الإسلاميون في عام (2011)
الإسلاميون في عام (2011)
بدر محمد بدر
الكتاب: الإسلاميون في عام (2011)
المؤلف: مجموعة باحثين
المحرر: مصطفى الحباب
الناشر: مؤسسة الانتشار العربي، لبنان
عدد الصفحات: 334
الطبعة: الأولى 2012
تكمن أهمية التقرير الإستراتيجي "الإسلاميون في عام - 2011", الذي أعده "مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث" بالعاصمة السعودية الرياض, ويصدر للعام الثاني، في كونه الأول من نوعه الذي يرصد واقع الحركات والجماعات والتيارات الإسلامية العاملة على الساحة العربية خلال عام, محللا أسباب الصعود والهبوط في أدائها, والتحديات التي تواجهها داخليا وخارجيا, ومستشرفا مستقبلها، خاصة في ظل "ربيع عربي" ألقى بظلاله على عوالم الأفكار والأشخاص والمشروعات.
أقسام التقرير
وينقسم التقرير، الذي شارك في إعداده مجموعة كبيرة من الباحثين والخبراء, إلى خمسة أقسام وهي: "رؤى تقويمية استشرافية", و"قيادات سياسية إسلامية", و"أبرز أحداث عام 2011م", و"أبرز الحوارات العربية", و"أبرز الأبحاث والمؤلفات الصادرة باللغة العربية".
ويحلل القسم الأول واقع الإسلاميين في الوطن العربي, عبر أوراق عامة, وأخرى خاصة بالحركة الإسلامية في كل دولة على حدة, حيث يستعرض عضو مجلس شورى الإخوان المسلمين بمصر د. جمال حشمت "التحديات التي واجهت الإخوان بعد الربيع العربي", ومنها ظهور التيار السلفي في شكل حزب سياسي, ورغبة بعض الاتجاهات في إفشال تجربة الإسلاميين في العمل السياسي, والتشويه الإعلامي المستمر, والخوف من تراجع المجلس العسكري عن نيته تسليم السلطة للمدنيين, ومحدودية قدرة الإخوان على: استيعاب المخالفين خوفا من انتشار بعض أفكارهم, أو على التحول للنشاط العام بآليات ووسائل جديدة أكثر جرأة, وطبيعة المناهج التربوية التي يتربى عليها الإخوان, والتي تحتاج لإعادة صياغة تناسب انفتاح المرحلة.
ويناقش رئيس تحرير مجلة فلسطين المسلمة رأفت مرة التأثير المتبادل بين "حماس.. والثورات العربية", خاصة ثورة مصر، ويرى أن حماس ربحت من الثورة مرتين؛ حين سقطت أنظمة معادية لها, ووصل إلى السلطة قوى إسلامية حليفة، تتمسك بالمقاومة وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني, والثانية حين أضعفت هذه الثورات من مكانة إسرائيل، وأدخلتها في أزمة معقدة.
خطر استراتيجي
ويبحث الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي "محددات الموقف الإسرائيلي من الحركة الإسلامية في فلسطين 48", حيث يرى قادة الاحتلال في الحركة الإسلامية خطرا استراتيجيا على إسرائيل، سوف يؤدي إلى إعاقة التوصل إلى تسوية تضمن مصالحها وأمنها, لافتا إلى أن من آليات التحرك الإسرائيلي ضد الحركة الإسلامية استخدام الوسائل الأمنية, ومحاولة إخراجها عن القانون ونزع الشرعية عنها.
ويرى الباحث السوداني عثمان محمد عثمان أن "جماعة التبليغ والدعوة" من حيث الموضوع وعلى مدار الزمن, متشابهة في البلدان المنتشرة فيها, فنشاطاتها وأعضاؤها لا يكيفون موضوعاتها مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد التي يتواجدون فيها.
ويناقش أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. حسن حاج علي أحمد العلاقة بين "الحركة الإسلامية والسلطة السياسية في السودان", وأوصى بأن يستمر تقويم الحركة لفترة مستقبلية حتى تكتمل جوانبه الرئيسة، وأن يشتمل على مجالات: الاثنية السياسية، اتخاذ القرار، الحكم الاتحادي، أداء المؤتمر الوطني السياسي، الخطاب السياسي".
ويرى الأكاديمي والباحث في شئون الجماعات الإسلامية د. أحمد محمد الدغشي أن أهداف "التجمع اليمني للإصلاح" تم اختزالها إلى حد كبير في إقامة الحكومة المسلمة، وأن أبرز التحديات التي يواجهها "التجمع" على المستوى البنائي، تكمن في ضعف التوازن في عمليتي التنشئة والتكوين، وأزمة الحوار الداخلي.
ويؤكد المستشار الإعلامي لحركة مجتمع السلم بالجزائر فاروق أبو الذهب سراج أن "تطلعات الحركة وآمالها وطموحاتها تخطت عتبات التمجيد إلى فضاءات التجسيد، وآفاق أبنائها تجاوزت طموحات استكمال قواعد التعريف إلى همم استلام قرارات التكليف، وهو ما يفرض عليها طي صفحات الماضي لتفتح صفحة جديدة عنوانها الكبير: الجزائر المنشودة".
تحديات في موريتانيا
ويشير الباحث الموريتاني محمد الحافظ الغابد إلى أن الإسلاميين في موريتانيا يواجهون العديد من التحديات، والتي انعكست بعد الربيع العربي، الذي جاء بالإسلاميين إلى مواقع التأثير والرأي والقرار، مؤكدا أن الجماهير المؤيدة للتيار الإسلامي في موريتانيا باتت تريد منه صناعة تحول، ينهي سيطرة العسكر ولوبي الفساد على مقاليد السلطة، مما أنتج خصومة مع أنظمة الفساد, ورفع سقف التغيير, إلا أن هذا يعيقه ضعف الجبهة المعارضة, وخوف الشعب من النظام, وتحكم العناصر الجهوية والقبلية.
ويرصد الباحث مأمون كيوان الوضع في ليبيا من خلال تحليل وضع الطريقة السنوسية والجماعة الإسلامية والحركة الإسلامية وحزب التحرير الإسلامي والتيار الجهادي وحركة الشهداء والجماعة الإسلامية المقاتلة، وغيرها، في إطار سعي العقيد القذافي لفتح قنوات الحوار، عبر مؤسسة القذافي للأعمال الخيرية في 2005 ومدى نجاح ذلك, وتدشين "الحركة الإسلامية الليبية للتغيير" في 15/2/2011 لدعوة الليبيين للمشاركة في المظاهرات لإسقاط النظام وخلع القذافي.
ويشير الباحث الصومالي عبد الله عبد الرحمن محمود إلى أن من المعوقات التي تواجه إسلاميي الصومال: اختزال العمل الإسلامي في مؤسسات خيرية واستفحال المركزية الشمولية والتعصب القبلي الديني والنظرة الجزئية للإسلام والفشل في التعايش والتكامل بين الإسلاميين والاعتماد على الدعم الخارجي والتطرف الديني المسلح والجهود المنافسة للأسلمة والتعريب, والاختراق من القبائل والحكومة الصومالية ودول ومنظمات دولية وإقليمية.
هجمة في الإمارات
ويرى مدير مركز الامارات للدراسات والإعلام د. محمد المنصوري أن الإسلاميين في دولة الإمارات العربية يواجهون هجمة شرسة على الإصلاح، عقابا لهم على وصول الإسلاميين في الدول الأخرى للحكم، في محاولة لقمع أي احتمالية لاستنساخ تجاربها, بالإضافة إلى عدم اعتراف حكومة الإمارات بها كمؤسسة دعوية, إضافة إلى ما أنتجته أحداث 11 سبتمبر من تحديات, والعلاقة التي كانت بين نظام مبارك البائد والدولة الإماراتية.
ويقارن الباحث السياسي إبراهيم الشيخ بين واقع الشيعة والسنة في البحرين, ويشير إلى أن الشيعة منظمون بشكل كبير، ولديهم القدرة على نشر خطاب إعلامي مؤثر في كافة المحافل، عبر لجان حقوقية وسياسية وإعلامية، وأنهم يديرون شبكات تتكلف الملايين من الدولارات, وبالنسبة إلى السنة فقد أدى صعود الإسلاميين في الدول العربية إلى قيام الإخوان المسلمين في البحرين بإعادة بناء علاقة إيجابية جديدة مع المجتمع.
ويستعرض الباحث المتخصص في استطلاعات الرأي د. سامر أبو رمان النتائج التي تضمنتها أبرز استطلاعات الرأي العالمية، ومنها استطلاع "بيو"، الذي أظهر أن نسب المؤيدين من الشعوب الإسلامية لموافقة القوانين الوضعية لتعاليم القرآن (بشكل طبيعي أو "متشدد") فوافق على ذلك 98% من الباكستانيين، و95% من الأردنيين، و89% من المصريين، و66% من الفلسطينيين، أما تركيا ولبنان فهي الشعوب الأكثر رفضا لذلك.
واعتبر 15% من الأمريكان المشاركين في استطلاع "بيبا"، أن الثورة العربية "أقرب ما تكون إلى جماعات إسلامية تسعى للسلطة السياسية"، واعتبر 45% أنها "أقرب ما تكون إلى ناس عاديين يريدون الحرية والديمقراطية"، في حين اعتبر 37% أنها "تمثل كلتا الصورتين بشكل متساو".
ثقة الشعوب العربية
وانتهى المفكر الإسلامي د. علي لاغا في بحثه إلى أن الواقع يقول بأن الإسلاميين يحوزون ثقة الجماهير في الدول العربية، رغم كل المعاناة التي ألحقها بهم الحكام، وعداوة الدول الأخرى، وإلصاق الإعلام لبدعة الإرهاب بهم.
وأشار بحث أعده مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية شعبان عبد الرحمن إلى أن الإسلاميين في المنطقة العربية لم يشهد تاريخهم تحالفا حقيقيا، وإنما عمل الكل – غالبا – في طريقه دون عرقلة الآخر، إلا أن تنوعهم الفكري وفي آليات عملهم وحركتهم أثرى الفكرة الإسلامية, ولكن من الضروري البحث عن صيغة للتنسيق والتآلف خلال حركتهم في المجتمع، وخلال أدائهم السياسي والمجتمعي، ليظهروا أمام الرأي العام كفئة موحدة, غير مشرذمة أو متصارعة.
قيادات إسلامية
ويستعرض القسم الثاني "قيادات سياسية إسلامية" أفكار القيادات التي لعبت أدوارا حاسمة أو وصلت للحكم أو رشحت نفسها للرئاسة, اختار منهم أربعة؛ وهم حمادي الجبالي، رئيس مجلس الوزراء التونسي وأمين حركة النهضة, حيث استعرض حياته الشخصية ومساره الدعوي، وعلاقتهما بالتحولات السياسية والفكرية التي عاشها المجتمع التونسي، سواء قبل الثورة أو بعدها, ثم عبد الإله بنكيران, رئيس الحكومة المغربية, فمنذ تعيين بنكيران في نوفمبر 2011 رئيسا للحكومة، لفتت شخصيته الأنظار على المستوى المحلي والدولي، ويعتبر هذا التعيين تتويجا لمسار حافل من الإنجازات، مع حصول "العدالة والتنمية" على المرتبة الأولى في انتخابات 2011، وكانت القيادة الثالثة "عبد المنعم أبو الفتوح", مرشح الانتخابات الرئاسية المصرية, ودوره التجديدي داخل الحركة الإسلامية، ومشاركته السابقة في عضوية مكتب إرشاد جماعة الإخوان بمصر، وأهم مبادئ مشروعه النهضوي, أما القيادة الرابعة فهو حازم أبو إسماعيل, المرشح المستبعد من سباق الرئاسة المصرية, وأشار التقرير إلى أن أغلب جمهوره من السلفيين، وأغلب نصوصه التي يستشهد بها من التراث وأقوال علماء السلف والمعاصرين، وأن علاقته بالإخوان قوية, فضلا عن كون والده، أبرز الوجوه البرلمانية في السبعينيات والثمانينيات.
سجل الأحداث
ويرصد القسم الثالث الأحداث والأخبار والبيانات، التي لها دلالات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية، والتي كان الإسلاميون طرفا فيها, بشكل تسلسلي متصاعد من يناير/ كانون الثاني 2011، وحتى نهاية العام.
ويجمع القسم الرابع "أبرز الحوارات العربية" التي أجريت مع إسلاميين على القنوات الفضائية, تم عرضها بشكل موجز تم فيه التركيز على أهم المحاور, والتي تناولت واقع الإسلاميين ومشكلاتهم ومستقبلهم.
بينما يرصد القسم الخامس أبرز الأبحاث والمؤلفات الصادرة باللغة العربية, التي تناولت الحالة الإسلامية في الوطن العربي, مقدما عروضا مختصرة لتلك الكتب.
وعلى الرغم من الجهد الكبير المبذول لإخراج التقرير في أفضل صورة، إلا أنه لم يضع المعايير العلمية والبحثية الواضحة لتناول الحركات والتيارات الإسلامية في الدول المختلفة، حتى لا تتأثر طبيعة البحث بمدى اتفاق أو اختلاف الباحث مع من يتحدث عنهم، لكن العذر مقبول لأن التقرير لا يزال في طور البلورة.