الماء والسلام من اجل الناس ... ولكن
داعس أبو كشك
صدر حديثاً عن منشورات اليونسكو الطبعة العربية من كتاب بعنوان "الماء والسلام من أجل الناس" تأليف جون مارتن تروندالن.
الكتاب الجديد هو دليل عملى، يقدم مجموعة مقترحات من أجل فضّ الأزمات المرتبطة بالماء فى الشرق الأوسط، وفيما يحلل المؤلِّف الرهانات الخاصة بكل موقف، يتناول النزاع بين إسرائيل وسوريا على حوض الأردن الأعلى أى مرتفعات الجولان، والنزاع بين إسرائيل ولبنان على مياه نهر الوزانى، والنزاع الذى يتخاصم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون منذ أمد بعيد، ويتناول بالتحليل أيضاً التحديات التى تجابهها تركيا وسوريا والعراق بشأن تقاسم مياه الفرات ودجلة.
ويطرح المؤلف فى كتابه سؤالاً هاماً، وهو ماذا لو أن بلدان الشرق الأوسط لم يكن أمامها إلا خيار التفاهم على تقاسم الموارد المائية الشحيحة التى تمتلكها المنطقة؟
ويشير المؤلف إلى أن استهلاك المياه فى ازدياد مستمر، وذلك بسبب الزيادة السكانية ويخشى من أن يكون الشرق الأوسط هو أول منطقة تعيش تجربة نقص الموارد المائية، وذلك لأن أنهارا كبرى مثل دجلة والفرات تشهد ازديادا فى ملوحتها بنسبة النصف، كما أن سكان المدن الكبرى فى المنطقة لا يحصلون على ماء الشرب المناسب.
عمل جون مارتن تروندالن أستاذا لمادة الجغرافيا، وشارك فى العديد من الاجتماعات التى تركزت على الخلافات المائية فى منطقة الشرق الأوسط، وعمل مستشاراً لدى عدد من الحكومات ولدى منظمة الأمم المتحدة، من أجل فض النزاعات المرتبطة بالبيئة وبقضايا المياه، ويتولى جون مارتِن تروندالن، حاليا إدارة مؤسسة "فوندايشن كومباس" فى جنيف، سويسرا.
لقد صدرت عشرات الكتب وكتبت مئات المقالات والدراسات والابحاث وعقدت المؤتمرات وورشات العمل حول مياه الشرق الاوسط ولكن لم يتمخض اي نتيجة عن كل ذلك بل زادت من غطرسة الاحتلال في سيطرته عليها دون ان يحسب اي حساب لاحد فاذا كان الخلاف على المياه احد اسباب حرب عام 1967 اثر قيام اسرائيل بتحويل مياه نهر الاردن للنقب وكانت نتيجة الحرب ان حصلت اسرلئيل على سيطرة شاملة على مياه الضفة الغربية والجولان ثم امتدت بعد ذلك وفي عام 1982 في السيطرة على مياه الجنوب اللبناني ومازالت تتحكم بمزارع شبعا على اقدام نهر الليطاني بعد ان انسحبت من جنوب لبنان عام 2000وتقدر ما تحصل عليه اسرائيل من مياه من المحيط العربي بنحو 70بالمئة اي مايزيد عن مليون متر مكعب سنويا اما بالنسبة لوضع المياه في الاتفاقات الفلسطينية الاسرائيلية نجد ان اسرائيل قد نجحت في جعل موضوع المياه من القضايا المعلقة في مفاوضات الوضع الدائم واستمرت في سيطرتها وتحكمها بمصادر المياه الفلسطينية حيث تفرض اسرائيل اجراءات مشددة على المياه وتحكمها في توزيع المياه حيث ان السلطة الفلسطينية تشتري مياهها من اسرائيل رغم انها مياه فلسطينية وادت هذه السياسة الى تقلص المساحة الزراعية الفلسطينية والى جفاف مساحات شاسعة من الحمضيات التي تشتهر بها الاراضي المحتلة والى منع حفر اي ابار ارتوازية الا بعد موافقة سلطات الاحتلال وتجفيف الابار القائمة وخاصة في الاغوار وهناك مناطق عديدة في الاراضي المحتلة بلا مياه ويقوم السكان بشرائها بمبالغ عالية الامر الذي يضيف الى اعبائهم الاقتصادية اعباء اخرى فكيف هو الحال في ظل التغيرات المناخية التي تتعرض لها منطقة الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة ، حيث يقول تقرير عن ادارة الموارد الطبيعية بادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالبنك الدولي ان التقديرلت الحالية ترتكز على انماط ثابتة لهطول الامطار في دول الاردن ولبنان وفلسطين ، لكن التوقعات العالمية الخاصة بتغير المناخ تشير في حقيقة الامر الى انخفاض نسبة هطول الامطار بواقع 20 الى 40 في المائة مع زيادة درجات الحرارة مما يعني زيادة معدل التبخر .
واذا ما قيس هذا الامر الى الزيادة السكانية وتراجع مستوى الموارد الطبيعية يتبين لنا ان شح المياه سيكون عاملا مهما الى جانب السبب السياسي الذي تتمسك به اسرائيل في زيادة التوتر في المنطقة بما يعمق الحاجة للمياه ، مما قد يشعل فتيل الحرب بالمنطقة بسبب خطر الموت عطشا فهل تذعن اسرائيل لقرارات الشرعية الدولية في دفع استحقاقات عملية السلام والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانتهاء الاحتلال !! لان بذلك الحل سوف تحل مشكلة المياه في الشرق الاوسط وبدون ذلك الحل السلمي فان المنطقة مقبلة على اوضاع في غاية الصعوبة ستكون فيها لغة السلاح اقوى من لغة الكلام .