من ثمرات الأقلام 3

من ثمرات الأقلام 3

قراءة في كتاب

المنهج العلمي للبحث عن الحقيقة

تأليف: الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

د. موسى الإبراهيم

[email protected]

- تمهيد: أهمية المنهج العلمي في البحث عن الحقيقة

إذا كان إدراك الحقيقية على ما هي عليه علماً، فإن المنهج إلى ذلك الإدراك ينبغي أن يكون علماً.

 العامل الأول في إخضاع الفكر الإسلامي لمنهج علمي دقيق في البحث هو الدين ولولاه لما تعب المسلمون وبذلوا وقتهم لهذا الأمر الذي ليس له مردود مادي.

قال تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم.. وقال: وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً.

- المسلم يندفع إلى البحث العلمي شعوراً منه بأنه واجب يثاب على فعله ويعاقب على تركه.

                        أولاً: منهج البحث عند علماء المسلمين

الأساس في هذا المنهج القاعدة التالية:

* إن كنت ناقلاً فالصحة أو مدعياً فالدليل

فالأخيار.

 تكفل بتمحيصها علم مصطلح الحديث، والجرح والتعديل، وتراجم الرجال.

والإدعاء:

1- الماديات: إن كان متعلقاً بموجود مادي فلا بد فيه من الاعتماد على براهين التجربة والمشاهدة والإسلام لا يتردد في تبني كل ما يثبت تحقيقاً بهذه الوسيلة.

 والعلم حتى اليوم لم يستطع أن يقدم لنا حقيقة علمية تخالف أي جزئية من جزئيات العقيدة الإسلامية.
2- الغيبيات: وأما ما كان من الدعاوى متعلقاً بأمر تجريدي أو غيبي غير خاضع لشيء من الحواس فهو نوعان:

- الأول: ما فيه نص صريح في القرآن والسنة.

- الثاني: ما لا نص فيه من أحدهما

فالمنصوص عليه في أحدهما داخل في المدركات اليقينية.

- أي النصوص القطعية الثابتة في الكتاب والسنة تعطينا يقيناً بمضمونها.

 وسيان بعد ذلك أن يكون للعقل سبيل إلى هضم هذه المغيبات وفهمها عن طريقه الخاص أولا يكون.

 وأما غير المنصوص عليه فيحصر السبيل إلى معرفة الحق فيه بالنظر العقلي وحده وله في ذلك مسلكان هما:

الأول: دلالة الالتزام

وهي أن يطرد ترابط بين شيئين بحيث إذا تأملت أحدها تصورت الآخر وإنما يتم ذلك بعد أن يشهد له الاستقراء التام وذلك كدلالة المآذن على إسلام أهل تلك البلدة.

 فإذا طرحت أمامك دعوى يمكنك أن تعلم صدقها من كذبها بدلالة الالتزام فمثلاً إذا قيل إن منبع الفكر والعقل في الإنسان شعوره بالحاجة إلى الطعام. نعلم كذب هذه الدعوى من ناحية أن سائر الحيوانات تشترك مع الإنسان في الشعور بالحاجة إلى الطعام وهي لا عقل لها.
الثاني: القياس

 والمراد به القياس بالمفهوم الإسلامي كما قرره علماء أصول الفقه لا القياس الفلسفي  وهو: استخراج علة الشيء أو سببه ثم تلمسه فيما قد يشبهه من الأشياء المجهولة.

- ويقوم القياس على أساسين:

1- قانون العلية أي لكل معلول علة ولكل أثر مؤثر، ولا بد في العلة أن تكون مؤثرة.

2- قانون التناسق والنظام في العالم (وكلاهما يثبتان من خلال الاستقراء)

 من هنا نعلم أن علماء المسلمين إنما يتبعون المنهج الاستقرائي في كل ما لم يمكن إخضاعه للتجربة والمشاهدة بعيداً عن الاستنتاجات الغيبية والفلسفة اليونانية وأوهامها.

- وأما الحقائق الأخرى التي ظلت مستورة وراء حجاب الشكوك كتلك التي تلوح وراء دراسات تاريخية أو اكتشافات ومستحاثات قديمة فما تصلح لتكون برهاناً أو يبنى عليها فكر.

* هذه هي خطوات البحث العلمي عند المسلمين تفهم من خلال بحوثهم لا مجرد نظريات مطوية في المكتبات.

ثانياً: منهج البحث عند الغربيين

1- منهج تمحيص النقول والأخبار:

 ليس عند الغرب حتى الآن ميزان موضوعي للبحث

نجد ما يسمونه بالمنهج الاستردادي أو منهج التوسم وعمدته على عمق الملاحظة ودقة الوجدان واتساع دائرة الخيال.

 والسبب في عدم الوصول إلى منهج لتمحيص الأخبار هو ما يكلفه من جهد وعناء وما الباعث على تحمل ذلك وليس له مردود مادي؟

2- منهج تمحيص الدعاوى

أما الفرضيات المتعلقة بالعلوم الطبيعية

فقد أبدع الغرب فيها وأجاد واعتمد المنهج (التجريبي) ووصل إلى نتائج دقيقة ورائعة لا تخفى.

- ولا ينفعنا أن نقول إنه أخذ هذا المنهج منا في القرون الوسطى لأنه تقدم به وتخلفنا نحن والتاريخ ليس ملكاً إلا للزمن الذي حدث فيه وفيما سواه بمدة عبرة فقط.
3- أما المدركات اليقينية الأخرى –المجردات والغيبيات – والقضايا الفكرية

- فإن أوربا بمقدار تقدمها في العلوم الطبيعية تجدها متخلفة في الحقائق المجردة الفكرية حيث اكتفوا –أغلبيتهم- بتبني الفرضيات والاستنتاجات التي ليس لها أساس محدد وإنما تتبع –غالباً- الرغبة والهوى.

- القدر المشترك بين سائر المفكرين والغربيين أنهم يكونون نسيج العقيدة الدينية في أفكارهم من خيوط المصالح الدنيوية المختلفة التي ينزعون إليها في معيشتهم وحياتهم.

- يقول المفكر البريطاني بنتام: يجب أن يكون سير الديانة موافقاً لمقتضى المنفعة، والطريقة الوحيدة في الحكم على سير الديانة هو النظر إليها من جهة الخبر السياسي في الأمة فقط وما عدا ذلك لا يلتفت إليه.

د.موسى إبراهيم الإبراهيم

7/6/1430هـ

1/6/2009م

 

الهوامش

ص31

ص32

ص33

ص37

(1) خلاصة عن المنهج العلمي للبحث عن الحقيقة مستخلص من كتاب كبرى اليقينيات الكونية للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

ص31

ص42

ص44

ص47

ص48

ص 53-54

ص55

ص55

(أصول الشرائع ص37)