قصة المسجد في ألمانيا
هل صحيح أن النازية وراء انتشار الإسلام في أوروبا؟
قراءة في كتاب
محمد هيثم عياش
برلين /01/05/1 / ما ان تهدأ الضجة بعض الشيء حول الاسلام في المانيا ولا سيما بناء المساجد بمئاذن فيها الا ويعود بعض المعادين للاسلام بإثارة المناقشات حول دور المسجد بنشر الفكر الذي يحمل بين طياته الدعوة الى العنف واتهام المسلمين بالتعاون مع القوميين الالمان الذين اشعلوا نار الحرب العالمية الثانية التي كانت ان تهلك الحرث والنسل في اوروبا والعالم .
ويظن الكثيرون في المانيا ووسط أوروبا وفي العالم الاسلامي العربي بأن الاسلام دخل الى المانيا مع السياسيين العرب الذين تعرضوا للنفي اثناء الاحتلال الفرنسي والبريطاني لبعض دول العالم الاسلامي ومع العمال الضيوف الذي تدفقوا على المانيا بعيد الحرب العالمية للمساهمة ببناء ما دمرته الحرب من جديد وبالتالي للمساهمة بقوة المانيا الصناعية والاقتصادية . الا ان الواقع التاريخي لدخول الاسلام الى المانيا بشكل خاص وبناء المساجد فيها فيعود الى قرون طويلة في تاريخ الاسلام . ولعل اقدم مسجد في المانيا على الاطلاق يعود تشييده الى ما بين اعوام 732 و 735 ميلادية وذلك اثر معركة بلاط الشهداء بمدينة بواتييه الفرنسية حيث جرت معركة بين الروم الغربيين / القوط / وجيش المسلمين الذي كان يقوده عبد الرحمن الغافقي الذي استشهد في تلك المعركة عام 731 ميلادية مع عناصر كثيرة / رحمهم الله تعالى / فانسحبت فلول الجيش الاسلامي في جنح الليل واتجهوا نحو الشمال الغربي الى القرب من مدينة فرايبورج الواقعة على الحدود بين فرنسا وسويسرا واقاموا فيها دويلة اسلامية صغيرة بقيت عامرة لمدة تصل الى حوالي اربعين عاما تم فيها بناء اول المسجد الا تزال آثارة موجودة حتى وقتنا هذا .
وقد قام الامير يوهان / يحيى / فيلهلم / اسم فيلهلم بالالمانية او ويليام بالانجليزية – اصلها عربي وهي ولي / احد امراء ولاية فالتس ببناء مسجد في مدينة شفيتسينغين وهي مدينة صغيرة تقع على مقربة من مدينة هايديلبيرج التابعة لولاية بادن فورتمبيرج مسجدا بمآذنة وقبة على الطراز العثماني في عام 1710 في حديقة القصور في تلك المدينة لا يزال هذا المسجد على بناءه الى وقتنا هذا وكان يُقام به الصلوات وصلاة الجمعة حتى عام 1985 وقد حاول احد المسلمين الالمان وهو احمد هريبرت شفارتس مولر من سكان تلك المدينة اخذ رخصة من بلدية المدينة حتى يصبح المسجد مفتوحا بشكل دائم للمسلمين وغيرهم وكاد أن ينجح لولا سيارة كانت قد دهمته فاردته صريعا وذلك قبيل موافقة بلدية تلك المدينة بيوم واحد ومات المشروع بموته وذلك في حزيران /يونيو من عام 1985 . كما ويعود اقدم مسجد في العاصمة برلين الى اعوام 1784 على عهد الخليفة العثماني عبد العزيز الاول هذا المسجد التي أمر بتشييده القيصر الالماني فريدريش الثاني / الكبير – 1712- 1786 / لا يزال هذا المسجد قائما الى وقتنا هذا وبجواره مفبرة للمسلمين يعود تاريخها الى تاريخ تاسيس المسجد تضم رفات شخصيات من بلاد الحجار ونجد والشام والعراق شاركوا بالبعثات الدبلوماسية للدولة العثمانية .
الا أن الصحافي الالماني شتفيان ماينينغ الذي يعمل في المحطة الاولى من التلفزيون الالماني يؤكد في كتابه / قصة المسجد في المانيا / بأن النازية واجهزة مخابراتها / الغستابو / كانوا وراء بناء المساجد في المانيا في عهد الزعيم ادولف هتلر الذي بذل سعيه لكسب العرب الى المانيا جراء قضية فلسطين فهو آوى الى المانيا مفتي فلسطين الاكبر الحاج محمد امين الحسيني الذي ساهم مع الامير شكيب ارسلان اثناء إقامته في سويسرا عندما كان منفيا فيها من قبل الفرنسيين ببناء مسجدين احدهما في مدينة هامبورج والآخر في العاصمة برلين كما ان النازية الالمانية كانت وراء تشجيع قيام اول جمعية للمسلمين الالمان .
وذهب ماينيغ بعيدا عندما أكد بأنه لما تعرضت جماعة الاخوان المسلمين للملاحقة من قبل السلطات المصرية بعيد استشهاد زعيمهم الامام حسن البنا على يد الانجليز واضطهاد جمال عبد الناصر للاخوان فيما بعد ساهمت مخابرات النازية / الجستابو / بايواء الاخوان الى المانيا واوروبا وان سعيد رمضان احد اقطاب الاخوان المسلمين الذي توفي في جنيف عام 1995 انما استطاع المجيء الى المانيا عام 1958 وتأسيسه جمعية اسلامية فيها انما استطاع الوصول الى المانيا من قبل مخابرات النازية التي قامت بتأمين وصوله الى سويسرا من سوريا وفتحت له الابواب في المانيا مؤكدا ان علاقة الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية التي تحمل فكرا اسلاميا يدعو الى اقامة دولة اسلامية لها علاقات مع النازيين والاحزب القومية الاخرى في اوروبا .
ويعتقد ماينيغ ان اجهزة المخابرات الامريكية والسوفيتية اضافة الى اجهزة مخابرات ما كان يُعرف بألمانيا الشرقية والمعروفة حاليا / جهاز أمن الدولة بالمانيا الشرقية / وراء جذر قيام تنظيم القاعدة ووراء الجذر الاساسية لحوادث 11 ايلول/ سبتمبر من عام 2001 . فالمؤلف من خلال تحليلاته السياسية يعتقد ان تنظيم القاعدة قام بتفجير مركز التجارة الدولي في نيورك والهجوم على وزارة الدفاع الامريكية / البنتاجون / اضافة تفجير طائرات في ذلك اليوم انتقاما من تلك الاجهزة التي استغلت شعور التنظيم الاسلامي وواجبه تجاه تحرير افغانستان وغيرها . ويعتبر المؤلف كل من المركز الاسلامي في مدينة آخن / جنوب غرب / والمركز الاسلامي في مدينة ميونيخ مركزين هامين للاسلام السياسي في اوروبا والعالم فالمشرفين عليه هم الاخوان المسلمين الذين يستطيعون بإشارة اصبع اثارة المسلمين ضد حكامهم وبإشارة اخرى الهدوء والسكينة .
وكذب ماينيغ اذ ان مسجدي ميونيخ وآخن تم تأسيسهما خلال اوائل الستينات ، كما أن سعيد رمضان لم يصل الى سويسرا الا في عام 1958 اي بعد مضي حوالي عشرة أعوام على انتهاء الحرب العالمية الثانية ، كما انه لم يتم بناء اي مسجد في المانيا على عهد النازية ، اذ ان مفتي فلسطين الحاج امين الحسيني كان يؤم المسلمين اما في المسجد الذي بنته الدولة العثمانية أو المسجد الموجود في بهو قصر منطقة / شارلوتينبورج / الذي شيدته القيصرية البروسية لضيوفها المسلمين .
ويخطئ من يعتقد بأن النازية كانت محبة للمسلمين ويعود سبب اضطهادهم لليهود في المانيا واوروبا الى رفض اليهود الالمان الهجرة الى فلسطين وقيام دولة يهودية على ارض فلسطين فقد اعلن مجلس اليهود الالماني الاعلى في عام 1899 وبعيد الاعلان عن قيام الحركة الصهيونية العالمية رفضهم لهذه الحركة وبراءتهم من مؤسسها تيودور هرتزل واكدوا انتماءهم للعرق الالماني مع الحفاظ على ديانتهم اليهودية واكد ذلك مرة اخرى عام 1914 لما بدأت حركة تشجيع الهجرة الى فلسطين وتؤكد مصادر سياسية موثوق بها ان الزعيم النازي هتلر عميلا للحركة الصهيونية العالمية ويشير الدبلوماسي الالماني فريتس جروبا / 1885- 1973 / الذي كان سفيرا لهتلر في العراق والسعودية ويتقن العربية وهو من الذين اعتنقوا الاسلام من الدبلوماسيين الالمان بأن هتلر كان يريد اجتياح الدول العربية اذا ما استطاع تحقيق انتصارات ضد اعدائه الاوروبيين وما النازية الا من بقايا فكر الحروب الصليبية .
ولا احد يستطيع أن ينكر بأن الشيوعية واجهزة مخابراتها كانت قد بذلت جهوده لمحو الاسلام في الاتحاد السوفيتي السابق ولم يتم أي بناء مسجد في ولايات المانيا الشرقية على عهد الشيوعيين .
ويقع الكتاب بحوالي ثلاثمائة صفحة قامت دار نشر / س هاء بيك / وهي دار نشر يهودية ومقرها مدينة ميونيخ بنشره وتوزيعه أوائل نيسان / أبريل من عام 2011 الحالي .