مقدمة بدأها المؤلف بأن المؤلفات الإسلامية قبله، خلت من تحديد الفن الإسلامي خاصة، والأدب الإسلامي عامة، في ظل العقيدة الدينية، سوى ما أضافه المرحوم سيد قطب في كتابه "النقد الأدبي" من محاولة تعريف الأدب – أو الفن - الإسلامي، وما أسماه التصور الإسلامي للكون والإنسانية والطبيعة.
لكنه منذ أتم دراسته عن الشاعر محمد إقبال 1956م أول أديب مسلم في العصر الحديث، حاول تحديد الخطوط العريضة لمفهوم الفن والأدب.
أما القضايا التي تناولها الكيلاني في كتابه فهي:
الدين والفن:
في حديثه عن هذه القضية، ذكر الكيلاني أن الدين – مقره ضمير الإنسان وعقله - عقيدة لا يتنافى مع واقع الحياة، والناس تحت سمائه سواسية.
أما الفن فهو تعبير عن النفس والحياة في شكل "فني" سواء أكان قصة أو قصيدة أو غير ذلك. وقارن بين الفن والدين، فبين أن مادتهما الحياة والنفس الإنسانية، وإذا كانت غاية الفن الإمتاع والإفادة، فإن غاية الدين إسعاد البشر، واستدل على ذلك بكثير من الصور والمشاهد التي تنبض بها آيات القرآن الكريم.
حيث ينتهي إلى أنهما يلتقيان في الغاية ويحملان على الصدق، من أجل إقامة عالم أفضل.
لا خصام بين الفن والدين:
تحدث الكيلاني عن دعوى الخصام بين الفن والدين، نتيجة اتهام الفن بالتحلل والإباحية، واتهام الدين بالجمود وتقديس القديم.
وفي ظل الصراع بين الفن والدين، نشأ لون جديد من الأدب وخلال حديثه عن هذه القضية، وضح أن الفكر الإسلامي رغم أنه غذى بروافده تيارات الفكر الأوروبي، فإن فنون الأدب – عدا الشعر والخطابة والنثر والفن - لم تتنوع فيه كما في الغرب، إذ خلا من المسرحيات على غرار الأدب اليوناني، ولم تنضج فيه الملاحم أو فن القصة.
وخلص الكيلاني إلى أن الخصام مفتعل بين الفن والدين وطالب بضرورة الربط بين الفن والدين من أجل الحفاظ على القيم الروحية، والمثل الرفيعة.
بين الحرية والالتزام:
ثم وضح الكيلاني أن المسلم محاسب على ما يصدر عنه من قول أو فعل، وفق حسن نيته وشرف قصده ونبل وسيلته. ومن ثم كان الأديب المسلم ملتزماً بمنهج شامل في الحياة، يتسم بسمات إنسانية، تتسع لبني البشر أجمعين.
أدب الاستمتاع:
ويرى الكيلاني بأنه لا مانع أن يكتب الأدباء اللون الفكه والمسلي من الأدب، بشرط العفة في القول، وعدم الإفحاش فيه وبهذه النظرة يقترب من مستوى الفهم الإسلامي للأدب، ويدخل في حيز يليق به في عالم الفنون والآداب.
وعلى هذا لا يقر زعم أصحاب نظرية "الفن للفن" الذين يرفضون أخلاقية الفن، ويكتفون بأن يكون نتاجهم فناً فحسب.
الالتزام في الأدب العالمي:
وخلص الكيلاني إلى أن الالتزام في الأدب يرتبط باتجاه منهجي إسلامي، لأن الالتزام –كقضية - حقيقته مقررة في مجال الفن والأدب، بفضل سيادة العقيدة الإسلامية، وتجاوزها روابط الدم والوطن والجنس، وانتهى إلى أن قوام حياة المسلم المثل التي أقرها الله في كتابه، ودعا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديثه وأكدها الصحابة والتابعون في تصرفاتهم. وأن التزامنا لم تصنعه ظروف محلية، أو مذاهب اقتصادية مكبوتة.
الإسلام والأدب:
وأكد أن الأدب المكشوف يخرج عن دائرة الفن، وأن الإسلام لا يحارب الحب، ولا يقتل غريزة الجنس، وإنما ينظمها ويتسامى بها.
وخلص إلى أن الأديب المسلم يؤمن بقضية السلام العالمي "وأدخلوا في السلم كافة" ثم فرق بين "الاختيار الوجودي" الذي يستجيب الإنسان فيه لطوايا نفسه ومشاعره الخاصة، و"الاختيار الإسلامي" الذي لا سيطرة فيه لنزوات النفس وانفعالاتها.
مشكلة اللغة:
في هذه القضية تناول الكيلاني مشكلة اللغة العربية بين الفصحى والعامية مؤكداً أن الفصحى أجدر بأن تسود دون غيرها، ثم أشار إلى أن التغييرات التي ألمت بالأشكال الفنية، كالقصة أو المسرحية أو القصيدة وغيرها، منذ عهد الإغريق حتى اليوم، اتسمت بسمات جديدة غيرت ملامحها وعلى الأديب المسلم أن يختار الشكل الذي يروقه.
مع الأدب الإسلامي القديم:
يتساءل الكيلاني: إلى أي مدى اتفقت مضامين الأدب العربي القديم مع المفاهيم الإسلامية؟ وأجاب بأن مجالات الأدب الإسلامي، نشطت في فترات معينة، وركدت في فترات أخرى، مما جعل المسافة بين القيم الإسلامية والتعبير الأدبي تتسع وتضيق.
لكن ظل القرآن الكريم النموذج الفريد الذي يستلهمه النقاد والفنانون، وكانت أحداث التاريخ معيناً لا ينضب للفن العربي، وكانت فضائل الشجاعة والصبر، والعدالة والصدق، والكرم والوفاء – وهي نابعة من العقيدة السمحة - نغماً شيقاً في أشعارهم وآثارهم الفنية.
مع الأدب الإسلامي الحديث:
في هذه القضية أشار الكيلاني إلى إحصائية شاملة لأدبنا الإسلامي الحديث، ورأى أن محمد إقبال أول أديب مسلم في العصر الحديث، ومثل بنتاج أحمد شوقي في المناسبات الإسلامية، وحافظ إبراهيم في مجال الدعوة الإسلامية. ثم محاولة أحمد محرم في تقديم ملحمة إسلامية، فمقالات مصطفى صادق الرافعي التي تؤلف أجزاء كتابه "وحي القلم"، وضمن توفيق الحكيم مسرحيته "محمد" الصور الحية المتحركة في حياة محمد – عليه السلام - وتأثر في مسرحيته السلطان الجائر" بالقيم الإسلامية، فجاءت مثالاً رائعاً لما نسميه الأدب الإسلامي وصور علي أحمد باكثير في قصته "وا إسلاماه" ما تعرض له الإسلام من غزو صليبي وتتري، واعتبرها من نماذج الأدب الإسلامي.
أهم المذاهب الأدبية في الأدب الغربي:
عرض الكيلاني أهم المذاهب الأدبية في العالم الغربي في إيجاز شديد، وبدأ بالكلاسيكية فالرومانسية ثم الواقعية فالواقعية الاشتراكية، فالطبيعية، وفالفن للفن، فالرمزية، ثم الوجودية والسريالية والفرويدية.
واستهدف المؤلف من عرض هذه المذاهب، أن يفسح المجال للدراسة والمقارنة.
الفصل الأخير:
وضمنه الكيلاني نماذج تطبيقية من الأدب الإسلامي المعاصر من الشعر والقصة القصيرة والمسرحية.