رواية (ميج وميراج) .. ومفاتيحُ نَكْسة
رواية (ميج وميراج) .. ومفاتيحُ نَكْسة
الباحث / محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة
رغم كونه أستاذي، لم أعرفه إلاَّ كاتباً سياسياً وَمُنَظِّراً تربوياً، وحسبتُ أن هذين المجالين اللذين بَرَعَ فيهما قد ملآ عليه فكرَهُ واستحوذا على اهتمامه، فلا يُحسِنُ غيرَهُما ولو أراد.
ولم أتوقَّع ولم أنتظر أن يمتلك أستاذي الدكتور/ خالد أحمد الشنتوت هذه المقدرةَ الأدبية الراقية في فن القصة، وهذا الأسلوبَ الممتع في سردها، وهذه الحيويةَ النابضة في نَظمِ حِوارِها.
ورغم أن رواياته (مئذنة ودبابة) و(دماء على الجولان) و(ميج وميراج) - وهي حديثنا - من مجموعة كتابات قديمة لديه، إلاَّ أنَّ ظروفاً حالتْ دون نشرها.
وفي روايته (ميج وميراج) ترى هذا المزجَ الفريدَ بين واقع الحادثة وخيال السيناريو، بين المادة الوثائقية، وطريقة العرض الفنية، وتدهش لهذا التنقُّلِ السَّلِسِ بين اللَّقطاتِ المُصَوَّرة الحَيَّة، ولا تَملِكُ إلاَّ الإعجابَ بهذه المخيِّلةِ الخَصبَةِ البريئة من الشَّطْح، وهذا التَّدَفُّقِ التعبيريِّ البريء من التَّكَلُّف.
لقد استطاع الأستاذ/ خالد الشنتوت وبجدارة أن يُقعِدَنا على كراسيِّ المسرح الرَّهيبِ الذي مَهَّدَ لِنَكسَةِ 1967م، والذي بَرَعَتْ في تأليف فُصُولِهِ وتمثيلِها أجهزةُ الصهيونية العالمية، بعقولها الماكرة، وأصابعها الطويلة، وساعدها - وبلا مقابل - واقعٌ داخليٌّ دكتاتوريٌّ مُرّ، تباركُهُ ديمقراطياتٌ غربية مزدوجةُ المعايير، لِنُقَوِّمَ بأنفسنا عِوَجَ الممارسة، ونستكشفَ بواطنَ التجربة ونتلَمَّسَ عِلَلَها، وَلِنتَذَوَّقَ في النهاية مَرَارَةَ النتيجة، وَنَتَدبَّرَ بإيمانٍ قولَ الحَقِّ (إنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم).