العدد 58 من مجلة الكلمة

ملف حول ابراهيم أصلان، تفكيك الاستبداد ومتابعة لزخم الربيع العربي

رواية سودانية وديوان مغربي

تقدم «الكلمة» في هذا العدد الجديد، عدد 58 فبراير/ شباط 2012، ملفا ضافيا من أكثر من ثلاثين نصا بين دراسة وشهادة ومقال في وداع الكاتب الكبير إبراهيم أصلان الذي رحل عن عالمنا قبل أسابيع ثلاثة. وتواصل في الوقت نفسه مواكبتها لزخم الربيع العربي الذي بشرت به وشاركت فيه، فقد كانت (الكلمة) داعية لكتابة تاريخ جديد متحرر من رطانة اليأس والتبعية، وخطاب حر مستقل، يواجه خطابات الهيمنة الزائفة ويفضح تدليس مبرري القهر والهوان والاستبداد. فقد راهنت من البداية على العقل والوعي وحرية الرأي واستقلال المثقف. لهذا يحفل العدد بأكثر من نص في تفكيك الاستبداد والقهر والتبعية: من رواية العدد القادمة من البلاد الكبيرة المنكوبة بكبرها، السودان، وقصيدة شوقي بغدادي الأخيرة، حتى الكثير من دراسات العدد ومقالاته. وتنشر (الكلمة) كعادتها رواية جديدة، وديوان شعر، ومجموعة قصصية صغيرة وعددا من الدراسات والمقالات التي تتناول مسارات الثورة، والتنظير لها، فضلا عن المزيد من القصائد والقصص، وأبواب (الكلمة) المعهودة من دراسات وشعر وقص وعلامات ونقد ومراجعات كتب وشهادات ورسائل وتقارير وأنشطة ثقافية، لتواصل (الكلمة) مسيرتها بقوة دفع أكبر، وبمزيد من أحدث إنجازات كتابنا من مختلف أنحاء الوطن العربي.

تودع (الكلمة) إبراهيم أصلان لوعيها بأهمية إنجازه الأدبي وموقفه الأخلاقي والفكري معا. فقد حافظ على موهبته وعلى ما حققته له من مكانة، ورعى استقلاله الفكري والموقفي في ظروف صعبة، حرص فيها على أن ينال بعض حقه، دون أن يهدر كرامته أو يتيح للمؤسسة احتواءه واستخدامه لصالحها. وهكذا استطاعت الكلمة أن تقدم ملفا بمناسبة رحيله في السابع من يناير/ كانون الثاني 2012، جمعت فيه إلى جانب نصوص أخيرة لأصلان وحوارات معه، بين الدراسة الجادة المتفحصة لبعض أعماله، والشهادة الشخصية على دوره وتأثيره، والإضاءات الوداعية عنه، بصورة تعطيه بعض حقه حتى يحين وقت الدراسات الضافية التي نحسب أنها ستتواصل حول إبداعه. وقد شارك في الملف لفيف من المثقفين والكتاب والنقاد العرب.

منهم صبري حافظ، منصورة عزالدين، سيد محمود حسن، سمير جريس، ممدوح فراج النابي، عبدالرحيم مؤذن، طارق إمام، ماري القصيفي، بهاء طاهر، محمد برّادة، نبيل سليمان، إلياس خوري، واسيني الأعرج، منتصر القفاش، بيار أبي صعب، أحمد زغلول الشيطي، لحسن العسبي، حسن داوود، طارق الشناوي، عبده وازن، على حسن الفوّاز، موسى حوامدة، شعبان يوسف، أكرم القصاص، عباس بيضون، أحمد مالك، رولا حسن، ممدوح فرّاج النابي، محمد شعير، محمد خير، كمال رمزي، وائل فتحي، أسامة كمال.

في باب دراسات يكتب محرر (الكلمة)، في "أصلان: شاعر البساطة والحفر والألق المضيء"، شهادته الشخصية على علاقة طويلة امتدت لعدة عقود مع الراحل الكبير إبراهيم أصلان، شهادة يمزج فيها الشخصي بالأدبي، والذكريات والوقائع الكاشفة عن ملامح الإنسان، مع قراءة بعض نصوصه، وتقديمها لقراء ربما لم تتح لهم فرصة التعرف على ما تنطوي عليه من خصوصية وثراء. ويقدم الناقد المغربي يحيى بن الوليد في "المرأة والاستعمار المضاعف" قراءة تتقاطع فيها الاستقصاءات النظرية للنقد الثقافي ونقد مابعد الاستعمار، مع التحليل النقدي لواحدة من أحدث الروايات التي قدمت واقع المرأة المغربية، بصورة كشفت عما يدعوه الباحث بالاستعمار المضاعف: الخارجي منه والداخلي، وأحالت بطلتها إلى استعارة للوضع المغربي برمته. ويستقرئ الباحث المغربي أبو بكر الشرايبي في "السلطة والدين في {ألف ليلة وليلة}" طبيعة البنية العميقة للعلاقة بين السلطة والدين في حكايات (ألف ليلة وليلة) بأشكالها المتعددة، وكيف أن هناك مجموعة متباينة، ولكنها متكاملة من العلاقات التي تربط بينهما في النص، تنتصر لجوهر الدين وليس للفهم الحرفي له، وتربط شرعية السلطة بموقفها الأخلاقي ومحافظتها على المال العام. أما الباحث الأردني رامي أبو شهاب فيتناول في "مابعد الكولونيالية واللغة" مجموعة من أطروحات الكاتب الكيني المرموق نغوجي واثيونغو حول اللغة ودورها في عملية استعمار العقول المعقدة، وفي الحيلولة دون بلورة هوية المستعمَر الثقافية. أما الباحث فلاح رحيم فيكتب عن "اللااجتماعي في أدب التكرلي"، ولا تقدم هذه الدراسة مجرد مراجعة لكتاب نقدي مهم عن أحد أهم المبدعين العراقيين الكبار، ولكن سجالا نقديا خصبا مع أطروحات الكتاب وجدل السياسي والاجتماعي. ويتوقف الباحث والناقد المغربي عبدالرحيم مؤذن عند أحد التجارب الروائية والأدبية العربية في "غالب هلسا..الغائب الحاضر"، مستعيدا جزءا من سمات أسئلتها الإبداعية. ويقدم الباحث المصري ممدوح فراج النابي في "مالك الحزين" لابراهيم أصلان دراسة ضافية لرواية إبراهيم أصلان "مالك الحزين" تقرا الرواية وكل ما كتب عنها ببراعة لتكشف عما ينطوي عليها نصها السردي المرهف في بنيته الأدبية على الانتقال من ألأيديولوجيا المحايثة للمكان إلى الأيديولوجيا المضادة للسلطة. ويتناول الباحث اللبناني صبحي البستاني في نصه، "نحو حساسية جديدة"، والمكتوب أصلا بالفرنسية السمات المشتركة في الشعر العربي في دولة الاستيطان الصهيوني بفلسطين ويرد الكثير منها إلى السياق الاجتماعي السياسي الذي يعيشه الشعراء والمواطنون العرب. مؤكدا ثراء الشعر العربي فيها وتنوعه الهائلين في المواضيع والأسلوب الشعري. بينما يتناول الباحث العراقي عباس خلف علي في "الأبعاد الثقافية للنسق الرمزي" أحدث روايات الكاتب الليبي المرموق إبراهيم الكوني، باحثا عن الأنساق الثقافية التي تنهض عليها البنية الرمزية الأولية/ الصحراوية المضمرة في الكثير من أعماله وفي منطق الصحراء الفلسفي على السواء. ويختتم الدبلوماسي الليبي عبدالسلام الرقيعي باب دراسات، بمحاولة الإجابة على سؤال "هل يتحول مجلس التعاون لدولة فيدرالية؟" حيث يتتبع كل محاولات الوحدة العربية، سواء تلك التي جرت على صعيد الخطاب السياسي، أو التي أسفرت عن بعض المعاهدات، أو التي تجسدت على أرض الواقع، ليتناول على ضوئها مساعي دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة للوحدة.

ويحتفي باب شعر بأحدث قصائد الشاعر السوري الكبير شوقي بغدادي، الذي يتساءل "أين أنا الآن؟" وهو السؤال المأزق عن موقع الشاعر/ المثقف إزاء ما يدور في بلده! وإزاء الأحداث التي تأخذ الجميع إلى حافة الهاوية. وخص الكلمة الشاعر العراقي هاتف جنابي بأحدث قصائده. كما تقدم الكلمة ديوانا شعريا من المغرب موسوم ب"أرمم ذاكرتي"، للشاعر المغربي محمد شاكر شاعر طالما تولد لديه إحساس بالغبن والانكفاء على الذات غير أنه ظل يقاوم بالكتابة فعل النسيان. من سبعينيات القرن الماضي الى اليوم، وهذا الديوان يصارع قدره كي يعلن الحضور .. حضور تجربة شعرية قاومت التكلس، وهي تمتح من الصحراء ومن التشبث بالكتابة أمل المستقبل. كما تنشر الكلمة أحدث قصائد الشعراء: عبداللطيف الإدريسي، أحمد محسن العمودي، آمال عواد رضوان، هاني حجاج، نمر سعدي.

أما في باب السرد فتنشر الكلمة رواية للكاتب السوداني أحمد ضحية بعنوان "ثلاثية البلاد الكبيرة" وهي عن أحوال البلاد الكبيرة التي سيطر عليها السلطان بمطاليقه يروعون الأهالي ويغتصبون النساء الأحلام، ويطاردون ويقتلون الثوار. ويمثل "الشايب جقندي" ذاكرة تلك البلاد الحافظ لتاريخها والباحث عن عالم أفضل لها. إن الرمزية التي تنبني عليها الرواية تكشف عن الكيفيات التي ترسخ بها السلطة استبدادها. هذا الى جانب نصوص المبدعين: محمد زهران، عمر الحويج، ابراهيم داود الجنابي، رجاء البقالي، أسماء عبدالمحسن عبدالمجيد.

في باب النقد، يقرأ الباحث اللبناني جلبير الأشقر في "الانتهازيون والثورة" دلالات الفائزين بالانتخابات بعد الثورات العربية هم الانتهازيون الذين ركبوا موجة الثورة وقفزوا إلى قطارها بعد زوال الخطر، بما يذكّر بالأنظمة المخلوعة، لكل ذلك فالثورة مستمرة. ويتناول المسرحي المغربي عبدالكريم برشيد في "نحو تأصيل للمسرح العربي" الاحتفاليات العربية المتنوعة، ليخلص للقول بقدرة الفنية الاحتفالية على التجدد كشرط مبدئي فيها، خصوصا وأنه منذ عقد الستينات تأكدت "الاحتفالية" في نظرية المسرح، كمفهوم عقد الصلة بين ممارسة الفن المسرحي وتقاليد الفرجة الشعبية والأشكال شبه المسرحية في الممارسة المسرحية العربية. ويستبين الباحث صبحي حديدي "محاور النظام السوري: باعة أساطير أم سعاة أوهام؟" تقشرات جلد بعض المثقفين المعارضين للنظام السوري. ويرى أنها تكشفت عن طروحات متتابعة، مشدودة إلى حبال الحرج من الفعل الأخلاقي، مما يدفعهم للمناورة المسعورة مع النظام. ويتناول الكاتب عيد أسطفانوس في "محرقة الهراطقة" الكاتب العقلية الاقصائية في المجتمع. يستعير لها مصطلحات تفتيشية ليتملى بوضوح في تمسرحاتها الواقعية، ويرى بأن سيف يقين "التكفير" و"الهرطقة" يشهر على رقاب من يصنفون في خانة الأغيار. بينما يستشرف الشاعر المصري فرانسوا باسيلي "قصيدة تتنبأ بالثورة المصرية وتصور تفاصيلها" وهي قصيدته المعنونة "كفاية"، والمنشورة عام 2005. حيث يرصد آفاق ثورة يقوم بها شباب بلده. كما يتناول الكاتب مصطفى القلعي في "الحرب: رأس المال وتخريب الكون" تمظهرات "الحرب" في النص الأسطوري ماقبل المنطق. ويرى أنها ترافقت مع الدين والعلم في سياق التاريخ، ويستبين تحولاتها منذ القرون الوسطى وفق معطيات جعلت لها "حقوق" وتسميات. ويناقش الكاتب بوشعيب المسعودي علاقة "السينما بالفلسفة" ليؤكد على المكون الفلسفي لجدلية الصورة وعلاماتها في الفن السابع. ويختتم باب نقد ب"يوميات ورسائل كافكا" حيث تتداعى حفنة من الانطباعات والمشهديات السردية التي دونها كافكا في يومياته متلاعباً على ضمير السارد.

باب مراجعات وكتب، افتتحته الناقدة السورية ماجدة حمود ب"سيرة ذاتية لآلية الفساد" حيث تقربنا من نص روائي جزائري استطاع أن يتجاوز تلك النظرة الضيقة لهيمنة صوت المرأة كي يصبح صوتا لشجون الوطن وانكساراته. في "السوبر مستقبلية الأدبية قراءة للناقد البناني حسن عجمي تتناول نصا روائيا من تونس سبق أن قدمته مجلة "الكلمة" في أحد أعدادها السابقة، وهو نص ينسج متاهة سردية فيها فعل المخاض صيرورة لا تنتهي. وتقدم الكاتبة بطرس دلة في "لملم حريم والصبغة الميسونية" قراءة عاشقة لمجموعة قصصية فلسطينية لكاتبة تقيم في مدينة حيفا، حيث الاعتماد على اليومي وتفاصيله، الوطن وصوره المنفلتة. أما الناقد المغربي هشام الدركاوي فيتناول موضوع الترجمة لمؤلف خبرها تنظيرا وممارسة وجرب خباياها، وهو ما يحاول الكتاب في النهاية، تشكيله كرؤية متكاملة من شأنها إعادة تأسيس وعينا النظري بطبيعتها وتحولها الى نسق منظم محكمة بقواعدها بعيدا عن تلك النظرة الآلية. وتدير الشاعرة العراقية فليحة حسن في "الشعر النثري" حوارها النقدي الخلاق مع ديوان شعري جديد، تقدم له قراءة سيميائية تتغيا الكشف عن الفوارق بين الشعر النثري وقصيدة النثر. الناقد المغربي محمد أبو العلا يتوقف عند "الاحتفالية من السجال الى النقد"  من خلال إصدار حديث هو محاولة لإعادة قراءة تجربته واستلهام أهم سماتها النقدية. مع التأكيد هنا، أن "احتفالية برشيد" قديمها وحديثها ظلت تتجدد بحكم أنها ظلت على الدوام مختبرا للكثير من وجهات النظر التي همت راهن المسرح العربي ومستقبله. ويواصل الناقد السينمائي سليمان الحقيوي تقديم روائع الشاشات العالمية، ففي مقاله "تسييس الأسطورة في السينما الأمريكية" يستقرأ فيلم "300 إسبارطي" كنموذج لتلك التجارب السينمائية التي حاولت أن تمتح من الأسطورة موضوعتها المركزية واستشكالا يقودها لبناء رؤيتها الجمالية. ويختتم الناقد أحمد زنيبر باب كتب بقراءة "مديح العزلة" حيث يقربنا من أحد التجارب المغربية الرائدة اليوم، التي تؤثث فضاء المشهد الشعري المعاصر بالمغرب. من خلال قراءة تتناول ديوانا شعريا يكشف من خلاله الشاعر عن غنى منجزه الشعري وإبداعيته والتي تنم عن عمق فكري ووعي جمالي بأسئلة الكتابة حيث تحاور الذات حضورها وماضيها وتقود أسئلة الشعر والهوية.

بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير و"أنشطة ثقافية"، تغطي راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي.