كتاب ضوراي الطير

للغطريف بن قدامة الغساني

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

كتاب ضواري الطير للغطريف بن قدامة الغساني ـ عاش في القرن الثاني للهجرة تحقيق الدكتور نوري حمودي القيسي والأستاذ محمد نايف الدليمي،دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد ـطبعة أولى ،1990م ،يضم بين دفتيه توطئة ومائة وسبعة وأربعين بابا في (204) مائتين وأربع صفحات من القطع المتوسط .

أما التوطئة ففيها أهمية الصيد لملء وقت الفراغ أو لحاجة الفرد الغذائية وهي حرفة مارسها الإنسان منذ فجر التاريخ ، وكان للشعراء دور في إضفائهم شكلا أدبيا ، فتعرضوا لوصف أدوات الصيد وصنوف الحيوانات ، وما يعتور الحيوان من خوف ، وما يصنعه الصياد للاحتيال عليه وما يستخدمه الصياد من وسائل الصيد كالخيول والسهام والقسي  والرماح ، فصار الصيد شغل الشاغل  الكثير منهم ،فكانوا يدربون الكلاب فتصير عندهم جوارح فتاكة .

     وعرض المؤلفان في هذه التوطئة إلى رسم الشعر الجاهلي لوسائل الصيد ،ولفقرائهم لا إلى أغنيائهم ،فقد كان العرب يستذلون الصيد ويحقرون الصياد كما يقول الجاحظ (كتاب الحيوان 2/309)، وقد اتكأ الباحثان على شعر كثير من الشعراء الجاهليين منهم امرؤ القيس وأوس بن حجر والنابغة الذبياني ولبيد وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني والأعشى وبشر واستندوا إلى كشاجم في المصايد والمطارد والمفضليات وغير ذلك في (94) أربع وتسعين حاشية شغلت مساحة (36) ست وثلاثين صفحة من كتابهما المذكور ، وفي التوطئة عرض لهجاء عمرو بن معد يكرب قوم يعتمدون على الصيد فيقول L(الجاحظ 2/309)

          لا يحسبنَّ بنو طليحة حربنا          سوق الحمير نجاته فالكوكب

         حيد عن المعروف سعي أبيهم       طلب الوعول بوفضة وبأكلب

وفي مشهد أخر يتوقف امرؤ القيس عند صف الصياد وهو لاصق  بالأرض يخفي شخصه لئلا ينفر منه الصيد ويمسح الأرض ببطنه وهو يزحف فيقول (ديوانه /172)

      بعثنا ربيئا قبل ذلك مُخمـــلا            كذئب الغضا يمشي الضراء ويتقي

      فظل كمثل الخشف يرفع رأسه         وسائـــــرُهُ مثلَ التراب المدقـــــــق

     وجاء خفيًّا يسفن الأرض بطنه         ترى التربَ منه لاصقا كل ملصق

 وفي مشهد آخر يظهر الشعر ندامة الصياد فيعضُّ إبهام يده اليمنى  إذا اخطأ صيده على نحو من قول اوس بن حجر (ديوانه،72):

                ويعضُّ بإبهام اليمين ندامة      ولهف سر أمه وهو لاهف

  وفي التوطئة صور موجزة عن الصيد في العصر الجاهلي،بحاجة إلى استقصائها في دواوينهم لمن أراد ذلك من الباحثين .

أما كتاب ضواري الطير ، فاستخرج من من خزانة هارون الرشيد رحمه الله وعرض على الغطريف صاحب ضواري هشام بن عبد الملك رحمه الله والوليد بن عبد الملك فعرف الكتاب، وزاد عليه من نوادر العرب ومقالات لحكماء فارس والترك وفلاسفة الروم وقسم كتابه قسمين في مقالتين الأولى "في صفات الضواري ومعرفة أعلاها وهي من اثنين وخمسين بابا " ذكر الصقور والشواهين والعقاب وحيل البازي

     أما المقالة الثانية فذكر فيها معالجة الطيور من أمراض تعتريها في أبدانها ، ولعل علماء البيطرة اليوم يفيدون مما ورد في هذا الكتاب .في علم البيزرة.

    والكتاب ممتع يمكن أن تنهض به  دراسة علمية تفيد من الدراسات الحديثة تدرس فيها نفسية الصياد والحيوان المطرود ووسائل الصيد وحركة الطارد والمطرود  وضواري الطير  وبغاثها .

 واختم الحديث بالدعاء للمؤلفين بالرحمة والغفران في شهر الرحمة والغفران هذا ، إن الله غفور رحيم .

والله من وراء القصد.