المدافعة والمداولة: قراءة في السنن والتحولات
المدافعة والمداولة:
قراءة في السنن والتحولات
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
اسم المؤلف : أ . د . حلمي محمد القاعود
اسم الناشر : مكتبة سلمى الثقافية – تطوان ، المغرب
تاريخ النشر : 1433 هـ = 2012م
عدد الصفحات : 176 صفحة .
قضية
المدافعة والمداولة هي قضية الأمم والشعوب ؛ من حيث حركتها إلى الأمام أو الخلف ،
انتصارا وتفوقا وسيادة وعزة وكرامة ، أو هزيمة وذلا وتخلفا وبؤسا ومهانة .
ولأن هذه القضية لا تجري اعتباطا ، أو وفقا لما يسمى المصادفة
في بعض الأدبيات ، أو نتيجة للانتماء إلى عرق أو جنس أو بيئة ، بل تجري وفقا لسنن
الله في الأرض ، من خلال معيار العمل والإيمان والإرادة ، فإن من الطبيعي أن تكون
أحوال أمتنا العربية الإسلامية في بؤرة السياق العام لهذه القضية ، بحكم ما يعيشه
الناس من أوضاع ليست في سياقها الطبيعي ، الذي يفترض أن تكون فيه خير أمة أخرجت
للناس ، تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتؤمن بالله .
والسؤال هو : لماذا يجري لها ما يجري من انتكاسات وهزائم وفرقة
وبؤس وهوان ، مع أنها تنتمي إلى دين الإسلام ، وغيرها يحقق قفزات رائعة في القوة
والتفوق والوجود ؛ وليس مسلما ؟
الإجابة على هذا السؤال في صيغه المختلفة معروفة ومفهومة لدى
النخبة المؤمنة بالإسلام عقيدة ومنهجا وطريقا ، ولكن عامة النخب اختلط عليها الأمر
، وتعددت الرؤى والمسالك التي لا تؤدي في معظمها إلى اكتشاف الضوء في نهاية النفق .
.
لقد شغلتني هذه القضية على مدى خمسين عاما مذ تفتح وعيي بما
يجري من حولي وبدأت المشاركة في الهم العام بالكتابة والتفكير ، وأحسب أن من واجبي
أن أقدم للقارئ بعض ما أراه ضروريا في فهم القضية أو يساعد على فهمها من خلال قراءة
متنوعة ، غير تقليدية ، تصبّ في بلورة الرؤية الإسلامية ، عبر سياقات متعددة ، بدءا
من الماضي إلى الحاضر .
وهذا الكتاب يحاول أن يجري حوارا هادئا مع بعض الزوايا الأساسية
في القضية التي تعيشها الأمة العربية الإسلامية ، من خلال قراءة بعض النصوص
والظواهر . وفي كل الأحوال ؛ فالغاية التي تسعي إليها القراءة هي التعرف علي نقاط
القوة والضعف في البنية الإنسانية العربية والإسلامية التي أنهكتها الهزائم والآلام
والمتاعب .. وبالتأكيد ؛ كانت هناك ومضات للانتصار في حياة الأمة ، كما كانت هناك –
ولما تزل – نماذج للجهاد والبطولة والتضحيات من أجل مستقبل أفضل وأجمل.
تملك أمتنا عناصر قوة وتفوق ، ولكنها مهدرة وضائعة بفعل الإهمال
أو الكسل أو سوء السلوك ، أو بفعل قوي الشر الخارجية ، وحين يتاح لهذه العناصر أن
تتبلور وتعمل في الاتجاه الصحيح ، فإن النتائج تكون رائعة ومدهشة لصالح العالم
الإسلامي كله.
لدى عدونا تجارب ؛ منها ما يستحق أن نقف عنده لنتعرف على نمط
تفكيره ، وأسلوب تعامله مع ما يدعيه من حقوق ، وما يسعى إليه من غايات ، وقراءة هذه
التجارب مسألة مفيدة بلا ريب ، خاصة وأن كثيرا من شبابنا يجهلها ، أو لم يتعرف
إليها في حمأة الضخ الإعلامي السطحي ، والانشغال بقضايا هامشية ، تناغي الجانب
البيولوجي والترفيهي في الإنسان العربي المسلم ، ولا تتوقف عند ما هو عميق وضروري
..
آمل أن تكون هذه القراءة مدخلا يشجع علي فهم الواقع والبحث عن
مخرج لأمتنا من الهزائم والآلام والمتاعب.