الأعمال النثرية الكاملة لوليد الأعظمي

المستشار عبد الله العقيل

الأعمال النثرية الكاملة

لوليد الأعظمي

المستشار عبد الله العقيل

صدر عن دار القلم للنشر والتوزيع في دمشق الأعمال النثرية الكاملة للشاعر الكاتب العراقي الأستاذ وليد الأعظمي –رحمه الله تعالى- في ثمانية مجلدات (4572 صفحة من القطع الكبير) جمعها، ورتّبها، ودققها، وعمل فهارسها: الأستاذ عبد الله الطنطاوي. ولم تشمل الكتب والدواوين التي حقّقها ونشرها الأعظمي.

ونقدم –فيما يلي- المقدمة التي كتبها لها، الأستاذ المستشار عبد الله العقيل.

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الأمين، أفصح العرب فصاحةً، وأبلغهم بلاغة، فقد آتاه الله جوامع الكلم، فكان كلامه بعد كلام الله العظيم، في قرآنه الكريم، وبعد:

فإن الأديب الشاعر الكبير وليد الأعظمي - رحمه الله رحمةً واسعةً - شخصية فذة، وهبه الله العديد من المواهب، فكان شاعراً، وكان ناثراً، وكان رياضياً، وكان خطاطاً، وكان قبل هذا وذاك، مجاهداً في سبيل الله، حاملاً  لواء الدعوة إلى الله، فقد نشأ في طاعة الله، والتزم دعوة الإخوان المسلمين منذ يفاعته، وكان من شبانها الدعاة، ثم كان فتاها في حي الأعظمية ببغداد، ثم كان من رجالها الأشداء في بغداد، ثم في العراق كله، يدعو إليها بالحكمة وببصيرة المؤمن الذي وعى كتاب الله، وسنة نبيه، ومبادئ الإسلام ومقاصده، فانطلق لسانه يغرد ويشدو أعذب الشعر في المحافل، والمساجد، والمظاهرات، مبشراً بدعوة الحق والقوة والحرية، لا يثنيه تهديد ولا يصرفه عن سبيله وعيد، بل واجه المتربصين بدعوته، ووقف طوداً في وجه الأعاصير التي اجتاحت العراق المظلوم، منذ انقلاب حزب البعث الذي حكم العراق بالحديد والنار، مثلما حكمها من قبله عبد الكريم قاسم والشيوعيون الشعوبيون، وتعرض الأعظمي وإخوانه لأهوال السجون، والتعذيب والتصفيات الجسدية، والسحل بالشوارع، ثم إلى محاكمات صورية مضحكة، أودت بحياة العديد من رجال الدعوة وشيوخها، كما شردت وسجنت وعذبت آخرين.

وشاء الله نجاة الأعظمي من أيدي الظالمين المستبدين الذين جيء بهم إلى الحكم، ليسوطوا العراق وأحراره، وليقفوا المد الإسلامي، ويرفعوا رايات الشعوبية والماركسية، ثم القومية الشوفينية، فأثاروا النعرات، ومزقوا الوحدة الوطنية، وكانوا بلاء، بل طاعوناً خلَف وباء أكل أخضر العراق ويابسه، فكانت عهودهم سنوات عجافاً، سنوات داميات، أذكرتنا أهوال هولاكو وجنكيز وسائر الخونة والطواغيت على مدى تاريخ العراق الشهيد.

عُرف الأستاذ وليد الأعظمي شاعراً، ولم يُعرف بنثره، فقد كان لشعره سيرورة طوت آلاف الأميال شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فحيث كان للحركة الإسلامية شباب ووجود، كان لشعر الأعظمي شباب ووجود.. في المغرب الأقصى، في الجزائر، في تونس، في موريتانيا، في الصومال، في مصر والسودان، في سورية ولبنان، في الأردن وفلسطين، في تركيا وماليزيا وباكستان، في اليمن، ناهيك عن العراق بمدنه وبلداته وقراه..

 يترنم بقصائده شباب الدعوة وشيوخها... كانت على كل لسان، وما تزال... كان قلم الرقيب في العراق وسواه، يصادر شعره، وأحياناً بعض شعره... قصيدة، بضعة أبيات، بيتاً، شطراً من بيت، جملة أو تفعيلة، وكان الأعظمي يتحدى الرقيب، وينشر شعره الذي تآكل بأسنة الرقباء، ثم شاء الله أن يجمع أخونا الأديب عبد الله الطنطاوي شعره كله كاملاً في ديوان كبير أسماه: (ديوان وليد الأعظمي) واكتحلت عيون الشاعر بمرأى ديوانه قبل أن يرحل عن هذه الدنيا ببضعة أيام، وفرح به، وقرت عينه.

وبعد وفاته ­ رحمه الله تعالى ­ فكرنا بجمع آثاره النثرية، إكراماً لشخصه، ولجهاده المبرور، فهو أهل للإكرام والتكريم حياً وميتاً، وليس كنشر آثاره تكريم.

عقدنا العزم، ونهض الأستاذ عبد الله الطنطاوي بجمع آثاره النثرية، وكنا نظنها لا تتعدى ألف صفحة من القطع الكبير، وإذا هي أربعة آلاف وخمس مئة صفحة، لا يسعها مجلد ­ كديوانه ­ بل ستكون في عدة مجلدات..

جمعنا آثاره، واستعصى علينا كتيبان صغيران، هما من سلسلة: (أبطال من الأنصار) والكتابان هما: الحادي عشر، والثاني عشر من هذه السلسلة: أبو لبابة الأنصاري، وحسان بن ثابت الأنصاري.

رتب الأخ الطنطاوي كل كتبه، وصححها، وأشرف على إخراجها، ومضينا نبحث عن ذينك الكتيبين سنة كاملة، بل أكثر، ولما أعيانا الطلب، قررنا طباعة أعماله هذه من دونهما، لعلنا نستدركهما في طبعة ثانية، عندما يجود بهما علينا أحد محبيه من مقتني كتبه، وهم كثر ولله الحمد.

وهناك مقالات كثيرة للأستاذ الأعظمي، منشورة في العديد من الصحف والمجلات، تنتظر الباحثين والدارسين من الشباب، من طلبة العلم، ومن طلبة الدراسات العليا، من أصحاب الهمم العالية، والإرادات القوية... من ذوي العزائم.

هؤلاء هم وحدهم القادرون على جمع ما تناثر منها هنا، وهناك، وهنالك، ثم إصدارها في كتب، حسب الأصول.

والأستاذ الأعظمي الذي خدم أمته، وعقيدته، ولغته أحسن خدمة، جدير بالاحتفال... بجمع آثاره.. بتقديم دراسات حول أدبه: شعراً ونثراً... بتقديم رسائل جامعية عن حياته، وعن جوانب أدبه.. فلطالما ضحى الأعظمي في سبيل العروبة والإسلام ورضي بشظف العيش، وبالاعتقال، وبالتضييق عليه في الوظيفة وفي المعيشة.. فضلاً عن الكتابة والنشر، من أجلهما...

وأستطيع أن أزعم، أنه لو أتيح لوليد الأعظمي هامش من الحرية، كتلك التي يتمتع بها الأدباء والشعراء الآخرون.. بل لو أتيح له عشر معشار ما يتمتع به أولئك، لطبقت شهرته الآفاق، والله أعلم.

 ترى.. هل وفيناك بعض حقك علينا، على أبناء شعبك.. على أبناء أمتك.. بجمع آثارك الشعرية الكاملة، وجمع آثارك النثرية شبه الكاملة، وتصحيحها، وترتيبها، وإخراجها، وطبعها على الشكل الذي سوف تظهر فيه ­ يا أبا خالد؟.

نرجو ذلك.

والسلام عليك في الخالدين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وقائدنا محمد، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الغر الميامين.

والحمد لله رب العالمين.

عمان / 14 من ربيع الثاني 1428 هـ

3 من أيار 2007م