حمدي أبو جليل الجبرتي الجديد في مصر
القاهرة شوارع وحكايات
هشام الصباحي
إذا أردت أن تعرف أن الشوارع التي تدوس عليها بقدمك هي ليست مجرد أتربة وأرصفة بل هي تاريخ طويل وحكايات مهمة وأيضا البيوت والمباني التي تنظر إليها من الخارج أو تسكن فيها ليست مجرد طوب واسمنت وحجارة وأبواب ونوافذ بل هي كائنات حية لها أنفاس وتفوح منها رائحة أبطال وشهداء وخونه ووطنيين لذا أنت تحتاج أن يكون بين يديك كتاب الصحفي والروائي حمدي أبو جليل القاهرة شوارع وحكايات
الكتاب كبير الحجم يقع فى528 صفحة من القطع الكبير صادر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب . يقسم القاهرة إلى أربعة أجزاء أو لو شئت مراحل تاريخية الأولى القاهرة الفاطمية الثانية القاهرة الخديوية الثالثة مصر القديمة الرابعة جزر وامتدادات
مع حمدي ستجد كل الموضوعات مختلفة تماما عن تصوراتك . فهو لا يصف مباني وشوارع لا يتحدث عن طرق وممرات وحجارة وطوب هذا راجع إلى طبيعة حمدي الثقافية والإبداعية حيث هو قارئ موسوعي وأيضا روائي جيد متصل بجذوره وتجاربه حيث صدر له من قبل روايته المهمه لصوص متقاعدون سوف تجد أن الطرق لها تاريخ والحجارة تنبض بالحياة الموضوع في إجماله تاريخ من لحم ودم ومؤامرات وصعود دول وسقوط ملوك وثورات وتغيرات سياسية كما يعطينا حكمته الأساسية والتي تكون محور الكتاب وهوأن الشوارع مثل الناس تهمش وأحيانا تدمر ( الكتاب ص 29)
هذا الكتاب هو إعلان عن ميلاد ووجود مؤرخ جديد في القاهرة ربما نستطيع أن نقول أننا بصدد جبرتي جديد أو مقريزى كما نشكر الله أن هذا الاكتشاف جاء في توقيت مناسب تماما حيث فقدنا في اقل من ثلاث شهور أربعة من أهم رجال الثقافة في مصر هم جمال بدوى كواحد من أحب الكتاب إلى القراء وأروعهم في إعادة حكى التاريخ وكتابته وتبسيطه و المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق الذي يعتبر أهم مرجع تاريخي في مصر في القرن العشرين والناقد الجميل رجاء النقاش والكاتب الصحفي الإنسان مجدي مهنا
الأمر المدهش أن هذا الكلام أو القدر لا يشعر به حمدي نفسه حيث انه
يعمل دون أن يدرى انه يقدم إلى مصر والقاهرة خدمة مهمة ومرجع تاريخي
كل يوم يمر عليه سيزداد أهميه حتى انه لا يفكر هل هو مناسب لهذا المشروع أم لا وهو يعترف انه
كان ومازال مجرد صحفي كسول أرادوا أن يستفيدوا منه فدفع دفعا إلى الشوارع ليعرف ونعرف معه أن الأمر مختلف حيث اكتشفنا أننا لا نرى و أن لأعضائنا وخاصة العين شكل جديد عند استعمالها وأنها كانت معطلة طوال حياتنا هو أعاد للعين بصريتها الحقيقية بشكل جديد. ترى وتسجل وترى مالا يراه الآخرون اكتشفنا معه أننا كنا عميان نحمل عيون مفتوحة ولا ترى
لم ينسى حمدي انه روائي حكاء بالفطرة لذا سوف تحصل على الدفء والمتعة حتى انك ربما تجد نفسك مدفوعا إلى الذهاب إلى بعض الأماكن التى يتحدث عنها الكتاب وتقابل أصحابها مثل المعلم خليل القهوجي في الأزهر أو الحاج جابر الطاهر في ش بورسعيد وعندما تنتهي من قراءة الكتاب وسوف تمسك نفسك على وجهك ابتسامة رضي عن فعلة حمدي أبو جليل في هذا الكتاب كما تكون على يقين أن الراحل الكبير نجيب محفوظ لابد أن يكون هو أيضا راضى تماما عن حمدي أبو جليل حيث انه وجد واحد من أبناءه يهتم بمعشوقته القاهرة وكل شبر فيها.