جواز سفر جوان فرسو إلى دنيا الشعر
جوان فرسو
زاكروس عثمان
يدخل جوان فرسو دوحة التأليف شاعراً , يحمل بين دفتي كتابه المعنون ((تلك التي)) باقة من قصائد الشعر الحديث، من حيث البناء العضوي لجسد القصيدة , ومن حيث المضمون , ليتخذ الحب من القصيدة الأولى حتى الأخيرة رمزاً لكل هواجسه الفكرية والعاطفية , وكأني به من خلال الحب يريد أن يقول أشياء كثيرة لا يستطيع الإفصاح عنها . يجيد فرسو سرد همومه الخاصة بأسلوب هادئ , متزن , مليء بالنجوى والأشجان الأثيرية وهو يخاطب الحبيبة بصيغة الغائب , وتارة أخرى يروي حبه لها , فإذا به يجذبنا من همه الخاص إلى همنا العام دون الوقوع في فخ المباشرة , إنه يروي معاناة أناس مزروعين في نخاعه الشوكي لا يستطيع سلخهم عن جلده،يقول:
لمتينا في ذاكرتي ألواح من البرد القارس
والحب القارس
لمتينا ذكرى حمل أغصان القزوان بيد
والخلاص بالأخرى
( ص : 71 )
يدخل فرسو حديقة الشعر بتؤدة مع الأرق الأول والأرق الثاني , وهو يتأهب ليعلن عن قدومه في الظل الثالث حيث نتنسم شذى الشعر آتياً مع جوان من السلمية يقول :
لا تدع فراشاتها تحترق كلما اقتربت قبل أن ترسم ذواتها
في لهيب الانتظار..
( ص :22 )
وسرعان ما تنضج الموهبة في الغياب الرابع , حين يتحرر فرسو من تكرار قصص حبه ,وينطلق صوب فسحة شعرية أوسع , لينظم همومه على وقع الغبار الذي يلف روحه ويصير مدينته عامودا غباراً، يقول :
للوجع في عامودا عمر الخلود
( ص : 26 )
ويمضي فرسو في عفوية مصقولة منسابة بخطواته الأولى والتي لا تخلوا من بعض العثرات , وهذا شيء طبيعي , فكل تجربة تحتاج إلى المران والمماحكة والمثابرة حتى تثمر نضوجاً فقد أكثر جوان من تكرار مواضيع الحب دون أن يقدم مشهداً جديداً فيها وهذا ليس محبباً في الشعر كثيراً , لعل ذلك جعل شكل بناء بعض قصائده يتأرجح بين القصيدة الحديثة وقصيدة النثر أي مزج النظم و السرد والخطابة حيث نجد ضمن القصيدة الواحدة مقاطع شعرية وأخرى نثرية, فهل تعمد فرسو هذا الأسلوب كمحاولة منه منذ البداية أن يميز نتاجه الشعري بلون يخصه حتى تكون له تجربته المميزة، والتجربة فرصة لاكتشاف قدراتنا لنرى ماذا يمكن مستقبلاً لعمل أفضل.
كل التوفيق والنجاح للأستاذ جوان.