في رحاب رجل عقيدة وفكر وأدب

في رحاب رجل عقيدة وفكر وأدب

عبد الباسط البيك

من أجمل الصد ف التاريخية المتميزة و أحسنها التي أكرمني الله بها في مسيرة حياتي معرفة الأستاذ الفاضل الشاعر عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله . لم تكن علاقتي

 بالأستاذ الأميري عابرة و لكنها كانت عميقة متجذرة ساهمت بتغير معالم شخصيتي و تجميل تكويني الفكري . الذين يعرفون الأستاذ ابا البراء يلحظون جيدا مدى فعل وميض

 أدبه و كياسته و لطفه على جليسه . مجلس الأستاذ عمر به فكر و أنس و دروس و عبر لابد لمن جالسه أن يفوز ببعضها إن لم يحسن السمع و كان لاهي البصر شارد

 الذهن . قضيت عقدين من الزمن قريبا من الشاعر الأديب في الرباط وصرت كأحد أبنائه حتى ظن البعض أنني فرد من أسرته . كان الأستاذ الأميري يزرع في شخصيتي بذورا

 صافية نقية ليكون محصولها ثمرا طيبا ينفعني في ديني و دنياي و آخرتي . و إنني شاكرا له جهوده على تعليمي و تهذيبي و أعترف بأنني كنت عاجزا على مواكبه جهوده

 فما أثمرت كل البذور كما كان يشتهي زارعها . ما زلت أتذكر جلسات الحوار و النقاش الثنائية حين وضع الأستاذ الأميري بعض المعلومات عندي و

 تواضع معي و سألني عن رأي حولها , وكان هدفه أن يسمع لرأي آخر قد يتوفر على فكرة لم يتوفر عليها الرجال الأوائل . و لا يمكن أن أنسى كرمه

 معي و مع كل من يقصد بيته زائرا من كل حدب و صوب

 حيث فتح باب بيته في وجه الجميع . تعلمت من الأستاذ الأميري درورسا كثيرة إستفدت منها , و لم أتمكن من تطبيق البعض منها لأنها تتطلب مهارات لا أتوفر عليها . لقد كان

 الأميري رحمه الله مدرسة متكاملة ذات منهج إسلامي إنساني حرصت على ربط العقيدة بحياة الإنسان لا إنفصام بين شرع الله و حياة البشر . و لو تفحصنا فكر الأستاذ عمر

 بهاء الدين الأميري لوجدنا خلاياه تتكون من مادة أولية حية إسمها وحدة العقيدة و إتحاد المؤمنين بها . الأميري رحمه الله كان وحدويا لا يحب الفرقة و التفرقة و يكره الخصام و المشاحنات . و كان

 دائب الجهد لرص الصفوف و إصلاح ذات البين بين إخوانه , و ساعده نوعية شخصيته على النجاح في معظم الأحوال , و حقق مصالحات و لقاءات كان البعض يظنها أنها من

 المستحيلات و ذلك بفض إيمانه بربه و حسن أخلاقه و لطف مشاعره و جلده و عدم يأسه من روح الله ...شكرا للأخ باسل الرفاعي الذي منحني فرصة الحديث عن الأستاذ الكبير عمر بهاء الأميري رحمه الله , و

 عساني كنت جزء صغيرا من بحثه القيم عن رجل فاضل عاش و مات عقودا و هو يؤدي رسالة خالدة ستكون صفحاتها العطرة مسطرة بكل تفاصيلها في كتابه يوم القيامة .