عقول هادئة.. وقلوب دافئة

د. بشير شكيب الجابري

من أبجديات الحب والسعادة الزوجية

د. بشير شكيب الجابري

(6)

إشراقة

"حياة جديدة تبدأ أمامنا مع كل ثانية دعنا نهرع فرحين للقياها فمن الأفضل أن نسير وعيوننا تتطلع للأمام لا للخلف."

جيروم ك جيروم

الحجاب فتنة، الحجاب شعار، الحجاب سياسة، الحجاب في فرنسا ليس أداة فضيلة ]ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ(، بل وسيلة فرقة..

]يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا(.

ذلك هو مبدأ قوم لوط سابقاً ولاحقاً.

]أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ(.

]أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ(.

نحن أمام ظاهرة انتكاسة للفطرة، ويخطئ من يظن أن الأمر لا يعدو تأذي الحضارة الغربية من منظر المرأة المحجبة.

الأمر أعمق من ذلك بكثير. إنه إحساس الحضارة الغربية بأنها تغزى في عقر دارها. فبعد قرون من تراجع الوجود الإسلامي ظهرت الصحوة لتجسد مناعة الإسلام أمام وسائل الإفناء والتذويب، وثبت للغرب أنه لا يملك شيئاً باهراً يخرج المسلم من دينه بدعوى الانخراط في المجتمع، لقد حسب أن عري المرأة في الغرب يجعل المسلم جاهزاً للتسليم، وإذ به يعود إلى دينه ويجد فيه الحصن الحصين، ويسقط الغرب في عينه، وتفقد الحضارة المادية بريقها في ظل استعباد المرأة للشهوات، وتفكيك الأسرة وجوعة الروح.

إن 2000 فتاة محجبة في المدارس الفرنسية وطبيبتين محجبتين في مستشفياتها ليست قضية توجب أن يتحرك لها اليمين واليسار، ويجتمعا لإسقاط الفضيلة باسم الديمقراطية الغالبة، فإذا طلبت الفضيلة، في بلد آخر، الإسلام والحجاب باسم الأكثرية وحسب النظم الديمقراطية قوبلت بالحديد والنار وأفنيت عن بكرة أبيها.

إن المسلم العادي بله المتدين، يرى هذا ويتفاعل معه كفراً بالحضارة الغربية وإيماناً بالرسالة الخاتمة.

وهو يرى أن الغرب لا يرضى عنه إلا إذا اتبع ملته:

]وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ(.

إن المسلم يعلم أن تزايد السكان المسلمين المأمورين بالتكاثر والتزايد لحكمة يعلمها الله، يقلق العالم:

]فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ(.

إن وقوف اليسار واليمين في فرنسا وقفة رجل واحد للدفاع عن الجمهورية وأهدافها في الحرية والمساواة والأخوة يجعل الإنسان يتساءل عن المدى الذي سيقفون عنده.

وكأني أراهم يحرضون أوروبا لتحذو حذوهم قبل أن يتكاثر المسلمون ويرثوا الأرض وما عليها.

]أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ(.

هذه هي الرؤيا العمياء منذ الأزل، إنهم أناس يتطهرون، إنهم أناس يتحجبون في وجه انحلالنا، إنهم أناس لا يلبسون الثياب العارية، إنهم يخصفون عليهم من ورق الجنة، إنهم يقفون في وجه إبليس، وفي مقابل ذلك كله لا يملك المسلم إلا التمسك بحبل الله بإعلان سنة الزواج وتسهيله على كل راغب وتقوية الأسرة المسلمة والبيت المسلم ليتغلب على الأعاصير الجامعة القادمة.

]أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ، الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ(.

]الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ، وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ، وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ(.

وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها       ولم يك فيها منزل لك يعلم

فحي على جنات  عدن  فإنها        منازلنا الأولى وفيها  المخيم

وتذكر: "يجب أن نحيا حياة مليئة بحيوية شديدة وبعمق وليس من الضروري أن نفكر في حياة قصيرة أو في حياة أطول."

مارجوري ستونمان دوجلاس