نزاع حول قصة شيري جونس
نزاع حول قصة شيري جونس
محمد هيثم عياش
لم يحظى كتاب يتحدث عن شخصيات لعبت دورا بارزا في التاريخ الانساني ولا سيما في التاريخ الاسلامي بانتقادات وضجيج واسع مثل الكتب التي تناولت الاسلام بعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001 والتي تحمل في أكثر صفحاتها عداء وتحريضا على هذا الدين مثل ما حظي كتاب تناول قصة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمولفه الكاتبة الامريكية شيري جونس الذي نزل الى الاسواق الالمانية مؤخرا وعرضته الكاتبة أمام جم من محبي الثقافة والمعادين والمؤيدين للاسلام مساء يوم الخميس من 30 تشرين أول/اكتوبر في أكادينية الفنون في العاصمة برلين بتنظيم من أحد مسيحيي مصر ولبنان / الاقباط والموارنة / . أحدثت هذه القصة التي تحمل عنوان / عائشة كريمة المدينة / فهذا الكتاب الذي نشرته دار نشر / رومدوم هاوس/ الامريكية وقامت بسحبه من الاسواق خشية غضب المسلمين لأنه يؤذي مشاعرهم قامت دار نشر / بيندو / في مدينة ميونيخ التي تحلو لها بين الحين والاخر ومن أجل كسبها الشهرة بترجمته وتوزيعه نشر كتب تحمل طابعا معاديا للأديان وخاصة الدين الاسلامي . وتساءلت جونس حول أسباب الغضب على كتابها علما بأنها استندت في روايتها الى حوادث التاريخ الاسلامي ، مشيرة بأن السيدة عائشة / رضي الله عنها / كانت أكثر نساء النبي صلى الله عليه قربا اليه ومحببة له وان قصة حب بينهما كانت عميقة للغاية ، كما روت الكثير عنه وساهمت بتوعية المسلمين حول دينهم بعد وفاته ، نافية في الوقت نفسه ان تكون قصتها جاءت من أجل الشهرة بعد أن كانت مغمورة وانها لم تكن في نيتها كتابة هذه القصة لتنضم الى قائمة المؤلفين المسهزئين بالاسلام مثل صاحب قصة / آيات شيطانية / سلمان رشدي أو تسليمه نسرين والسوري ملحم ملحم وغيرهم ، معلنة بأن النساء في العصر الاسلامي الاول كان لهن دور بارز في الدعوة الاسلامية فقد شاركن في الحروب والتوعية والدعوة الا أن نجمهن أفل بعد العصور الذهبية للاسلام وانتشار التطرف وما شابهه رافضة في الوقت نفسه تلك الانتقادات التي تعرضت لها تتهمها بإحداث فتن جديدة بين العالمين الاسلامي والمسيحي بعد أن هدأت عاصفة صور السخرية / الكاريكاتور/ التي نشرتها بعض الصحف الدانماركية وغيرها في اوروبا مؤكدة احترامها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وحبها للسيدة عائشة رضي الله عنها . ومن خلال قراءة عاجلة وموضوعية لكتابها ومن أجل مناقشتها وانتقادها لكتابها تبين بأن فقرات كثيرة في الكتاب مأخوذة من أوهام فئات من الشيعة الذين ينظرون الى السيدة عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تبغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لتحريضها بالمطالبة بدم أمير المؤمنين عثمان بن عفان الذي قتل مظلوما وقام بطلب دمه وتسليم قتلته أجلاء الصحابة ، فقد زعمت المؤلفة بأن الغيرة كان لها دورا بارزا في الحياة السياسية والاجتماعية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد رفض الصديق رضي الله عنه اعطاء ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لورثته من خلال قوله / نحن معشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة / كما زعمت المؤلفة بأن السيدة عائشة خالفت أوامر النبي بالتزام بيتها بعده وذلك جراء خروجها للتحريض بطلب دم عثمان في معركة لجمل وادعاء بعض مؤرخي الشيعة بأن عليا / كرم الله وجهه / أراد تطلقها وفصلها عن أمهات المؤمنين . ويعتقد استاذ اللغة العربية ومادة الاسلام في جامعة مدينة هامبورج جيرنوت روتر 73 عاما الذي عاش في بيروت ودمشق مديرا لمعهد جوته للغة والآداب الالمانية ويستظهر القرآن ويؤكد بأنه نصف مسلم بأن القصة معادية للاسلام ومؤذية لشعور المسلمين وبالتالي فهي قصة تنضم الى القصص الخيالية التي تناولت شخصيات اسلامية من اجل النيل منها فالسيدة عائشة رضي الله عنها بالرغم من منزلتها الخاصة لدى الرسول صلى الله عليه وسلم لم تطالب بدم عثمان من فراغ فالمطالبة مستندة الى القرآن الكريم والسنة النبوية وجلة الذين قاموا بالتحريض عليه وقتله لم يكونوا عربا نافيا في الوقت نفسه أي غيرة ونزاع على القوة بين عائشة وعلي رضي الله عنهما معتبرا القصة مأخوذة من وحي شيطانيات سلمان رشدي ولا تستند الى الوقائع التاريخية التي اتفق الجمهور العام من علماء ومؤرخي الاسلام الذين يعتبرون أكثر الامم محافظة على رواية وقائع التاريخ الاسلامي ويبتعدون بأخذ الرواية عن اولئك الذين تحوم الشبهات عليهم بعدم صدقهم فالاسلام عانى الكثير من الدسائس ولا سيما تلك الدسائس والافتراءات التي كادت ان توقع الحرب بين الاسلام والمسيحية من جديد عقب حوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 مثل الدسائس التي كانت وراء الحروب الصليبية . ورأى الفيلسوف والمستشرق شتيفان فايدنر مدير تحرير مجلة / فكر وفن / التي تصدر عن معهد جوته الذي درس العربية في دمشق وبيركلي وبون ، بأن القصة لا تحمل في طياتها عداء للاسلام موضحا ان الكتاب يأتي وكأن كاتبته تدعو الى الاسلام بشكل عاطفي انثوي بالرغم من أنها غير مسلمة معلنا بأن مشكلة المسلمين الذين يغضبون لرواية وكتاب ما عن الاسلام تكمن بأنهم لا يقرأون وسبب غضبهم يكمن بأنهم يستمعون لآراء الذين يحملون فكرا متطرفا بالرغم من أن هؤلاء لا يقرأون الجديد عن الاسلام بشكل جلي مثل غضب المسلمين على محاضرة زعيم الفاتيكان بينديكت السادس عشر في جامعة بايرويث الالمانية عام 2006 اذ انهم استندوا في غضبهم الى فقرة صغيرة منه ولم يستمعوا ويقرأوا محاضرته بشكل جلي معتبرا الحملة الاعلامية على الاسلام م بعد انهيار جدار برلين والانظمة الشويعية في اوروبا مرورا بحوادث 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001 والى وقتنا هذا وراء غضب المسملين على كل جديد يصدر عن الاسلام على حد آرائهم .
ويقع الكتاب من حوالي 448 صفحة ويصل ثمنه الى 20 يورو.