حتى نتدبر منهاج الله

حتى نتدبر منهاج الله

موضوع هذه الكتاب تدبّر منهاج الله وممارسته في واقع الحياة . فقد أنزل الله كتابه الكريم ليمارس في واقع الحياة البشرية ، في كلّ زمان ومكان . لقد سبق أن درستُ هذه القضية في أكثر من كتاب ، مثل كتاب " دور المنهاج الرباني في الدعوة الإسلامية ، منهج المؤمن بين العلم والتطبيق " وكتب أخرى ، وكذلك كان يشار إليها في كلّ كتاب آخر .

إننا نلحّ بهذه القضية ونلحّ بعرضها ، لخطورتها وأهميتها في ميزان الإسلام ،ولشدّة حاجتنا إليها اليوم . وسنظلّ نذكّر بها ونلحّ بها حتى تأخذ منزلتها العادلة الأمينة في واقعنا اليوم وغداً ، وفي حياة كلّ مسلم .

فالملايين من المسلمين قد هجروا كتاب الله ، والملايين جهلوا اللغة العربية أو تركوها ، واستبدلوا بها لغات أخرى بعيدة عنهم ، لغات من احتلّوهم ونهبوا خيراتهم . فلا عجب إذا كان منهاج الله لا يمارس في واقع الحياة بين كثير من المسلمين .

ليست القضية شعاراً نطرحه ، فالشعارات اليوم كثرت حتى ملأت الآفاق . ولكنها قضية ممارسة وتطبيق عمليّ منهجي ندعو إليه بإلحاح ، ليكون تدبّر منهاج الله صحبة وعمر حياة ، صحبة منهجية ، في حياة كلّ مسلم . وليس هذا أمر أبتدعه ، ولكنه أمر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومنهج مدرسة النبوّة الخاتمة ، المنهج الذي تعلّمه الصحابة رضي الله عنهم فاتبعوه ومارسوه ومضوا عليه . وما دورنا اليوم إلا أن نذكّر أنفسنا ألاً لنكون أوّل من يتّبع ، ونذكّر غيرنا، ليدرك كلّ مسلم أن هذه القضيّة قضية إيمانية ربانية ، فرض فرضه الله ورسوله على كلّ مسلم .

إنَّ القضية ليست مجرد تلاوة ، ولا مجرد حفظ لكتاب الله ، إنها تلاوة مع التدبر والفهم ومع سائر شروط التلاوة ، وإنها حفظ مع التدبر والفهم وإنها مراجعة وتعّهد مع الممارسة والفهم ، مع دراسة السنّة المطهرة واللغة العربية ، كلّ قدر وسعه وطاقته ، بصورة منهجيّة يمضي بها مع الحياة ، ليجتمع هذا كله في ممارسة إيمانية وتطبيق عملي لمنهاج الله في واقع الحياة . إنها دراسة وتدبر وحفظ وتعهد وممارسة . من أجل ذلك نضع المنهج والنظرية لتيسير تطبيقه.

يقع هذا الكتاب في (216) صفحة ، ونعرض في الباب الأول منه تدبر منهاج الله بين الأمس واليوم ، وبيان أهمية تدبر منهاج الله وممارسته في واقع المسلمين اليوم . تدبر منهاج الله وممارسته مسؤولية كل مسلمٍ مكلف شرعاً ، ونطرح في الفصل الثالث منه إجابة على سؤال : هل هناك مشكلات أو عقبات أمام تدبر منهاج الله ؟! ما هي وكيف نعالجها ؟! 

أما الباب الثاني فيجيء تحت عنوان : خصائص منهاج الله وخصائص الطاقة البشرية ، نعرض فيه الخصائص المميزة لكتاب الله التي تعين المسلم على حسن تدبره ، والخصائص التي يجب أن تتوافر في الطاقة البشرية من أجل تدبر منهاج الله .

أما الباب الثالث فبعنوان : النهج لتدبر منهاج الله مصدره وأسسه وعناصره، نعرض فيه : مصدر النهج والتخطيط لتدبّر منهاج الله وممارسته ، ثم النظرية والنهج : أسسه وعناصره ، ثم نبين منزلة الصحابة رضي الله عنهم ومن اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما الباب الرابع فيأتي بعنوان : الوسائل والأساليب ، الوسائل المساعدة لتدبر منهاج الله وممارسته ، والأساليب المساعدة أيضاً لتدبر كتاب الله وممارسته، ثم الشروط والخصائص لتمحيص التدبر والفهم وعدم الانحراف إلى تأويل فاسد .

أما الباب الخامس فنذكر فيه نماذج وأمثلة من الانحراف والخطأ في فهم منهاج الله وتدبره ، ونختم الكتاب بكلمة خاتمة .