الجماعة وتحولاتها
عمر كوش
الكتاب: الجماعة وتحولاتها التجربة السياسية العربية الإسلامية في فكر رضوان السيد
تأليف: شمس الدين كيلاني
الناشر: الشبكة العربية للدراسات بيروت 2009
الصفحات: 335 صفحة
القطع: الكبير
يعتبر شمس الدين كيلاني في كتابه الجديد «الجماعة وتحولاتها» أن اهتمامات رضوان السيد وأبحاثه الفكرية توزعت حول ثلاثة محاور أساسية، موضوعها الرئيس هو «سياسات الإسلام». ركّز على تفحص التجربة السياسية الإسلامية في العصر الوسيط، في حركتها الفعلية وانبساطها في التاريخ، وفي مفاهيمها الأيديولوجية والنظرية التي عبرت فيها السلطة ورجالها عن رؤيتها للشرعية والتاريخ من جهة.
كما أعطت أيضاً القوى الاجتماعية، من مواقعها المختلفة، صورتها عن نفسها ونظرتها في السلطة، وقراءاتها للنصوص التأسيسية المقدسة من جهة أخرى.
وتوجه الباحث نحو تحليل ونقد تجربة الإسلام المعاصر في وجهيها الحركي والنظري، في سياق تحولاتها المتلونة التي مرت بها في مراحلها المختلفة، ابتداء من الإصلاحية الإسلامية المنفتحة على العالم في حقبة النهضة، وانتهاء بالحركات الإسلاموية الاعتراضية، بأوهامها عن نفسها وعن العالم المليئة بالمرارة والخصومة. و توقف المؤلف عند تصورات رضوان السيد للمستقبل الممكن والمستحيل الذي يتأرجح بين التصالح مع العالم والتاريخ، أو التخاصم مع الذات والعالم.
وبالرغم من اتساع دائرة الموضوعات الثقافية والتاريخية التي تناولها رضوان السيد في أبحاثه، إلا أن الإسلام والسياسات الإسلامية، قديماً وحديثاً، هي المواضيع المحورية لأبحاثه برمتها، لذلك توقف عند القضايا التي أثيرت فيها مسألة الشريعة والسلطة، وعلاقة الدين بالدولة، اتسم كل منها بمواصفات الأزمة.
غير أن الدعوات المتتالية على امتداد مراحل كبرى من التاريخ العربي الإسلامي، الأموية، العباسية، السلجوقية، المملوكية، وما بعدها، والتي اختصرت الدعوة فيها على نزع صفة الإسلامية من السلطة، تولد انطباعاً وكأنما الحكم بالشريعة في دار الإسلام ظاهرة عارضة وسلبية، في ما عدا بعض النقاط المضيئة التي يتركز أكثرها في عصر الراشدين، وعمر بن عبد العزيز، ثم أثناء الصولة على الصليبيين أيام النوريين والصلاحين.
ورأى السيد أن تلك الإشكالية لم تطرح بقوة إلا تعبيراً عن أزمة تطور، يواجهها الاجتماع السياسي العربي ـ الإسلامي، فاتجه بذلك إلى تفحص جذور الأزمة عبر دراسة تطور علاقة السلطة بالشريعة والدين والسياسة، في الاجتماع السياسي العربي، ليكشف من خلال ذلك، عن سر هذه العلاقة في صورتها الفعلية، أو ما علق بها من أوهام أيديولوجية.
وبخصوص العلاقة مع النص، يلاحظ المؤلف أن رضوان السيد قد اعتنى بالنص عناية خاصة على قدر حذره منه، وجاءت أبحاثه كي تقدم تحليلاً موضوعياً للعالم المصطلحي للنص السياسي الإسلامي، وتميط اللثام عن وجود منظومة سياسية إسلامية متكاملة تمكّن مقاربتها من خلال المصطلحات المفاتيح التي تربط وشائج هذه المنظومة.
ويتم فهم المصطلح وتتبعه في تاريخ الجماعة من خلال الوظيفة التي يؤديها في المنظومة. وقد بقي النص الإلهي بوصفه الحقيقة الأساسية في الجماعة الإسلامية التي منح وجودها شرعية متعالية. ودار صراع طويل عبر القرون حول المؤسسة البديلة التي يمكن أن ترث النبي (ص) في تأويل النص.
وفي أبحاثة المتعلقة بالمسألة السياسية في الإسلام، اهتم السيد بتفحص إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، والشريعة والسلطة، وهل هناك من علاقة اندماج بين السلطتين الدينية والسياسية، أم علاقة استقلال وتجاذب؟ ثم الإضاءة على التحولات التي طالت السلطة في سياق علاقتها بالمؤسسة الدينية وبالمجتمع، ومن ثم إماطة اللثام عن التحولات التي أصابت مفاهيم الشرعية.
وعلاقة السياسي بالتشريع/الديني، واستقلال المؤسسة السياسية عن المؤسسة الدينية، والتحولات التي وسعت من حدود هيمنة السلطة وتشريعاتها المدنية- السلطوية على الشريعة والقواعد الفقهية أيضاً. كما تناول أشكال تجليات هذه الانزياحات في مجال القضاء، وعلى مفهوم الجهاد وصورة الشرعية ومفاهيمها، مروراً بالكشف عن الحامل الاجتماعي (العصبية) للسلطة.
وعاين تلك المواضيع ومثيلاتها وتفرعاتها في سياق الجدلية التاريخية التي اتخذتها العلاقة بين «النص» والممارسة الاجتماعية السياسية للإجماع السياسي العربي الإسلامي. ولم يُغرق نفسه في حيثيات النصوص من دون الإضاءة على تاريخها وارتباطها الكبرى بالسياسة والاجتماع والثقافة والدين.
* المؤلف في سطور
شمس الدين الكيلاني، كاتب وباحث سوري. يكتب في الصحافة والدوريات العربية، ويتناول في كتاباته مواضيع شتى في الثقافة العربية الإسلامية، والحركات الإسلامية، والإسلام السياسي. وصدر له العديد من الكتب والدراسات، منها: «صورة أوروبا عند العرب في العصر الوسيط، 2004»، و«المثقف العربي والتحول إلى الديمقراطية، 2005»، و«مفاهيم حقوق الإنسان والدولة في الإسلام، 2005»، و«رمزية القدس الروحية ؟ قداسة المكان، 006»، و«الإسلام وأوروبا المسيحية ؟ من القرن الحادي عشر إلى نهاية القرن العشرين، 2007».