المنبر
للدكتور محي الدين كحالة
غرناطة عبد الله الطنطاوي
إنه كتاب آخر للدكتور محي الدين كحالة خلال عامين.
ويضم بين دفتيه 500 صفحة من القطع الكبير، في طباعة أنيقة جميلة.
وهو الجزء الأول من هذا الكتاب القيّم.
وقد استهلّ كتابه بخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
ثم أتبعها بخطبة حكيم العرب أكثم بن صيفي، ثم خطبة الخلفاء الراشدين.
ثم انتقل إلى ذكر الهجرة النبوية والدروس المستفادة منها، ومن الإسراء والمعراج أيضاً.
ثم انتقل إلى مفاتيح الجنة، ومنها إلى ذكر قصة إسلام ابن غاندي، أكبر زعيم سياسي أنجبته الهند في العصر الحديث، في عام 1936م.
ونقل لنا بعضاً من كتابات الكتّاب الإسلاميين، كالكاتب محمد سيد بركة، والدكتور عبد الرحمن ابداح وغيرهما.
ثم أورد بعضاً من خطب الجمعة التي ألقاها، وقد كانت متنوعة تلامس حياتنا الدنيا بشفافية رائعة، فقد زاوج بين دراسته كطبيب، وعلمه الشرعي، فأنتج نتاجاً جميلاً يشدّ القارئ إليه ولا يكاد يترك الكتاب حتى يُنهي ما بدأ به.
وذكر بعضاً من رحلاته في أقاصي الأرض، وما وجده من انتشار للإسلام وتطبيق رائع لمبادئ الإسلام.
وقد يقف بعض الوقفات عند بعض السور القرآنية، يسبر أغوارها، ويأخذ الدروس المستفادة منها، العلمية والعقدية والاجتماعية.
ثم تكلم بإسهاب عن الأرض المباركة أرض فلسطين، عن تاريخها العتيد، فهي مهد الديانات السماوية، ومعراج الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتحدث عن مكانة فلسطين التاريخية والجغرافية والدينية وثرواتها الهائلة، مما جعلها محطّ أنظار الطامعين بها.
وكعادته في كتابه السابق المنبر يتطرّق إلى ذكر بعض الملاحظات العلمية التي تدلّ على عظمة الخالق، فمثلاً ذكر آلات تفريخ البيض، وكيف أن العلماء استفادوا من ملاحظات الفلاح الذي كان يتابع تفريخ البيض عن قرب.
ثم ينتقل مؤلفنا إلى ذكر الجهاد والأمانة والزكاة والثبات، وكلها وقفات إيمانية روحانية جذابة.
وذكر الزلزال بقوته وجبروته، وحلل هذه الظاهرة تحليلاً علمياً وعقدياً.
ولم ينس الطرفة والابتسامة في حياة مَنْ حوله، فذكر بعض الطرائف التي أوردها الدكتور فؤاد البنا، في حياة الإخوان المسلمين.
إنه كتاب جدير بالقراءة، لتنوعه وتشعّب أفكاره، بلغة موجزة كعادة طبيبنا في حديثه مع الناس.
فهو يحب الإيجاز والكلمة الطيبة لا تفارقه أبداً، مع ابتسامة رقيقة تزيّن وجهه الوقور.