رحلة حول ثورات الربيع العربي

رحلة حول ثورات الربيع العربي

كتابي الجديد بين هوية القارئ وماهية الرسالة

طريف يوسف آغا

[email protected]

صدر عن دار (إكسليبيريس) الأمريكية للنشر مؤخراً كتابي الجديد باللغتين العربية والانكليزية معاً والذي يحمل عنوان:

رحلة حول ثورات الربيع العربي

البحث عن الحرية والكرامة والديمقراطية

A Journey Around The Arab-Spring Revolutions

The Quest for Freedom, Dignity and Democracy

وكما أعلمتني دار النشر، فان هذا العمل هو التجربة الأولى لها باللغتين المذكورتين في كتاب واحد، مخاطرة بذلك بامكانية تسويقه في السوق الأمريكية خاصة والتي قد لاتكون جاهزة لتجربة من هذا النوع بعد. وقد أخبرني من اتخذ القرار بالموافقة على النشر على أنها قد تكون تجربة ناجحة لكونها الأولى من نوعها، وبالتالي تربح الدار صفة المسباقية في هذا المجال، ولكنها أيضاً قد لاتكون كذلك، حيث الأمر يعتمد أولاً وأخيراً على الدعاية التي تبدأ مع مطلع عام 2015، وتشاركها في التسويق والتوزيع مواقع أمازون وبارنز آند نوبل وغوغل الواسعة الانتشار.

 الكتاب عبارة عن مجوعة من قصائدي النثرية التي كتبتها خلال السنوات الأربعة الماضية، جنباً إلى جنب مع ترجماتها بالانكليزية، والتي تدور حول مجريات ثورات الربيع العربي. وقد بدأت الكتاب بمقدمة حول الأوضاع العربية قبل قيام الثورات، حاولت فيها وباختصار تعداد الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت في النهاية إلى الانفجار. كما قسمت الكتاب إلى خمسة أقسام رئيسية بعدد دول الربيع العربي: تونس، مصر، اليمن، ليبيا وسورية، حيت تناولت في مقدمة كل قسم لمحة عن خصوصية وظروف كل دولة، وإن كان يجمعها عامل مشترك واحد وهو الظلم الواقع على الشعب. وبسبب استمرارية الثورة السورية إلى اليوم، فقد جعلتها في أربعة أقسام فرعية يحوي كل منها قصائد كل سنة من السنوات الأربعة التي مرت على انطلاقتها. كافة هذه القصائد والتي تقارب المئة كتبت لتواكب الحدث، وكل واحدة منها مذيلة بتاريخ نشرها الأول، ويسبق بعضها سطران أو ثلاثة حول خلفيتها لمساعدة القارئ، إن كان بالانكليزية أو بالعربية، والغير مطلع على تفاصيل الحدث، أن يتمكن من ربطه بالقصيدة. كما ويحوي الكتاب على النص الكامل للرسالتين اللتين كتبتهما للسفير السوري في واشنطن بعد عدة أسابيع من انطلاق الثورة السورية، أحثه على التدخل لوقف شلال الدم الذي كان قد بدأ يتدفق على الارض، حيث كان مايزال هناك أمل في ذلك الوقت بأن النظام قد يحقن الدماء ويتجاوب مع مطالب الشعب للحفاظ على بقائه من جهة ولتجنيب البلد الدمار الذي حل به لاحقاً من ناحية ثانية.

 يتطرق الكتاب أيضاً وباسهاب إلى خصوصية الوضع السوري، وعمق ارتباط نظامه المافيوي بالنظام العالمي ودوره كبلطجي في خدمة مصالح الدول العظمى والاقليمية وعلى رأسها إسرائيل. وأيضا كيف تطور هذا الدور من عهد الأسد الأب إلى عهد الوريث، وكيف تم دفع الثورة إلى العسكرة ثم تصنيع زعامات التنظيمات التكفيرية في أروقة المخابرات السورية والعراقية والايرانية والروسية وإدخالها على خط الثورة لوأدها، ودفع الميليشيات الشيعية الأجنبية إلى الداخل السوري بحجة حماية المراقد المقدسة مرة ودعم خط المقاومة ومحاربة الارهاب مرة ثانية، كل ذلك بغض نظر غربي متعمد.

 السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لمن يتوجه هذا الكتاب وماهي الرسائل التي يحملها؟ كتابي هذا موجه بشكل رئيسي إلى قراء اللغة الانكليزية، لجهلهم بأسباب مايحصل، والرسالة التي يحملها لهم أن المسلمين عموماً والعرب خصوصاً ليسوا متطرفين ولاإرهابيين كما يروج له، وأن التطرف والارهاب إنما هما من انتاج الظلم والفقر والتخلف، والتي هي من إنتاج الديكتاتورية والتي بدورها من إنتاج الدول العظمى صاحبة العقلية الاستعمارية والتي ترعى وتعلف الديكتاتور لرعاية مصالحها. الجهة الثانية التي أوجه لها هذا الكتاب هم (منحبكجية) الديكتاتور عموماً بغض النظر عن هويته، والرسالة يحملها لهم أن عصر عبادة الفرد قد مضى، وعليهم أن يقبلون بهذه الحقيقة، وأن المستقبل إنما لدولة القانون والدستور المفصلين على مقاس الشعب، كل الشعب، وليس على مقاس الحاكم أو طائفته أو أتباع مذهبه. أما الجهة الأخيرة التي أوجه لها كتابي فهي غالبية الشعوب العربية عموماً والسوري خصوصاً التي خرجت مطالبة بحريتها وكرامتها، والرسالة التي يحملها لهم أن لاتستلموا ولاتعودوا إلى بيوتكم قبل أن تحققوا ماخرجتم من أجله، وإلا ضاعت الفرصة، فالثورات عادة لاتنتهي بلا غالب ولامغلوب، إنما بمنتصر واحد هو الذي يقود المجتمع إلى المستقبل.

 قصائد الكتاب هي عبارة عن نثريات، لاتسبح في أبحر الفراهيدي، ولكنها ترسم لوحات يتنافس فيها الخيال مع الصور والقوافي والمعاني على الفوز بمركز الصدارة، ويأتي دور الكلمة لتجعل هذا التنافس عادلا ولتوزع الأدوار والألوان فيما بين الجميع بالتساوي. وهي أيضاً توظف وبشكل واضح الأمثال الشعبية للتأكيد على الموضوع والبرهان على الرؤية، كما وتوظف اسلوب السخرية من الديكتاتور وأعوانه كسلاح لمحاربتهم وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي، وهي من العادات التي اشتهر بها الدمشقيون منذ القدم.